يتحدثون في أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الغربية عن السيارات التي تقود نفسها ولا تحتاج إلى سائق! وقد تلقف بعض المغردين عندنا في تويتر هذا الخبر وابتهجوا به أيما ابتهاج واعتبروا أن مشكلة قيادة المرأة للسيارة قد حُلَّتْ ولله الحمد، وهي المشكلة الأزلية الهزلية التي لازالت تشغلنا منذ عقود عديدة وليس فقط خلال السنوات الأخيرة كما يعتقد البعض.
إذا كانت هذه السيارات عملية وليست مجرد إنجاز تقني بتطبيقات محدودة فإن هذا سيكون جيداً ليس لأنه سيحل عقدة قيادة المرأة للسيارة كما يتوهم البعض ولكن لأنه سيحل مشاكلنا نحن السعوديين مع السائقين الأجانب الذين دخلوا في تفاصيل حياتنا الأسرية واستنزفوا مداخيلنا الشهرية بما نصرفه عليهم من رواتب وعلاوات و»براطيل» تشجيعية لكي لا يهربوا إلى عائلات أخرى تدفع لهم أكثر مما نفعل.
لو تحول هذا الإنجاز التقني المحدود إلى منتج فعلي عملي ورأينا السيارات التي تقود نفسها تجوب شوارعنا بعد برمجتها بخط السير فربما سوف يقل عدد السيارات المجنونة التي يقودها بشر لا يعترفون بأنظمة المرور ولا يلتزمون بها. وبالطبع ستكون هناك ضحايا كثيرة من السيارات الجديدة التي تقود نفسها بحكمة وعقل وأدب لأن السيارات التقليدية الطائشة سوف تسقط على خطوط سيرها وتفتك بها مثلما هي الحال عندما يقود شخص سيارته بأدب وحكمة وعقل ثم يجد نفسه فريسة للسيارات المتهورة في شوارعنا التي يسودها منطق الغاب. ولكن بمرور الوقت ربما سوف تتعلم تلك السيارات الجديدة التي لا ينقصها ذكاء الأجهزة ذات التقنية العالية كيف تتعامل مع السيارات المتهورة وتتفوق عليها في ارتكاب المخالفات وتجاوز السيارات وقطع الإشارات المرورية وعكس السير بعد أن يتم تزويدها ببرامج كمبيوترية خاصة بمسميات محلية مثل «برنامج من سبق لبق» أو «برنامج إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب» أو غير ذلك من المسميات التي تعكس بيئتنا المحلية التي يحلو لنا دائماً وصفها بـ»الخصوصية السعودية».
أما الذين فرحوا بهذا المنجز لأنه سيقضي وإلى الأبد بحسب زعمهم وأمانيهم على مطالبات المرأة بقيادة السيارة فلن يفرحوا طويلاً لأن المرأة السعودية خرجت من القمقم وصارت طبيبة وعالمة ومهندسة وأستاذة جامعة ومخترعة وعضو مجلس شورى وقريباً ستكون عضواً منتخباً في المجالس البلدية؛ أي أنها صارت بشراً كامل الإنسانية ومواطناً يملك جميع الحقوق التي يمنحها الوطن لمواطنيه وسوف تطالب بالكثير والكثير مما هو أهم من قيادة سيارة أو قيادة دابة.