فشل البرلمان العراقي مجدداً أمس الأحد في انتخاب رئيس له رغم تقدم القوى السنية بمرشحها لهذا المنصب وطلبها التصويت عليه، وأعلن عن اجتماع جديد يوم الثلاثاء المقبل، في جلسة طغت عليها الخلافات وغلبت عليها الفوضى الدستورية. وفيما كان البرلمان يخفق للمرة الثانية في أولى استحقاقاته، ويؤخر بذلك عملية إطلاق مسار تشكيل حكومة جديدة، تقدم مسلحو الشعائر الذين يسيطرون على مناطق واسعة من العراق منذ أكثر من شهر خطوة إضافية في زحفهم نحو بغداد من جهة الشمال.
وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس جلستي البرلمان الأولى والثانية لكونه أكبر الأعضاء سناً، بحضور رئيس الوزراء نوري المالكي، «ادعو إلى التشاور قبل أن يتخذ قرار، فليس من الصحيح أن نصوت اليوم ونحن مختلفون، لا تستهينوا بهذه المسألة».
ثم رفع الجلسة بعدما قال «طالما هناك رغبة بالتأجيل، فلنؤجل. الاقتراح أمامكم، تؤجل لمدة يومين، يوم الثلاثاء الاجتماع هنا». ورفعت الجلسة رغم رفض «تحالف القوى العراقية» الذي يضم القوى السنية الرئيسة هذا التأجيل بعدما أعلن عن تسمية النائب عن محافظة ديالى سليم الجبوري لرئاسة البرلمان، مطالباً بالمضي في التصويت ورافضاً ربط هذه المسألة بالتوافق السياسي.
وقال رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي أبرز السياسيين السنة في العراق في مداخلة خلال الجلسة التي حضرها 233 نائباً من بين 328 «تقدمنا بمرشح ويجب أن نصوت عليه الآن، لا نقبل بأي تأخير ولو لساعة واحدة، وإذا كان هناك مرشحون منافسون فليكن». ويظل تمسك نوري المالكي بمنصبه المشهد السياسي في العراق، بعدما أكد أنه لن يتنازل «أبداً» عن السعي للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة. ويطالب خصومه السياسيون وبينهم السنة كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة مستنداً إلى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى (92 نائباً).
وربط نواب مقربون من المالكي اليوم التصويت على رئاسة مجلس النواب بالتوافق على رئاسة الوزراء، أي الموافقة على بقاء المالكي على رأس الحكومة لأربع سنوات جديدة. وقال النائب حسين المالكي المنتمي الى كتلة رئيس الوزراء في تصريح لوكالة فرانس برس «نحن نؤيد انتخاب رئيس مجلس نواب مؤقت من أجل تسيير أمور البلد وأهمها الموازنة بسبب عدم التوصل إلى تسوية سياسية حول مرشح لرئاسة مجلس النواب». وشدد من جهته النائب عباس البياتي المنتمي إلى كتلة المالكي أيضاً في مداخلة خلال الجلسة على ضرورة «أن نلتزم بتقديم الرئاسات الثلاث بسلة واحدة». وبحسب العرف السياسي المتبع في العراق، فإن رئيس الوزراء يكون شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً، ورئيس الجمهورية كردياً. وينص الدستور على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس، وهي الجلسة التي انعقدت في الأول من تموز/يوليو الحالي وفشل خلالها النواب في انتخاب رئيس للبرلمان بحسب ما ينص الدستور.
ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ التكليف. وانعقدت جلسة اليوم وسط ضغوط دولية وداخلية لتحقيق تقدم على صعيد الرئاسات الثلاث. وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف دعا البرلمان السبت الى انتخاب رئيس له في هذا الجلسة، معتبراً أن «الإخفاق في المضي قدماً في انتخاب رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للدولة وحكومة جديدة يعرض البلد لمخاطر الانزلاق في حالة من الفوضى».
وفيما تزداد الأزمة السياسية عمقاً، يواصل مسلحو العشائر زحفهم نحو بغداد حيث سيطروا اليوم على جزء كبير من ناحية الضلوعية الواقعة على بعد نحو 90 كلم شمال العاصمة في هجوم قتل فيه ستة من قوات المالكي، وفقاً لمصادر محلية وأمنية. ويسيطر مسلحو هذه التنظيمات على عدة مدن في الأنبار وعلى مناطق واسعة من محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى إثر الهجوم الكاسح الذي شنوه قبل أكثر من شهر.