داعش في سوريا تقاتل كل الثوار، بما فيهم الحركات المتأسلمة، حتى (جبهة النصرة) القاعدية، لكنها لم تطلق رصاصة واحدة نحو جيش الأسد.
في العراق، تقاتل مع العشائر، وتقاتل أيضاً المالكي حليف الأسد وإيران ؛ أي أن داعش في العراق على النقيض من داعش في سوريا..
فماذا يريد الداعشيون، وما هي أهدافهم؟.. هذا هو السؤال المحير!
أحدهم قال: هي حركة مدعومة من (السي آي إي) مثلما كانت فصائل المجاهدين في أفغانستان مدعومة من قبل السي آي كما هو معروف. قلت: أمريكا دعمت المجاهدين والهدف إسقاط ندهم القوي آنذاك (الاتحاد السوفييتي)، فما هو هدف السي آي إي لتدعم داعش، ونحن نعرف أن الأمريكيين لا يُناصرون أحدا إلا وفق مصالحهم؟
كما أن الأمريكيين جعلوا من (الإرهاب) نداً لهم، وخطراً عليهم، يسعون علناً إلى حربه والقضاء عليه كما فعلوا أبان كان الاتحاد السوفييتي نداً لهم قبل أن يتفكك.
فكيف يدعمون، فضلاً عن أن يُوجدون، عدوهم؟
قال: هدف أمريكا ليس القضاء على الإرهاب، وإنما الحرب على الإسلام.
قلت: في أمريكا أكثر من ثمانية ملايين مسلم أمريكي، جميعهم هاجروا إليها ولم يكن فيها مسجد واحد، وفي الولايات الأمريكية الآن أكثر من 2000 مسجد، وتقول الأرقام الإحصائيات: إن 80 % من الأمريكيين المسلمين البالغين منحتهم السلطات الجنسية الأمريكية، و 15 % من المسلمين الأمريكيين هم من الجيل الثاني؛ وتخصم سلطات الضرائب في كل ولايات أمريكا بلا استثناء، المعونات المقدمة للمساجد من الوعاء الضريبي للأشخاص والمنشآت التجارية، أسوة بالكنائس، وهذا من أهم مؤشرات الدعم في المجتمع الأمريكي.
فكيف تحارب من تدعمهم؟.. هذا تناقض لا يستقيم مع أي منطق؛ ولا يقول به ولا يُردده إلا العوام وأشباههم!.. ومن أخطر المخاطر أن تشعر بالألم، ثم تقرر أنت أن الألم سـببه فيروس، في حين أن سببه جرثومة ما زالت تتسرب إلى جسدك من خلال غذائـك.. وكما يقـول الأطباء: شخيص المرض أول العلاج.
وكنت أقول: داعش ربما أنها صنيعة المخابرات الإيرانية، وسبق أن كتبت عن هذا الاحتمال، إلا أن ما فعلته داعش في العراق، وحلفها مع العشائر السنية لإسقاط نظام المالكي، وهو صنيعة إيران، ويدين لهم، وفتح خزائن العراق وشعبه لدعم الأسد والإيرانيين في حربهم ضد لشعب السوري، يجعل هذا الاحتمال مستبعداً، خاصة وأن الإيرانيين دخلوا إلى العراق علانية للدفاع عن المالكي ونظامه، وكذلك نظام الأسد، وطائراتهم تفذت أكثر من عشرة آلاف طلعة، تلقت مدينة الموصل، عاصمة الخليفة الداعشي، نصف هذا العدد.
هناك احتمال لا يمكن إغفاله مؤاداه أن المخابرات الإيرانية هي التي أوجدت داعش في سوريا لدعم الأسد، وضرب الثوار من داخلهم، في البداية، ثم تمردت عليها في العراق. وهذا احتمال وارد بالمناسبة، فالمخابرات الأمريكية هم من أوجدوا في أفغانستان ما يسمى الجهاد الإفغاني، وشحنوا المجاهدين من كل أرجاء العالم الإسلامي، وكان الرئيس الأمريكي «رونالد ريجان» يسميهم حينها (المجاهدين الأبطال)، غير أن الثعبان ارتد على صاحبه، وضرب أمريكا ضربة موجعة في حادثة 11 سبتمبر الشهيرة؛ وربما أن الإيرانيين يرتكبون ذات الخطأ؛ فالحرب الأهلية في سوريا والحرب الأهلية في العراق، ستستمر سنوات وسنوات، وكل المؤشرات تقول إنها ستستنزفها كثيراً، وهناك احتمال وارد - أيضاً أن يؤدي هذا الاستنزاف بنظام الملالي إلى السقوط.
والسؤال: هل ثمة احتمال آخر؟، ربما، لكن ليس لدي الآن إلا هذا الاحتمال حسب المعطيات المتوفرة في الساحة.
إلى اللقاء.