حين تقوم مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع خلال العطلة الصيفية بتدريب الطلاب الموهوبين على إجراء التصاميم للمبتكرات الهندسية المختلفة التي تسهم في ازدهار ونمو المجتمع فذلك هو الدور المنتظر من هذه المؤسسة ومن غيرها من المؤسسات التربوية والتعليمية.
ففي السابق كانت هناك برامج ومعسكرات صيفية كثيرة لا نفع فيها بل كانت مضرة لأنها حشت رؤوس الطلاب بأفكار عدائية ضد المجتمع وضد الحياة وضد الحضارة الإنسانية وأنتجت لنا أجيالاً تغلب عليها سمة التشدد والتعقيد وغرست فيها ثقافة كراهية الآخرين.
وقد قرأت في «الجزيرة» محتوى البرنامج الذي تنفذه المؤسسة في بعض المدارس بالرياض والذي يتضمن تدريب الطلاب الموهوبين على تصميم سيارة تعمل بالطاقة الشمسية وتصاميم أخرى، واتضح من تصريحات المسؤولين أن هذا البرنامج يهدف إلى تنمية مواهب الطلاب المتميزين وتطوير قدراتهم وملكاتهم وتوجيهها لما يخدم احتياجات المجتمع.
وقد تم تصميم هذا البرنامج الرائع بحيث يتيح للطالب أن يتعرف على المفاهيم العلمية الضرورية في أحد المجالات التي يختارها وهي أربعة مجالات. المجال الأول هو العلوم والهندسة، والمجال الثاني هو الاختراعات، والمجال الثالث هو الروبوت، والمجال الرابع هو الإحصاء والأرقام.
سوف تتيح هذه الأنشطة للطلاب استكشاف قدراتهم الذهنية الكامنة وتوجيهها نحو المجالات الواعدة التي تحقق الاستثمار الأمثل لتلك القدرات، وهذا ما فعلته دائماً المجتمعات الصناعية المتقدمة. ويرد إلى الذهن النموذج الياباني الشهير الذي اقتبسته اليابان من ألمانيا، وقد دخلت على الخط في العقود الخيرة دولٌ جديدة مثل كوريا الجنوبية.
لقد استطاعت هذه الدول أن تقفز إلى الصفوف الأولى في مجالات التقدم لأنها نجحت في استثمار عقول أبنائها وأصبحوا علماء ومخترعين وبشراً منتجين في شتى المجالات حتى البسيط منها! فالعامل الياباني أو الكوري البسيط الذي يعمل في مصنع للسيارات أو في تشييد ناطحة سحاب أو في ورشة صغيرة عادية يؤدي دوره بكفاءة متناهية ويحصل على دخل مجزٍ لأنه يقدم قيمة مضافة حقيقية ولا تكون إنتاجيته بالسالب وعمله ليس سوى بطالة مُقَنَّعة.
لازال الدور المطلوب من مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع أكبر مما قدمته، مع التقدير لكل ما قدمته. نريد من المؤسسة أن يتكثف دورها وأن يغطي مساحة المملكة بجميع مناطقها بشكل فعلي لا رمزي. مجتمعنا في سباق مع الزمن لكي نلحق بالمجتمعات المتقدمة الأخرى، ولكي يتحقق ذلك نحن بحاجة إلى المبدعين وأصحاب المواهب من أبنائنا وبناتنا وهذا دور المؤسسة.