عقاب عادل

تبرز بعض الظواهر الاجتماعية لفترة من الزمن ثم تختفي، وغالباً ما تكون تلك الظواهر مستحدثة ومستوردة؛ إلاَّ ظاهرة التفحيط فهي -على ما يبدو- سعودية الأصل والمنشأ والولادة وهي أيضا عصيَّة حتى الآن على الزوال رغم مرور مدة طويلة من الزمن منذ أن سمع بها الناس في مجتمعنا لأول مرة!

وقد أصبحت ظاهرة التفحيط ظاهرة سعودية بامتياز حتى أن بعض محطات التلفزيون الأجنبية عرضت أكثر من مرة مشاهد التفحيط في الشوارع السعودية بوصفها ممارسات غريبة وخطيرة!!

وبخلاف الكثير من الهوايات الأخرى التي يتعلق بها بعض الشباب وتستولي على لبهم والتي يوصف بعضها بأنه خطير، فإن هواية التفحيط لا يقتصر خطرها على من يمارسها، بل إن خطرها على الغير يكون في الغالب أكبر من خطرها على من يمارسها. كما أنها تشكل إزعاجاً حقيقياً للناس حتى في بيوتهم، وخاصة عندما يمارسها الشباب ليلاً فتَحْرِم الناس من النوم وتربك برامجهم في اليوم التالي!

مؤخراً، أصدرت محكمة شرعية في إحدى محافظات المملكة حكماً بمعاقبة شاب مفحط بمصادرة سيارته وبيعها في المزاد وسجنه ثلاثة أشهر وجلده مائة جلدة. ورغم تعاطفي مع الشاب الذي هو ابن هذه البيئة التي تراخت طويلاً في التعامل مع ظاهرة التفحيط فإنني أتصور أن هذه العقوبة عادلة. ربما تكون المحكمة قد أسدت لهذا الشاب خدمة جليلة من خلال هذه العقوبة التي قد يراها البعض شديدة! إنها أفضل «هدية» يتلقاها ذلك الشاب بمناسبة انتهاء العام الدراسي إذا كانت ستغير مجرى حياته؛ فكم من المفحطين المتهورين انتهت حياتهم بشكل مأساوي في لحظة تهور قاتلة! وكم من المفحطين القتلة تسببوا في إزهاق أرواح بريئة في لحظة نشوة مجنونة!

أما الجانب الآخر الأشد قتامة في ظاهرة التفحيط فهي تحول بعض تجمعات المفحطين إلى بيئة فاسدة تمارَس فيها كل ما يتخيله العقل من رذائل وموبقات ليس أقلها تعاطي المخدرات والترويج لها.

ليت أن هذا العقاب الذي صدر مؤخراً بحق المفحط يُعمم ويتكرر، وليت أن الجهات ذات العلاقة ترفض كل أنواع الواسطات والشفاعات التي تضع بعض المفحطين فوق القانون وفوق راحة وسلامة بقية أفراد المجتمع.