لا أعرف من غرّر بوسائل الإعلام السعودية المختلفة، وأخبرهم أنهم سيحظون بمتابعة أكبر عند تتبع الجرائم التي تقع في المجتمع، ونشر تفاصيلها، رغم مُمانعة أصحاب الشأن؟!
زوجة تقتل زوجها! أم تقتل ابنها! أخ يقتل أخاه! أسرار مصرع عائلة كاملة على يد الأب ثم انتحاره، مقتل طفل على يد خادمتين... إلخ من تفاصيل حياة هؤلاء الخاصة، والتي لا يجوز الخوض فيها دون موافقة ذويهم، لا أمانع من البحث في التفاصيل ونشر الصور بالتفاهم مع العائلة، والحصول على موافقتهم، عبر الدخول من الأبواب لتتبع القصص، بشهادة المعنيين في (الحادث) كعمل مهني وصحفي جاذب، فيه نشر للحقيقة، بهدف العظة والعبرة، والمطالبة بالحق!
للأسف بيننا من يحب تتبع الفضائح، وتفاصيل الجرائم، ولكن المؤسف أكثر أن معظم ما ينشر اليوم يعتمد على الإثارة والفضائح على طريقة (وليم راندولف هيرست) أبو الصحافة الصفراء في العالم، فقد تغيَّر سلوك العديد من الإعلاميين والإعلاميات السعوديين بقفزهم على الحواجز، ونشر تفاصيل قد لا تكون حقيقية أو دقيقة، بقدر ما هي مُختلقه من بعض الأطراف دون التأكد منها، والتعلّق بأقرب متحدث ليعتبر (مصدراً) حتى لو كان بعيداً عن الواقعة!
بالطبع لا ننتظر من وزارة الثقافة والإعلام منع هذه المتابعات نهائياً، أو إيقافها، بقدر ما ننتظر الحفاظ على خصوصيات الناس، ومعاقبة كل من يتعرض للشخوص أكثر من الحوادث!
الصحافة الأمريكية والغربية سبقتنا بمراحل في نشر هذا النوع من الأخبار، بعدها نشطت الصحافة العربية (المصرية واللبنانية)، وخليجياً (الكويتية)، لذلك سُنت لديهم قوانين صارمة، وغرامات مالية لمثل هذا النوع من النشر، الذي يتم لدينا دون ضبط!
بالأمس نشرت (الديلي ميل) حادث مقتل طفلة دهساً أمام والدتها، عندما كانت تعبر الطريق لتقبيل جديها قبل الذهاب للمدرسة، نشرت الصحيفة صورة (الطفلة ليلى)، ووالدتها (جينا هاتفيلد) وهي تبكي وتضع مجموعة من الزهور في مكان الحادث، أبرز تعليق كان من (روت شروبشاير) يقول للصحيفة أرجوكم تعاملوا مع هذه المادة الصحافية بشكل معقول، واتركوا العائلة تعيش بسلام!
هل نحتاج في الإعلام السعودي إلى (ميثاق شرف) يلتزم ويُلزم به كل إعلامي، لضبط مسألة النشر فيما يخص هذا النوع من الأخبار؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.