استنفر مواطن الدوريات الأمنية متهما عاملي مطعم بأنهما يتبولان على الأرغفة! وحولت القضية لمركز الشرطة، وبدوره أحالها للبلدية التي اتخذت الإجراءات اللازمة بمتابعة أمانة منطقة الرياض!
وسرى الخبر سريان النار في الهشيم، فأصبح الناس يشمون الخبز قبل تناوله، وتنتاب بعضهم لحظة غثيان عابرة فيعزي نفسه بالتمني أن المخبز قد لا يكون في الحي الذي يسكنه، لذا فهو بعيد عن الشك والريبة! خصوصا أن الخبز أحد الأساسيات الغذائية ووجبة محببة للجميع، ولا يكاد يخلو منزل منه.
والمدهش أنه بعد التحقيق وإيقاف العاملَين وإغلاق المطعم تبين براءة المتهمين وأنهما لا يقومان بإعداد الخبز وإنما يجلبانه مغلفا من المخبز ويبيعانه جاهزاً للمستهلك!
ولعل المواطن المزعج رغب بخلق (دعابة ثقيلة) للمواطنين أو تحريكهم من رتابة الأحداث أو تحذيرهم من المطاعم فابتدع هذه القصة السخيفة التي جاءت على الجرح وأوجدت حالة من الشك المصحوب بالغثيان!
وأرجو ألا تمضي هذه الحادثة بسهولة، بل يجب معاقبة هذا المواطن الذي أزعج السلطات وبث الرعب في نفوس الناس واتهم بريئين، ربما بسبب موقف شخصي منهما أو من المحل أو لأسباب أخرى نجهلها.
وفي خضم حمى النقل السريع للشائعات وتداولها في مواقع التواصل الاجتماعي؛ ينبغي التثبت من الأخبار والكف عن تداولها أو السعي للظفر بأي خبر يحمل صيغة «العاجل» ومحاولة نيل قصب السبق به، وقد يقع المرء ضحية لإشاعة مغرضة سواء فيما يخص أمن الوطن أو رموزه أو صحة مواطنية أو ما يتعلق بالغذاء وخلافه!
والحق أن أسوأ ما توظف له قنوات التواصل الاجتماعي هو نقل الشائعات والتشكيك بالناس أو تلويث سمعتهم، وهو أمر بالغ الخطورة لاسيما حين يصدر من أشخاص ودون أسماء صريحة تتحمل مسؤولية ما تكتبه أو تنشره على الملأ!
وفي حين يتضمن القرآن الكريم آية عظيمة هي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} إلا أن الناس يتهاونون في هذا الأمر ولا يقيمون له وزناً وهو فاجع وكارثي، ولا يتلاءم مع ما يفترض وصول المجتمع له من علم ووعي وثقافة ينبغي توظيفها لدحر الشائعات وعدم المساهمة بتداولها، بل وتوبيخ صانعها وناقلها.
وطالما أظهرت التحقيقات براءة المتهمَين وإطلاق سراحهما، فإنه من الجدير شكر أمانة مدينة الرياض على المسارعة بنشر نتائج التحقيق بشأن نظافة الخبز وطمأنة المواطنين.
ألا فكلوا خبزكم دون شم رائحته، فرائحة الشائعات النتنة هي التي تزكم الأنوف وتخنق النفوس!