يستكمل العراقيون اليوم استحقاق الانتخابات البرلمانية فبعد قيام الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والمرضى والمقيمين خارج العراق، تتم اليوم الانتخابات الكبرى حيث يتوجه المدنيون إلى صناديق الانتخاب وسط تخوف من اندلاع موجة عنف وتفجيرات مهدت لها تفجيرات الأمس التي استهدفت مقرات انتخابات رجال الأمن والقوات المسلحة مما أدى إلى مقتل العشرات معظمهم من رجال الأمن مما أظهر عجزهم عن تأمين حتى مقراتهم، فما بالك بتأمين آلاف المراكز الانتخابية التي تتعرض لهجمات بعضها موجهة من مراكز النفوذ من السلطة نفسها التي تريد إبعاد المكون السني في الانتخابات لتأمين نجاح المرشحين على قائمة ائتلاف دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي.
انتخابات اليوم التي يراها العراقيون مفصلية يستميت نوري المالكي وحلفاؤه من الأمريكيين والإيرانيين لتحقيق تفوق فيها؛ ولهذا لجأ إلى العديد من الأساليب لإبعاد المرشحين الذين يشكلون خطراً على أفرادٍ وقائمته والمتحالفين معها، ففي الوقت الذي أقصى عدداً من المرشحين المضمون فوزهم وفق (قانون الاجتثاث) الذي سلطه على معارضيه، قدم الدعم إلى من هم أكثر تورطاً في عمليات الفساد والرشى السياسية الذين يدفع بهم ليكونوا واجهة سياسية لأهل السنة رغم رفض المشايخ وأئمة المساجد والشخصيات السياسية، وهم صالح المطلق وأحمد أبو ريشة ومشعان الجبوري الذين شكلوا تحالفاً مع نوري المالكي، رغم ابتعاد حلفائه من الشيعة عنه، فالمالكي الذي ابتعد عنه الصدر والحكيم وحتى أحمد الجلبي يضم تحت جناحيه سعدون الدليمي ومشعان الجبوري، وهما شخصيتان تثيران العديد من الشكوك حول صدق تمثيلهما لمناطقهما؛ فالأول يقود العمليات العسكرية ضد أهل السنة في الرمادي والفلوجة بوصفه وزير الدفاع وكالةً، والثاني استقدمه المالكي من سوريا حيث كان يدير محطة فضائية تلفزيونية تخصصت في بث خطب معمر القذافي أبان الثورة الليبية، ومشعان الجبوري الذي كان أحد أفراد حماية صدام حسين تحول إلى (متعهد حراسات) للمحتلين الأمريكيين في مدينة الموصل، وبعد اكتشاف تلاعبه بأموال الإعاشة أوقف الأمريكيون التعامل معه ليهرب إلى سوريا ويتحول إلى مقاوم للاحتلال، ثم يعيده المالكي إلى العراق رغم الأحكام الصادرة ضده ويشكل مع أبو ريشة والمطلق تحالفاً لدعم المالكي ضد إرادة أهله وجماعته في الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين وكركوك والأجزاء الشمالية والغربية من بغداد.
بهذه الواجهة السنية يحاول المالكي مواجهة أياد علاوي وأسامة النجيفي وقد يفلح في ذلك إذا ما استطاع تطويع آليات التزوير وتوظيف مجلس القضاء والأجهزة الأمنية وحتى مفوضية الانتخابات، وهذا ما يضفي ظلالاً من الشك على انتخابات العراق التي ستعجل بتقسيم العراق إذا ما نجحت جهود المالكي في تحقيق أهدافه، أو تشكل مفصلاً في إعادة العراق إلى جادة الصواب بعد التخلص من الطائفيين ومن الساقطين في أفخاخ الرشى السياسية.