غداً يتوجه العراقيون إلى صناديق الانتخاب لاختيار نواب جدد للبرلمان العراقي في خطوة جدية لتغيير الوجوه السياسية في «عراق ما بعد صدام» الذي تراجع في العشر السنوات الأخيرة ليصبح على شفا حفر الدول الفاشلة بسبب سياسة من حضروا للعراق خلف الدبابة الأمريكية ومن ساندوهم داخله من سياسيي الغفلة ومرجعيات طائفية صمتت عن الاحتلال وشجعت سقوط العراق في حفر النفوذ الطائفي.
العراقيون يأملون أن يزداد تأثير صندوق الانتخابات من 25 بالمائة كما في الانتخابات السابقة التي تفوقت فيه نسبة التأثير الخارجي وبالذات التوافق الأمريكي الإيراني الذي رمى بالعراق إلى أتون الطائفية والمخاصصة وتسليم العراق إلى حفرة النفوذ الطائفي المرتبط بنظام ملالي طهران.
العراقيون يؤكدون بأنهم هذه المرة سيعطون القرار الوطني قيمة أكبر من خلال تعزيز وتقوية إرادة الناخب العراقي الذي سيحرص على اختيار المرشح النزيه الذي يسعى لخدمة وطنه وعدم السقوط في حفر الطائفية والجري خلف من يرهنون القرار الوطني للخارج، وإذا كانت الانتخابات السابقة قد مكنت صندوق الاقتراع من الوصول إلى نسبة 25 بالمائة من التأثير و25 بالمائة للتحالفات الطائفية والعرقية إلا أنها تركت 50 بالمائة لتأثير الضغوط الخارجية وبالذات الأمريكية والإيرانية التي عقدت تحالفاً مريباً فرضت على العراقيين حكومة لا تأخذ في الاعتبار مصالح العراق الوطنية وفضلت السير خلف الإملاءات الإيرانية والأمريكية مما جرد العراق من إرادته الوطنية وجعله غارقاً في لجٍ من المشاكل والانتكاسات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وأشغله في حروب أهلية طائفية ساعدت سياسة الحكومة على تأجيجها وتقسيم الوطن إلى تكتلات طائفية وعرقية، وهو ما جعل العراق في ذيل قائمة الدول الأكثر تأخراً رغم ضخامة إيرادات البترول وإمكانياته البشرية مما جعل العراقيين يترحمون على عهد الرئيس صدام حسين الذي لم يشعر العراقيون في عهده تخوفاً من جوع ولم ينخرطوا في حروب أهلية متواصلة.
والترحم على زمن صدام والشكوى من ظلم وتخبط ودكتاتورية عهد ما بعد (التحرير) لا يقتصر على من يتعاطف مع ذلك النظام بل حتى من تضرروا منه كالشيخ مقتدى الصدر الذي قال إنهم كانوا يعتقدون أن من قدموا من خارج الحدود سيحرروهم من الدكتاتورية والتسلط إلا أنهم صدموا لأنهم أصبحوا أكثر ظلماً وتسلطاً.
ولإنهاء هذا الوضع الشاذ يعمل من لم تتلون ضمائرهم وأياديهم للتغيير، وإنهاء حكم الدكتاتور الجديد، ومع أن محاولات التغيير غير سهلة لمقاومتها من الكتل السياسية المستفيدة والفارقة في عمليات الفساد والرشاوي، ومقاومة قوى إقليمية تعمل على إضعاف العراق وجعله تابعاً لها، إلا أن المراقبين يلمسون جدية وإصراراً من العراقيين على إحداث التغيير.