اتسع صدر الحكومة كثيراً للمخالفين لسياستها ورؤيتها، بدعوى ضمان حرية الرأي وقبول المخالف! وكثيراً ما تعجبت من موقفها إزاء بعض الأشخاص الذين ينتقدون بفحش مما قد يخل بهيبتها ومكانتها محلياً! وكانت الحكومة في كل مرة تتعامل مع هؤلاء الأشخاص بحكمة وانتهاج سياسة النفس الطويل على المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية!
عانى الوطن والمواطن من إرهاصات المستويين الاقتصادي والاجتماعي بسبب وجود العمالة المخالفة وإغلاقها الفرصة على الشباب الوطني المتطلع، فقامت الحكومة بإجراء حازم يتمثل بإخراج العمالة غير النظامية، وكانت ردود الفعل حادة من لدن المواطن والمقيم اللذين مارسا الفوضوية وقتاً طويلاً، فالعامل يسرح في بلادنا دون قانون، فلا إقامة نظامية ولا عقد عمل ولا كفيل يتحمل مسؤولية بقائه في البلد والإخلال في توازنها! ولم تسلم بلادنا من الانتقادات الدولية حينما بدأت الحملات الأمنية بتنظيف الوطن من العمالة المخالفة برغم قيام جميع الدول بإعادة المهاجرين غير النظاميين والمتسللين لها!
والآن أمام الحكومة تحديات سياسية كبيرة لمواجهة أفكار مغلفة بمفاهيم دينية وهمية وأهمها شرعنة الجهاد والدعوة له والانضمام لتحزبات تخريبية أو تأييدها!
وقد تحدث غيري من الكتّاب عن خطورة الدعوات المبطنة للجهاد خارجياً، وهي في واقعها تحمل ضمنياً الدعوة للخروج على ولي الأمر، وأولها التحايل بالسفر إلى مناطق الحرب بدون إذن!
فمنذ بداية الثورة السورية وشبابنا ينضم إلى الفرق الجهادية على اختلاف أطيافها، وبالمقابل حذّر المخلصون من الانفلات في ذلك، وتزامن ذلك مع صمت حكومي لدرجة توقع فيها البعض - استناداً على فكرة المؤامرة - أن ذلك تخطيط ذكي منها للتخلص من الشباب الحركي، وتشجيع ضمني لانخراطهم في صفوف المجاهدين! بيْدَ أن أي حكومة حكيمة لا تلقي بأبنائها في نير الفتن!
ويبدو أن الصبر قد فاض وبلغ السيل الزبى، حيث لم تجد الحكومة الأبوية بدّاً من الصرامة ووقف أشكال الفوضى الفكرية والعمد لتسييس الدين، فأصدرت قانون تجريم الأعمال الفكرية التي تخل بالأمن وتزعزع اللحمة الوطنية، وتعبث بالبنية الاجتماعية فتحدث تصدعاً بها!
ببساطة نزعت الحكومة الفتيل وأوقفت الجدل العقيم والتصنيفات التي تحدث خرقاً في النسيج الاجتماعي لتعود عجلة التنمية إلى الدوران، فينشغل كل مواطن بحياته، ويزاول عمله براحة، ويمارس هوايته المشروعة بأمن وطمأنينة، بعيداً عن المهاترات والأفكار المسمومة والمحظورات الأمنية والفكرية ونبذ الفرقة والتطرف، وقريباً من الوسطية والاعتدال والحكمة والموعظة الحسنة!