ظهر أكاديمي سابق وناشط سياسي عبر برنامج تلفزيوني حواري وقال حرفياً: أنا لا أتعاطف مع الإخوان فحسب، بل مؤيِّدٌ لهم! علماً بأن حسابه بالتويتر يتضمن شعار رابعة ولديه عدد كبير من المتابعين!
كان هذا قبل قرار حظر الجماعة وتجريم مؤيِّديها، أما بعده فقد خسر كثيراً من متابعيه ولم يعد ضيفاً مرغوباً في البرنامج الحواري واضطر لإزالة الشعار! فالقرار الملكي وضع النقاط على الحروف وحجّم الانفلات والجدال والأخذ والرد!
هذه مقدِّمة لأشير لفيديو وضعته الدكتورة عائشة المانع في حسابها وهي تقود سيارتها بطريق الكورنيش في مدينة الخبر وتستمع لأغنية محمد عبده (أرفض المسافة) وتتحدث عن الأجواء الجميلة وضرورة تحمّل المرأة مسؤوليتها بإحضار ما يلزمها وقضاء شؤونها دون طلب من أحد! وظهرت د. عائشة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وهي تتحرَّك وسط السيارات دون أن ينتبه لها أحد، ولم يضايقها المتطفّلون ولم يلاحقها الأوصياء!
وتناقلت بعض الصحف الإلكترونية المقطع، وكانت التعليقات بين مؤيِّد ومعارض! لدرجة أن البعض نصحها بلزوم البيت والعبادة وترك سواقة السيارة للرجل بحكم ولاية الأمر والقوامة! وفسّر آخرون سواقتها بأنها فتنة، وبعضهم حرّمها برغم عدم وجود نص شرعي!
وطالما لم يصدر قرار سيادي يسمح للمرأة بالسواقة فإن الجدل العقيم والنقاش الفارغ لن يوصلنا إلا إلى مزيد من الخلاف والخصومة والانقسام الاجتماعي!
وتعليقات القراء والمغرّدين والجدل والتحريم والرفض لسواقة المرأة هي ما جعلتني أذكر حديث الناشط الأكاديمي خلال البرنامج الحواري، وما تبعه من قرارات ملكية صارمة أوضحت الموقف الصريح من الجماعات الدينية المسيسة التي لا تستند على منهج شرعي! وهو ما أجبر الداعمين والمؤيِّدين بأن يلوذوا بالصمت ويذعنوا للقرار دون جدل أو نقاش.
وطالما كانت القرارات الملكية الصارمة تهذّب وتؤدّب وتردع؛ فإن قرار تجريم التحرّش بالمرأة التي تقود سيارتها كفيل بجعل سياقتها للسيارة أمراً معتاداً أسوة ببقية الدول النامية والمتقدِّمة.
إن حاجة المرأة لقضاء شؤونها وسط عالم مدني واسع لا يمكن أن يتم إلا من خلال استخدامها وسيلة مواصلات آمنة، في ظل صعوبة الاستعانة برجل إما مشغول أو متخل عن مسؤوليته أو غير موجود أصلاً، فضلاً عن تكاليف استقدام سائق أجنبي؛ لذا فالأمر يحتاج لقرارين: السماح للمرأة بالسواقة، وتجريم الإخلال بأمنها أو المساس بكرامتها!
ولحين إصدار القرار؛ فإنه من المناسب أن تستمع د. عائشة لأغنية (المعاناة) وتدعنا نستمع لأغنية (اختلفنا)!!