بدأت فعاليات المعرض الدولي للكتاب في الرياض وعادت التنغيصات الاجتماعية معه!! فمن تحريم لحضوره إلى كراهة للمعروض فيه إلى وجوب اصطحاب خبير متخصص عند زيارته كما أدلى بذلك أحد المشايخ!!
هذا الجدل من خارج المعرض! أما من داخله فصار من المعتاد تجول المحتسبين والمحتسبات غير الرسميين بين أروقة المعرض للإنكار على المتجولين والمتسوقين، ابتداء من طلب الحشمة للنساء وعدم الدخول في المحل ومحادثة البائع!! وانتهاء بالنصح بعدم شراء الكتب ذات التوجهات المختلفة عن المنهج المعتاد. ناهيك عن الركن المخصص لتوقيع الكاتبات لكتبهن وقد وضع في مكان منزو بائس ويصعب الوصول له، ويحيط به الأوصياء والمتوجسون والمراقبون وهو ما عايشته شخصياً العام الماضي!!
وبرغم فرحنا الدائم بوجود مناسبات اجتماعية وتظاهرات ثقافية يجتمع فيها كل أبناء الوطن والوافدون لأجل هدف مشترك، ولتحريك الركود وتغيير النمط التقليدي؛ إلا أننا نصاب بالصدمة ونُمنى بالإحباط في كل محفل وعند كل مناسبة وطنية أو عالمية، وكأننا لا نعرف كيف نمارس الفرح!!
ولو أدرنا رؤوسنا نحو بلدان العالم؛ لأبصرنا شعوبها وهي تفتتحُ في كل وقت مهرجاناً، وتقيم في كل مكان محفلاً. وفي كل مناسبة؛ يجتمع آلاف من الناس للمشاركة في المهرجانات التي أصبح بعضها يكتسي بصبغة عالمية ويجذب آلاف السياح من مختلف أصقاع العالم، ويزيد الدخل القومي ويمارس فيه الناس الفرح والمتعة، وبعض هذه المهرجانات تتميز بالغرابة والخصوصية المحلية حيث يصعب تقليدها أو نقلها لأي مجتمع آخر. فالعالم كله يحتفل برأس السنة، وفي إيران يحتفلون بالربيع وفي مصر بشم النسيم، وفي دبي مهرجانات متعددة، وفي كولومبيا مهرجان للمعاطف، إذ يرتدون معاطف من الصوف المحلي للترويج لصناعتهم من تصميم الحرفيين، ومهرجان الأضواء السنوي في برلين حيث يشتمل على فعاليات ثقافية تدور حول فكرة الضوء بمشاركة فنانين ألمان وعالميين. بينما نحن ندور في فلك مزاين الإبل ومهرجان الجنادرية ومعرض الكتاب! وهي مناسبات تأتي تباعاً ثم نغلق أجواءنا إلى العام القادم! عدا مناسبات الغبار ومواسم السيول وحوادث الغرق ومصائب الآبار المكشوفة وهوشات التويتر التي وصلت للسخف وأشغلت المحاكم بالدعاوى والشكاوى!!
دعونا نستمتع بمعرض الكتاب كمؤشر على وطن يقدِّر الكتاب، ويدعم المفكرين والمثقفين والأدباء، وإشارة لمجتمع لازال يمارس القراءة والاطلاع وحب المعرفة وسط ثورة عالمية تضج بالتقنية فتسرق الوقت وتبدد اللحظات وتحيلها إلى ذرات من العدم!
أمة لا تقرأ لن تنمو وتتطور..
دعونا نقرأ ونستمتع بمعرض الكتاب بعفوية دون اصطحاب خبراء ولا رقابة أوصياء ولا.. صداع!!