الريح لا تأخذ معها إلا الهش الضعيف، الواهن الخفيف..
تلك حقيقة.. لو تأمل المرء هبوبها، وغروبها لأتته سافرة لا حجاب يواريها..!
تفعل مثل ما تفعل الأمطار بواهن الورق، تحتُّه عن الشجر...،
تلقيه في مجرى مياهها..، تتقاذفه مساراتها..
كل فارغ من القوة....، العاري من المضمون...، الخفيف وزناً...، قابلٌ للريح..، والمطر..، يغادر معهما بيسر مكانه...!! غارباً معهما... ذائباً في ترابهما..، ودواماتهما...!!
ماذا لو تفكرنا قليلاً لنجعل الريح، والمطر نموذجين للصغار ليتعرّفوا كيف يصنعون أوزانهم..؟
علماً، وفهماً، وعملاً، وخلقاً..كي يكونوا ثابتين دون جرف الريح، ونزع المطر..؟!
إن الريح عاصفة في مدارات الواقع...،
وإن الهشاشة تعم أغلب مَن حولنا من البشر..،
وإن الضعف في التعليم، والتربية تخور به قوى الثبات في النشء كما يتبدى..،
فالتعليم قاصر عن الإمداد..، والتمكين،..
والمحاضن منشغل أفرادها بغوغاء ما يعم..، واللهاث وراء التطاول والمظاهر..،
وإن الصغار تتخطفهم الدوامات......،
بين سندان الريح..، ومطرقة المطر..!!
أفلا يُتنبَّه لحاجة الجيل إلى الكثير...، الكثير من الرعاية لأنفسهم، ومداركهم، ووجدانهم، وسلوكهم..؟!
فليمنحوا من الوقت ما يجذرهم في مواقع القوة..، والتمكّن الذاتي..
وبكل ما يمدهم، ويمكنهم من: معرفة بكل أمر،.. وثقافة من كل بحر..،
وإدراكٍ لمَّاحٍ بعبور اللمحة، والطيف،..
وخبرة بالمعارف، والمواقف،..
وقدرة على المخرج، والثبات..،
ووعي بما يدور..، وصلابةٍ في المعتقد...
وتجذرٍ في القيم..
ونصاعة في المُثُل..
إنهم الذين يُفرح بإقبالهم على الحياة زينة..
وإنهم الذين إما تباهيا بهم يوم الحساب...،
أو مسؤولية عنهم عند السؤال..!!
فليجنَّبوا دهكَ الريح...،
وطمسَ السيل..!!