بعض السلوك الاجتماعي الذي طرأ مُستحدثاً ضمن المستحدث بين أناسنا، يبعد كثيرا عن معين كنا جميعنا ننهل منه، الذوق، والحياء، والستر، والخشية من الله، وتقدير مشاعر الآخرين..
هذا السلوك يضرب بعرض الحائط بكل تلك المنابع، ويجففها..، ويتجلى عن فراغ منها، إذ لا أحسب أن من تمتزج بعجينة شعوره، وتفكيره، وحسه، وقيمه، ومبادئه صفات النبل، والمروءة، والتكافل،وشيمها، وكل الأخلاق أن يسفر سلوكه عن غيرها فيجهر بسيئة، وبهتك بكلمة، وصورة، أو يكشف عن «حادثة ما» بما تيسر له من وسيلة سريعة النقل والانتشار.. بلا روية، ولا أمانة، ولا خشية..
إذ لم تعد الكاميرا الصغيرة المتنقلة بكل متاحاتها، وإمكاناتها، وتقانتها الدقيقة، فقط لاستخدامها للقطة طبيعة جميلة، أو توثيق لكلمة نافعة مؤثرة، أو لأي غرض إنساني لا ضرر منه، ولا حرمة فيه، بل غدت للهتك، والكشف، والترصد، والإيقاع، والسخرية، وتتبع العورات،.. وبلغ شأوها بعيدا في حوادث ينبغي معها صون الموتى، وحرمة ضعفهم، وعجزهم...
لم أكن لأخوض في هذه الجزيئة من تدني خلق، وسلوك بعض الأفراد، لولا أن تنبيها مهما للغاية لابد أن يتجه لبوصلته الحمراء الناس، وتحديدا من يسدرون ابتهاجا مع جهاز صغير سهَّل التنقل، وافر الإمكانات بين أيديهم، يسَّر لضعفائهم ليكشفوا بتجاوزهم عن خطر داهم تتعرض له الأخلاق العامة في كثير من الناس، و ينبغي أن يعاقبوا عليه بشدة كي يقفوا عند حدود لا يتجاوزها أحد..، وليبقى لنبع الأخلاق وفرة مائه، ولجداوله انسيابها.. وقد كتبنا كثيراً ودوما عن حاجة الأخلاق في المجتمع إلى سياجات، وإلى تجذير.. وسنكتب ما حيينا..
أعتقد أن حادثة تصوير أخيرة كانت الرمية التي سددت بقوة في صدر أخلاق طارئة هبت بها ريح تقنية وسائل التواصل الحديثة، ولابد من صد النوافذ عنها، ليبقى لهذا المجتمع رواؤه من النبل، والأدب، والحياء، والخشية، بل المروءة، وكل القيم التي لا تتبدل بحمايتها، ورعايتها من الجميع..
ندعو للميت «علي العثمان» بالرحمة الواسعة، وبأن يجعله الله مطهرا في فردوسه الأعلى..، وأن يجبر أهله، وأبناءه ويعوضهم الصبر، والاحتساب.. وجميع موتى المسلمين.
و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.