الرياض لا تزال تلف الشال الوبري حول كتفيها..
لا تزال تدس قدميها في جورب الصوف..
وتغطي رأسها بخمار المغزل السميك..
البرد لا يزال تتسلّل عقاربه في لحمها، وعظمها..!
لا تزال مواقد الحطب تشعلل..
وأبخرة الشواء تهلل..
والصغار يسعلون، والمصحات تكتظ..
الرياض لا تزال «بردانة» تتطلع من زوايا عينيها للشمس متى تشتد..!،
ولليل أن لا يمتد..!
الرياض لا تزال تشرع كفي برِّها للحالمين..،
وروضاتها للآملين،..
وأعشابها للمتطهرين..
لا تزال الرياض تعج برعدة الزمهرير..،
وتصطك أسنانها برجفة المبتردين..
ثوبها لا يزال أبيض كالثلج..،
وحركتها كفيض الغيمة حين تزخ..
كلما تحلّل الناس فيها من الصوف، والوبر، ونسيج المغزل الشتوي،..
ربتت على كتوفهم أن عودوا..
لا يزال في الوقت للبرد متسع ..،
ولا تزال الرياض لم تعدُّ لمجالس الصيف نوافذها..،
ولم تقرب من أجله مفاتيحها..!
لا تزال في ركنها الشتوي ترتل الشعر..،
تنفخ على الحطب..
تدق الهال..، تعجن الرغيف..
تتحلَّق حول المواقد..تتنفس السَّمر..!