لأن المدرسة هي المتلازمة المتأصلة في منهج، وجدول، وبرنامج الحياة لكل فرد، فهناك ما يدعو لتحميلها واجبات كثيرة...
أغلب واجباتها بدهي ومعروف، وبعضها مغفل ومنسي، وشيء منها طارئ وملزِم..
من ضمن الطارئ الملزم، أن تتصدى المدارس لما يستجد من موضوعات تلح في الواقع البشري لأن تدخل ضمن منهج المدرسة التربوي، بالتعريف به، والتوعية عنه، وتكوين الأفكار لدى رواد المدرسة من الجيل عن كيفية الحصانة منه، واتقائه، والقدرة على التصدي له عن فهم ومعرفة، وبمهارة وسلاح..
من ضمن هذا الطارئ أمراض العصر المطورة المتفشية، المتزايدة، والمبتكرَة...!
منها مثلا المخدرات، التحرش، الميوعة، العدوى بأنواعها بما فيها عدوى الأخلاق، والسلوك، والأفكار..
وأسوة بما مر بنا من تجارب سابقة، عندما كانت «فلسطين» القضية الأولى التي خصصت لها المدارس حيزاً من وقت في بداية الحصة الأولى للتوعية بقضيتها، أو حين جمع ريال من كل طالب ليكون من أجلها، فأصبحت «فلسطين» جزءا من ضمير «جيلنا» وجيل بعد جيلنا، ثم خفتت في أذهان، وغابت عن إحساس هذا الجيل، لكثرة ما يلاك في شأنها، ولأغلب ما تداخل من «فوضى» الأخبار عنها..
وأسوة بما ينهجه المعلمون الواعون بقيمهم من ربط تدريسهم، ومقدمات تحاياهم لطلابهم بالسلام، وتقديم النموذجية المؤثرة في التعامل معهم للاقتداء، فإنني أقترح :
استحداث «حصة دراسية للتوعية العامة»، يتولاها مختصون من أطباء، ومرشدين صحيين، ونفسيين، ومفكرين، وكتاب، وعلماء، يتناولون فيها التوعية المختصة، والشاملة فيما يراد تجنبه من المرض ليس الجسمي فقط، بل أيضا مرض السلوك، والخلق، والفكر، والشعور، ..
وتكون توعية ليست ارتجالا يذهب هباء، وإنما تختار فيها الموضوعات مواكبة بالشأن العام فتعد، وتقدم في ملخصات لكل موضوع داخل ملف يوازي كتاب المقرر تحت مسمى «التوعية والتثقيف» يصنف ضمن المنهج، وتدخل مادته ضمن أسئلة الاختبار لتقييم مدى معرفة، وثقافة الطالب في الموضوع..
ولعل من هذه الموضوعات تتكون الحصانات لديهم، والمعلومات الصحيحة عنها من مظانها، تتولى كل ما ينتشر و ما يستشري حولهم من أمراض العصر..، وهم لا يعرفون كيف يتقونه، أو لا يدرون عنه فيتعرضون للإصابة به سلوكا، وانتماء، وفكرا، وصحة ... بما في ذلك مفرزات التقنية، والاتصال المباشر بكل المحيطات حولهم، وعالمية التناول، والتداول. فهناك ما يفيد، والأغلب يحتاج فيه الناشئ إلى توعية مدروسة مخططة، فاعلة ومنتجة..
ذلك يأتي أسوة بما اقترحت سابقا بجعل «القراءة الحرة» في مكتبة المدرسة تحديدا ضمن برنامج المقررات، تخصص لها ساعة ضمن الساعات الدراسية، يكون نتاجها مناقشة ما تمت قراءته، والكتابة فيه، وعرضه بلغة الطالب، والتعليق عليه، وتقويمه ومن ثم تقييمه، بغية تأسيس جذور في الدارسين لم تغرس بذورها بعد داخل المدرسة..
لا أتمنى أن تذهب حروفنا ضمن طي الصحف الذي غدا مسلكا للجهات كلها، فإننا نقتات من ثمين، ونغرف من عصب...