ربما لم يدر بخلد الأمير الشاعر خالد الفيصل حين أطلق قصيدته (يا مدور الهيّن ترى الكايد أحلى!) أنه سيأتي وقت ويحمل حقيبة أكبر وأثقل وزارة خدمية وهي وزارة التربية والتعليم!
ودخول الأمير خالد لهذه الوزارة الثقيلة يشكِّل تحدياً بعد توالي عدة وزراء عليها دون إحداث التغيير المأمول! فما زالت هناك قضايا عالقة ليس أهمها المباني المستأجرة فحسب! حيث هناك قضايا المعلمات البديلات، والمعلمين وزميلاتهم الذين يقطعون مسافات طويلة لتأدية المهمة اليومية وهاجسهم النقل، ناهيك عن قضية المستويات لأكثر من مائتي ألف معلم ممن ظلموا في التعيين على مستوى وظيفي أقل وبعضهم تقاعد وفي قلبه حسرة وقهر! وهذا كله بكفة، والكفة الأهم هو الوضع التعليمي المزري للطلبة من حيث ضعف كفاءة أغلب المعلمين والمنهج التلقيني والنجاح المرقع بالترفيع تبعاً لفكرة افتراضية نجاح الجميع استناداً على اقتصاديات التعليم التي تقضي بعدم الرسوب مطلقاً كونه فاقداً اقتصادياً دون النظر للمسألة التربوية والتعليمية!!
والحق أن مدارس التعليم العام لا تحقق التطلعات ولا ترقى للطموحات! فهي تخرِّج طلبة يقضون عدة سنوات دون التحصيل العلمي المطلوب الذي ينبغي أن يتوافق مع سوق العمل أو يهيئ الطالب لمستقبل جامعي. وأكبر دليل على ذلك اضطرار التعليم الجامعي لوضع اختبار القياس والتحصيل، والعمد لدراسة سنة تحضيرية تسبق التعليم الجامعي، ومردّ ذلك عدم الثقة بمخرجات التعليم العام! وهذا ملموس على المستوى الفردي والاجتماعي! وبنظرة خاطفة لحسابات تويتر وقراءة التغريدات يمكن الملاحظة - دون مشقة- الضعف الشديد في الإملاء والتعبير ناهيك عن ركاكة الأسلوب ورداءة الحوار واللا مبالاة في ذلك، وهو نتاج طبيعي للتعليم الهزيل الذي اهتم بالكم دون الكيف!
ولأن مسؤولية التربية والتعليم مسؤولية كبيرة والتركة ثقيلة؛ فإنها تحتاج جهداً مضاعفاً واختياراً دقيقاً للقيادات وإعادة هيكلة لأكثر إداراتها والاهتمام بتقييم الماضي والتخطيط للمستقبل والاستعانة بالخبرات الدولية في هذا المجال لإكساب الطلبة المهارات الاجتماعية إلى جانب التعليم الأكاديمي وما يتناسب معه من صقل للسلوك وتدريب على المناقشة والحوار البناء وتعميق الانتماء للوطن والمحافظة على مكتسباته وعدم العبث بأمنه، وتقدير المواطنين وحفظ حقوقهم وترسيخ القيم الأخلاقية مثل رفض جميع أشكال العنف، وتعزيز مكانة المعلم كركيزة هامة في العملية التعليمية.
والمسؤولية أمانة كايدة، ولعل الوزارة تكون سهلة الانقياد للأمير الشاعر.
ولولاك تسوى ما سلموك الوزارة!