لطالما كتبت انتقاداً حاداً للقضاء بسبب ما يشوبه من حالات تأخير في النطق وانحياز أحياناً للرجل! إلا أنني تساءلت قبل فترة قصيرة: (هل تعافى القضاء؟) عبر مقال بهذا العنوان بعد حكم عادل لسيدة بحضانة أبنائها وإلزام والدهم بالنفقة.
ويبدو أن القضاء شفي مما كان مجال نقد لأدائه!، خصوصاً بعد نشر الصحف خبر الدعوى القضائية التي أقامتها الفنانة (شمس) عبر المحكمة الجزائية في الرياض ضد شاب سعودي أساء إليها وقذفها وقام بفبركة صور لها.
وبعد مداولات قضائية أصدرت المحكمة حكمها على الشاب صاحب معرف (محامي الملكة أحلام) بحد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة، والسجن ثلاثة أشهر بالحق العام!! وشكرت الفنانة شمس الحكومة السعودية وأثنت على نزاهة القضاء.
والحق أن الثناء في محله بعد صدور الحكم في هذه القضية الحساسة التي رُفعت من (فنانة)، وأجزم أن للمحكمة تحفظاتها على الفن عموماً، ناهيك عن الغناء والموسيقى! غير أن المحكمة نظرت لقضية القذف والشرف والعرض التي تُعتبر شرعاً خطاً أحمرَ بعيداً عن حرفة صاحبة الدعوى أو جنسيتها.
ولئن كان الشاب قد تورط في قذف الفنانة، فإنه سينال جزاءه المقرر بالجلد والسجن، ولن يتوقف الأمر عند هذه العقوبة، ولكنه إن كان موظفاً سيتعرض للفصل من عمله بقوة القانون، استناداً على نظام تأديب الموظفين لتورطه بهذه الجريمة المخلة بالشرف والأمانة.
وهذا الحكم العادل هو نقطة بيضاء نأمل أن تكون هالة كبيرة في خريطة بلادنا حتى يكون القضاء هو الملجأ لكل مظلوم أو مجني عليه، وليس مصدراً للخوف والرعب والخذلان!
أجدني حقاً سعيدة وأنا أكتب عن عدالة القضاء، وكيف يحصل قضاء دون عدل في بلد يحكمه الشرع ويسوده القانون؟!.. والحق أن القضاء يستحق التهنئة بسلامته وعافيته بدلالة تلقيه جميع الشكاوى والدعاوى دون تصنيف لأنواعها أو لأطياف الناس ومذاهبهم وأفكارهم، أو بحسب تياراتهم أو حتى حرفهم وهواياتهم.
وقضية الفنانة شمس تبعث التفاؤل وتشيع الأمل بنفوس المظلومين، ممن تعرضوا للعنف أو الظلم أو تشويه سمعتهم قولاً أو فعلاً أو الكتابة عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو الصحف الإلكترونية التي يتسم بعضها بالانفلات الأخلاقي وقلة الأدب ورمي الكلام على عواهنه دون رادع من ضمير أو مسؤولية أخلاقية.
ولعل ما قضت به المحكمة يكون زاجراً لمن تسوّل له نفسه الشريرة باتهام الناس بالكفر أو العهر والفسوق والفجور أو حتى التشكيك بالمواطنة أو التحريض!.. تحية ثانية لمقام القضاء النزيه، ومزيداً من الأخبار السارة.