أن تكون غنياً ولك سمعة محترمة.. ومكانة رفيعة بين جيرانك والمجتمع بأسره.. ثم تضطر أن تبحث عن احتياجاتك الأساسية في بيت الجيران والمعارف.. وتجهل لماذا لا يكون بيتك مكتملا.. رغم وضعك المادي والاجتماعي.. فأنت أمام سؤال غاية في السخرية.. وإجابته جد مريرة ومؤلمة.
ذاك الوضع يطابق ما جاء في تصريح مدير عام الهيئات الطبية والملحقيات الصحية بوزارة الصحة الدكتور مشعل عبدالله المشعل “أن عدد المرضى من المواطنين المحولين للعلاج بالخارج بلغ 4723 حالة عام 1434هـ، منها 2781 عن طريق الهيئة الطبية العليا، والبقية بأوامر علاج ساميةـ حيث تلقوا الرعاية الطبية في مستشفيات دول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا والصين”!.
لم تأتِ بجديد لأننا نعلم يقيناً أن حكومتنا الرشيدة قدمت الدعم المادي والمعنوي لكل احتياجات المواطنين الأساسية واستأمنت المسئولين على تصريفها في قنواتها التي تخدم الوطن والمواطن.. ولا شك أن الصحة من أهمها.. فكيف يكون هذا العدد خلال عام واحد لم تستطع مستشفياتنا أن تقدم لهم الرعاية التي يحتاجونها؟ وما هي هذه الأمراض ذات التخصصات النادرة التي خلت منها دارنا؟ أورام.. وأمراض القلب.. والزراعات والعظام والنخاع حسب التصريح! مع إغفالنا للوضع الراهن للمستشفيات التي لم تعد “تستحي أو تخجل” أن تقدم لنا فضائح جديدة عبر وسائل الإعلام المختلفة.. حتى باتت غير مفاجئة! هذا التصريح إدانة سافرة لكل الجهات ذات العلاقة.. ومؤشر مخيف يحكي الكثير.. ويتهم الكثير أيضاً.. وتلك المبالغ التي جاوزت المليار خلال عام واحد.. لماذا لم تضخ في أرض الوطن؟ مالذي ينقصنا عن الدول التي صُبت في خزائنها أموالنا صباً لا حكمة فيه؟ ولماذا يطول طابور الانتظار للسفر.. بدلاً من تطوير المكان واستقطاب الكوادر والتخصصات؟ إن لم يكن هكذا شكل الفساد.. فكيف يكون؟
إن لم يكن فشلاً.. ماذا نسميه؟
كثرت جراح وزارة الصحة وتمزقت.. ولم تعد تقوى على تحمل المزيد.. فهل إصلاح الوضع صعب ومعجزة تنتظر كفاءة خارقة لتحررها من عبودية التدهور؟ أين النقطة الحرجة التي منها بدأ العد التنازلي لك يا وزارتنا الذبيحة؟ هناك سنجد حقيقة ما حدث.. هذه الدولة المعطاءة الكريمة حق علينا أن نصعد بها.. ونقول في وجه المخطئ أخطأت.. ونقف في طريق المتساهل.. والمتلاعب.. إنها الصحة.. الحياة.. فماذا بعدها إن خسرناها أكثر؟