عندما تسوء الأمور .. وتبدأ الأحداث تأخذ منحى التدهور بإيقاع جنوني.. كأنما تحمل بين يديك قنبلة ليست لها مؤقت.. وتعرف يقيناً أنها على وشك الانفجار.. لتحولك إلى فوضى حمراء تأخذ معها روحك للطرف الآخر من الوجود.. إلى الموت الغامض.. عندها فقط سترمي بها لأقرب يد تتلقفها.. أو تقذفها بعيداً عن مساحتك.. وتهرب كتصرف غريزي لإحساسك بالخطر وحاجتك للحماية وتمسكك بالحياة.. أليس كذلك؟
فالإنسان مفطور على حماية نفسه.. من كل ما من شأنه أن يسبب له الألم.. إلا في حالات مرضية لا تخلو من فائدة مستترة.. تجعل من الألم مجرد ضريبة.. يمكن تحمّلها في سبيل الحصول على الغاية العظمى.
وما أكثر الشماعات التي تحمّلت عن الإنسان سوء تقديره.. أو تخاذله عن تحمّل مسئولية عقله ليبحث ويكتشف ويستخدم كل المعجزات التي سخرها الله - سبحانه وتعالى- له.. ليغدو كأمي لأول مرة يقابل جهاز حاسب آلي.. ربما يظنه شر مستطير.. أو يستخدمه لغير ما صنع له.. ويتهمه أنه لم يقدّم له شيء.. في حين أن جهله وتقاعسه عن دراسته وفهمه.. كلها أسباب عطّلت مصالحه.
العين.. والحسد.. والسحر.. وقوى الشر الغامضة والتي لم يقابلها أحد وجه لوجه.. ولا يعرف لها كيفية مثبتة.. إنما قصص تناقلت.. لها زمن وظروف وثقافة تختلف عن حاضره.. إلا أنه قرّر أن يذعن لها.. ويمنحها هيمنة كاملة على حياته.. وجسده.. وعقله.. وأسرته.. وممتلكاته.. كيف ذلك؟
الإجابة تكمن في أول المقال.. البحث عن مساحة تتلقف قنبلة المسئولية.. واللوم.. والمحاسبة.. وإن كانت خرافية أو غامضة.. لكنها تكفي للتبرؤ من عار الفشل والخطأ والغباء..!
على سبيل المثال لا الحصر.. زوجان ليس بينهما قواسم مشتركة فكرية أو ثقافية أو جسدية.. بدلاً من أن نرى النتيجة الطبيعية بالانفصال العاطفي أو الطلاق.. نجيرها لبنك القوى الغامضة سحراً كانت أم حسداً!
ابن لم يعرف للاحتواء المنضبط أي معنى.. يتأخر دراسياً.. ويهرب من الضغط إلى صحبة سيئة.. تتُهم الشرور الغيبية بسحبه نحو الهاوية!
مريض تمارض وصدق نفسه.. كونه مؤمناً أنه خاضع لشر لا يعرفه.. يجد أغلب من حوله يمنحونه الرعاية والشفقة.. والاهتمام.. أتراه يضحي بعوائد مرضه؟
الإخفاق إذا قيد ضد المجهول.. ما قيمة الإنسان بعقله وكيانه؟
أي بشر نصنعهم إذا منحناهم مجهول يمكن أن يتحمّل عنهم مسئوليتهم تجاه أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم؟
وهذا المجهول الغامض الشرير.. لماذا يختار أناس دون غيرهم ليدمرهم؟ وما هي الكيفية التي يخضع لها اختياره؟
هذا العدو المتخفي.. من رآه أو لمسه.. ويملك حقيقته.. شكله.. لونه.. جسده..؟ قبل أن يسوق له ليخبرنا عنه.