الثروة الباقية

فاصلة:

((في البحر الهادئ يصبح الجميع ملاحين))

-حكمة لاتينية-

عندما أرى مشهدا غير تربوي في مكان عام، تنتابي رغبة في أن أسأل الأم أو الأب سؤالا واحدا فقط وهو هل تعرفون عاقبة سلوككم؟

ذات مرة رأيت أبا يصرخ في وجه ابنه في مطار الرياض قائلاً: «أي شيء أقوله تعمله بالضبط دون نقاش، وإلا ما تفهم» وكنت أحسبه يحادث طفلاً وإذا بي ألتفت لأجد شاباً طويل القامة في ملامحه انكسار ومطئطئ الرأس.

الكارثة أن هذا الشاب سيسافر بمفرده ليدرس في الخارج!!

ظللت أفكر في حياة هذا الشاب في الغربة في ظل علاقة بهذا الشكل السيئ مع والده!!

وتعجبت أن ما زال بعض الآباء ينتهجون التربية التقليدية ويمارسون التسلط في زمن أصبح الطفل فيه يعي حقوقه في التعبير عن ذاته فضلاً عن الشاب.

الآباء والأمهات الذين يؤمنون بالتسلط أسلوباً سليماً في تعاملهم مع أبنائهم يخسرون كثيراً فلا شيء أجمل من صداقات الأبناء فهي لا تكلفك إلا أن تهمل استخدام سلطتك الأبوية ومقابل ذلك تنعم بصداقة دافئة.

والطفل الذي ينتهج معه والداه التسلط فيقبله ويعيش عواقبه للأسف يمارسه في كثير من الحالات مع أبنائه لأنها سيكولوجية المعنف الذي أصبح معنفاً لأنه قد مورس عليه العنف.

الأبناء هم الثروة الحقيقية حيث لا مال يبقى ولا مناصب تستمر للإنسان عندما تتساقط أوراق عمره تباعاً، فقط من استطاع أن يستثمر في أبنائه فإنه سيحصد أثمن ما في حياته وسني عمره التي مضت، سيذوق حلاوة صداقة مميزة وروحاً مختلفة لن يجدها في مكان أو زمان آخر.