فاصلة:
(ليس من مذنب مبرأ أمام محكمته الخاصة)
- حكمة لاتينية -
«مين اللي حدّنا» جملة بسيطة في تركيبها اللغوي عميقة في معناها ومدلولها على مستوى القيم.
عندما نفت وزارة العمل لدينا تفتيش المنازل للبحث عن الخادمات غير النظاميات، أبقت بعض ربّات المنازل الخادمات في منازلهن ليستمر وضع الخادمة غير النظامي في المنزل وذلك للاحتياج لهن.
ذكّرتني هذه الحالة ببحث قديم قرأته للدكتور «هشام شرابي» ذكر فيه خطورة بناء القيم واستهتار الأُسرة العربية ببناء الضمير، وأتى شرابي بمثال بسيط تفعله بعض الأمهات العربيات، حينما تذهب الأم مع طفلها إلى حديقة عامة وتطلب منه ألاّ يضع النفايات في الحاوية إلاّ إذا كان حارس الحديقة موجوداً، ويمكن له أن يراه فينهره إن ترك النفايات على الأرض.
هنا لا يتكوّن الضمير لدى الطفل بشكل سليم ويصبح الضمير متعلقاً برقابة الآخر، ولا تنبع القيم من داخل الطفل في تكوين ضمير ذاتي.
هذا ما يحدث الآن في تعامل البعض مع مساعدة وزارة العمل في فرض نظام يحفظ حقوق الجميع ، والإشكالية الكبرى أن يسقط البعض مخالفته للقانون على الدولة فيقول «مين اللي حدّنا؟»
هذا الإسقاط مخيف لأنه يبرر فعل الخطأ ولا يترك مجالاً للضمير أن يتحرك فيتحمل مسؤوليته تجاه نفسه ومجتمعه.
إذا كانت وزارة العمل أو أي من الوزارات المعنية بشكل أو بآخر هي المسؤولة عما أفرزته العمالة غير النظامية من أوضاع اجتماعية واقتصادية سيئة، فمن غير المقبول أن نقف ضد هذه الوزارات في محاولتها لتصحيح الوضع.
إلى أيّ مدى تهمنا مصلحتنا فلا نتنازل عن أي مصاعب تواجهنا في سبيل أن نحقق مصلحة للمجتمع سوف تنعكس علينا بشكل إيجابي؟
هذا سؤال كبير لكنه لا يساوي تلك العبارة التي اختصرت تاريخ قيمنا في ثلاث كلمات «مين اللي حدّنا»!!.