شاهدت عصر السبت الفائت إحدى أجمل اللوحات الكروية التي لم أرها منذ سنوات، ولا أبالغ حقيقة لو قلت: إن ما قُدم من لاعبي شباب الشباب في ذلك اليوم من مهارات وما شاهدته من إبداعات، يبعث على التفاؤل ليس فقط في أحد أكبر الأندية في وطني الكبير، بل هو يجعلك تطمئن على مستقبل الكرة السعودية عامة، خصوصاً وأن ذات الفريق كان بطلاً لدوري الناشئين قبل عامين وهو ما يؤكد الاستمرارية في العمل والطموح والمستوى.
فبقيادة المدرب المصري المحنك عادل عبد الرحمن وتحت إشراف إدارة محترفة بمعنى الكلمة، كان الظهور في نهائي كأس الاتحاد السعودي للشباب غاية في الجمال، فتعملق الصغار على سنهم، وتعالوا على قلة خبراتهم، ليكون الملعب أشبه بمسرح تسابق فيه اللاعبون على تقديم مخزونهم من المهارة، وتقديم مهر البطولة انضباطاً وتكتيكاً عالي الجودة، لتكون الشباك النصراوية هي بطل العرض في ذلك المساء باحتفالها بخماسية الليث الصغير.
ولأن ثقافة البطولات هي إحدى سمات الشباب، وجدنا الرئيس الشبابي وهو في عز نشوته لم ينس أن يكرس في عقول اللاعبين مبادئ الفريق وتقاليده، فيقول لهم في اجتماعه معهم في منتصف الملعب: (انضممتم للشباب وقدركم هو البطولات، لأن ناديكم أسس على تحقيق البطولات ولا غير ذلك)، هكذا ببضع كلمات رسم لهم خارطة الطريق لفريق بحجم الليث، اعتاد ألا يتحدث سوى بلغة الذهب ولا غيره، ووضع لهم سقفاً لا يمكن أن يرتضوا بما هو دونه، وهو ما أتمنى أن أراه من جميع مسؤولي الأندية وهو الاهتمام بالفئات السنية والعمل على تعزيز ثقافة الفوز وزرع الطموح والدافعية في دواخل اللاعبين منذ الصغر.
الحلقة الأضعف
يبدو أن لجنة الانضباط ستدخل على خط التنافس المحموم بين لجنتي الحكام والمعلقين لتنال لقب الحلقة الأضعف في رياضتنا، فما حدث في موضوع العنصرية وصرف الشكوى عنها ثم البت فيها وحكاية السي دي، ثم السكوت عن تصرفات بعض اللاعبين المنفلتة والتي تحدث بسبب ضعف الحكام كما شاهدنا في الكثير من المباريات، ولعل آخرها ما كان في مباراة التعاون والهلال بين اللاعبين سند شراحيلي ونيفيز.
كل ما سبق يؤكد بأن لجنة الانضباط فعلاً قد اصطفت إلى جانب لجنة الحكام والمعلقين لنيل لقب الحلقة الأضعف وبكل جدارة، فمسلسل الحكام بات مملاً الحديث عنه، ومسلسل الأخطاء مازال يطل برأسه في كل جولة ويبدو أنه لا ضوء قريب في النفق، أما المعلقون فلا يمكن حقيقة أن نطلق على أغلبهم وصف المعلق، فالصراخ هو ما يصافح الأذن بدايةً، وعدم الحياد وكأن المعلق أشبه بعضو رابطة مدرج، إضافةً إلى تجاوزات المعلقين على بعض الفرق وجماهيرها ولعل آخرها وصف أحدهم لجمهور الهلال بالزعيق، وكأن قدرنا أن نشاهد أغلب مباريات دوري عبد اللطيف جميل بلا صوت!
من هنا وهناك
- مازال الفريق النصراوي يقدم أفضل مستوياته هذا الموسم، وحديث الصدارة أصبح هو من يتصدر المجالس الرياضية وذلك نظير ما يقدم من العالمي على أرض الملعب، يكفي أن أقول: إن شباك العنزي لم تتلق سوى هدف واحد طوال الجولات السبع الماضية لنعرف مدى حجم العمل الجبار من الناحيتين الإدارية والتدريبية للفريق.
- عندما تصل حجم الشكاوي التي قُدمت للجنة الاحتراف إلى 88 شكوى، حسب تصريح رئيس اللجنة الدكتور عبد الله البرقان، فحتماً ندرك مع هكذا رقم كبير حجم الفوضى والتخبط داخل منظومة الاحتراف في أنديتنا، ومدى ما وصلت إليه الحقوق من تضييع في بعض إدارات الأندية، وهو ما يجعلني أتساءل: أين هم من (أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)؟
- تلقى الفريق الاتحادي لثلاثية نظيفة من فريق الفيصلي، تشير بجلاء لما وصل إليه حال الفريق من تدني مستوى، وتأثير الخلافات الإدارية والشرفية عليه، وما سببه تأخر صرف المستحقات من تشتيت لأذهان اللاعبين وعدم تركيزهم، وأعتقد أن أبناء العميد مطالبون أكثر من أي وقت مضى إلى الالتفاتة حول ناديهم، والتعالي على الخلافات الشخصية، قبل أن يتدهور حال الفريق لما هو أسوأ من ذلك.
- كان الأسبوع الماضي أشبه بحفلة إثارة جماعية لدى الهلاليين، بدءاً من تصريحات سامي الجابر، ومروراً برد الأمير محمد بن فيصل، وصولاً لتعاطي محبي الفريق الكبير مع ذلك الأمر ما بين مؤيد لهذا ومعارض لذاك، لكن كالعادة حضر الأمير بندر بن محمد فأخمد بدقائق جذوة تلك الحفلة المزعجة وأعاد الأمور إلى نصابها من الهدوء والتركيز وحل المشاكل الزرقاء خلف الأبواب الموصدة كما كان معتادا.
- كل ما أخشاه أن نتعرف على الهابطين في دوري عبد اللطيف جميل بشكل مبكر جداً وقبل نهايته بجولات، فما يقدمه فريقا الشعلة والنهضة من مستويات ضعيفة، وما نالهم من خسائر متتالية، يجعل المتابع يركن لهذا الاستنتاج، فنواقيس الخطر دقت في أكثر من جولة، ومسيرو الفريقين لازالا محلهما سر، مما ينذر بأن القادم أسوأ، وهو ما يجعلنا نتوقع أن تجربة الأنصار قبل موسمين، وتجربة الوحدة الموسم الفائت قد تتكرر معهما، ننتظر القادم.