قد يغيب عن بعض الشعراء - وتحديداً - حديثي العهد بالشعر أن الأسلوب التقريري المباشر في قصائدهم أقرب للخطابي منه للشعر - وإذا ما كان الغزل - وهو من أرق وأعذب أغراض الشعر لأنه يتطلب رقة المشاعر، وعذوبة الألفاظ، وإنتقائية الصور فإن مسؤولية الشاعر ستكون مضاعفة هنا - لينسج بالكلمات مقطوعة تستحق - من منظور نقدي - أن تُنسب (لفن الشعر) حسب تنوعها عمودية أو تفعيلة..
لهذا فإن من المستهجن أن يُصدم المتلقي - بقصائد شتائم موجهة لمخلوق رقيق هو المرأة - التي ليس لها ذنب إن لم يكن الطرف الآخر ذكي ولماح ولا يكتشف الآخر إلا ببطء ممل وتمرحل ساذج يقول الشاعر:
لاَ تَجْعَلَنَّ دَلِيلَ الْمَرْءِ صُورَتَهُ
كَمْ مَخْبَرٍ سَمِجٍ مِنْ مَنْظَرٍ حَسَنِ
لهذا فمن غير اللائق أن تأتي قصيدة الغزل بأسلوب لفظي متدن سيئ لا يليق - أياً كانت الذريعة أو العلاقة السببية - فإن العبرة بالمحصلة النهائية للموقف الموثق وهو النص الذي سيبقى إن احتوى على شروط ما يصنفه النقاد كشعر يقول الشاعر أبو تمام:
مَا أََضْيَعَ الْغِمْدَ بِغَيْرِ نَصْلِهْ
وَالشِّعْرَ مَالَمْ يَكُ عِنْدَ أّهْلِهْ
ثم إن - الكمال - ليس من صفات البشر وتهجُّم الشاعر كمحب لمحبوبته في القصيدة غير مبرر، إلا إن كانت خبرته في الحياة ضحلة ويضيق ذرعاً بمنعطفات مشواره فيها يقول الشاعر أبو فراس الحمداني:
فِي النَّاس إِنْ فَتَّشْتَهُمْ
مِمَّنْ يُعِزُّكَ أو تُذِلُّهْ
فَاتْرُكْ مُجَامَلَةَ اللَّئِيمِ
فَإِنَّ فيَهَا الْعَجْز كُلُّهْ
وبما ان الحر تكفيه الإشارة فقد لَمحّ كبار الشعراء الشعبيين لما قد يمتد حتى للجانب العاطفي في حسن الاختيار، يقول الشاعر عبد الله بن صقيه التميمي:
اللي يريد الطيب يبعد عن العيب
ما ينسكن قصرٍ تبيَّن عَيَابِه
الحر ميقاعه بروس الشخانيب
ياللي عليك طيور دارك تشابه..!
ويقول الأمير الشاعر محمد بن أحمد السديري رحمه الله:
الله خلق دنيا وساعٍ فْجَجَها
وعمَّا يريب القلب لك كم منهاج
ويقول الشاعر سليمان بن شريم - رحمه الله - بكل رزانة وواقعية المحب الذي يؤمن بتحوّلات - الزمان والمكان - بين الأمس واليوم في حياة المحب:
يا طول ما طاوع نسيم الهوى لِي
من قبل يبدي لي من الوقت مَجْفَاه
إعتضت من عقب الجديد السمالي
ولا ينفع الفايت ولو قيل ما احلاه..!
وقفة للشاعر الشيخ راكان بن حثلين رحمه الله:
واخلِّي اللي في محاجر عيونه
خيلٍ مشاهيرٍ تطارد بأهلها