لم يعتَدْ العالم أن ترفض دولة عضوية مجلس الأمن الدولي، أعلى هيئة دولية منوط بها حماية الأمن والسلام الدوليَّيْن.
فالأسرة الدولية استكانت لهيمنة خمس دول، أعطت لنفسها حق تسيير العالم على هواها، ووظَّفت المجلس لخدمة أهدافها ومصالحها؛ فاختلَّت الموازين، وطغت ازدواجية المعايير، وبدلاً من أن يعمل مجلس الأمن الدولي على إحقاق الحق وسَّع رقعة المظالم؛ فاغتُصبت حقوق الشعوب، وبدلاً من أن يشاع السلام ويترسخ الأمن انتشرت النزاعات، وتفشت الحروب؛ وذلك بسبب وقوف الدول الدائمة العضوية إلى جانب المعتدين، بل إنها هي من تشن الحروب، وتدمر الأمن والسلام الدوليَّيْن، فضلاً عن دعمها ودفاعها عن مثيري الحروب ومغتصبي حقوق الشعوب من خلال توظيفها ما يسمى بـ»حق النقض»؛ لعرقلة أي إجراء يكفل إعادة الحقوق للشعوب المقهورة.. هكذا فعلت أمريكا التي عرقلت معالجة القضية الفلسطينية بتوفير الحماية للكيان الصهيوني الذي لم ينفذ أي قرار أصدره مجلس الأمن الدولي، في حين تعمل بكل قوة على تنفيذ القرارات التي يصدرها المجلس لحماية إسرائيل!!
ومثلها فعلت روسيا التي تعمل الآن على حماية نظام مجرم، يبيد شعبه إلى حد استعمال الأسلحة الكيماوية، ومع هذا عجز مجلس الأمن الدولي عن حماية هذا الشعب الذي شُرّد أكثر من ثلثه لاجئاً ونازحاً إلى الدول المجاورة، وإلى أبعد من ذلك؛ فحتى مياه البحر ابتلعت المئات منهم بعد غرقهم عند محاولتهم الهرب من جحيم نظام بشار الأسد، ومع هذا وفّر «الفيتو» الروسي الصيني الحماية لهذا النظام القاتل.
أمام هذا العجز، وتحوُّل مجلس الأمن الدولي إلى نادٍ لحماية مصالح خمس دول فقط، ومكان لفرض الظلم بدلاً من مساندة الحق، ومكان تُدار في جلساته مشاورات لشن الحروب كما حصل بشن حرب على العراق؛ ما تسبب في مقتل أكثر من مليون إنسان، والتخطيط للحرب على أفغانستان، وهو ما أوقع ملايين المسلمين قتلى، وشرَّد مثلهم نازحين ولاجئين لأسباب اعتبرها أصحاب المصالح والأهداف المشبوهة مهددة للسلام والأمن الدوليَّيْن، في حين ظلت القضية الفلسطينية طوال خمسة وستين عاماً بلا حل، بل دعم المجلس بتوظيف «الفيتو الأمريكي» جميع الحروب والانتهاكات التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي، الذي حظي بحماية المجلس وأعضائه، وحرصهم على بقاء هذا الكيان المغتصِب لأرض شعب آخر، لا يزال يعاني التشريد والقتل والإهانات يومياً.. ومع هذا يدعي هذا المجلس أنه يعمل من أجل السلام والأمن الدوليَّيْن، مجلس عجز عن اتخاذ قرار لتنظيف منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية، رغم مطالبة كل دوله؛ لأن إسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية لا تريد ذلك، وتساندها أمريكا في ذلك، وتعمل بكل السبل لحرمان أي دولة من دول الشرق الأوسط من الحصول على هذا السلاح لحماية أمنها وشعبها من العدوان والغطرسة الإسرائيلية.
مجلس كهذا عجز عن أداء دوره، وتحوَّل الأعضاء العشرة الآخرون فيه إلى «كومبارس» للخمسة الكبار، هل يشرِّف دولة أن تفخر بعضويته؟! أم أن الأشرف أن تعلن عزوفها عن هذا الدور الذي لا يخدم بتاتاً قضايانا العربية والإسلامية؟