رغم تواضعه وقوله أنه لا يوجد فريق منتصر في معركة تجاوز الدَين الأمريكي، إلا أن الرئيس أوباما خرج منتصراً هو وحزبه في هذه المعركة ضد الحزب الجمهوري، وبالذات ضد المتشددين الذين يقودون جناح حزب الشاي في الحزب.
معركة أزمة الديون الأمريكية أظهرت الكثير من الإشارات التي تظهر أنه كما في أوروبا ظهور جماعات متطرفة ومتشددة ممعنة في الرجعية والغطرسة، كذلك في أمريكا، إذ ظهرت جماعات حزب الشاي داخل الحزب الجمهوري ككتلة متطرفة شبيهة بالجماعات والأحزاب اليمينية في أوروبا، وهذه الكتلة رغم قلة عدد أعضائها داخل مجلس النواب إلا أنها تبتز حزبها الجمهوري بطرحها قضايا أقرب ما تكون عنصرية، وكون معظم نواب هذه الكتلة من الجنوب الأمريكي الذي كانت ولاياته آخر من تخلى عن التمييز العنصري وآخر من اعترف بمساواة السود والملونين الآخرين من اللاتينيين وغيرهم، فإنهم يعبرون عن قواعدهم الانتخابية التي ترفض ما يقوم به أوباما من إجراءات لإصلاح النظام الصحي المتمثل في التأمين الطبي الذي يستفيد منه المتقاعدون وأصحاب الدخول المتدنية وأكثرهم من الأفريقيين واللاتينيين والمهاجرين، ولذلك عارض الجمهوريون وبالذات نواب كتلة الشاي هذا القانون الذي حصل أوباما أخيراً على إقراره وصدقت عليه المحكمة العليا، فأصبح يُسمى بقانون (أوباما كير)، وهو في نظر الكثير من الأمريكيين قانون يساعد المحتاجين، ولأن هؤلاء المحتاجين ليسوا من القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري الذي يشكل الأثرياء أغلبيتهم، فقد عارض الجمهوريون هذا النظام بكل قوة، وانتهزوا انتهاء فترة تغطية الدَين الأمريكي للحصول من أوباما على تخفيف الامتيازات التي يوفرها للمحتاجين ضد أنظمة التأمين الطبي، إلا أن أوباما والحزب الديمقراطي الذي سانده في ذلك صمدا أمام أبتزاز الجمهوريين ورفضا تقديم أية تنازلات مما دفع الجمهوريين وبتحريض من جماعة الشاي على رفض رفع سقف الدين الأمريكي، فأدى ذلك إلى تعطيل عمل الحكومة الفدرالية أسبوعين كاملين مما هدد بتدمير الاقتصاد الأمريكي وإيصال أمريكا إلى حافة الهاوية التي لا تزال تعاني من مشكلات اقتصادية حادة. وفي اليوم الأخير وبعد أن أيقن الجمهوريون أن أوباما لن يتراجع، وافقوا على رفع سقف الدين الأمريكي، ولكن إلى حين..!! إذ إن المهلة التي أُعطيت لن تستمر إلا إلى السابع من فبراير (شباط) القادم وتتيح تحويلها إلى الحكومة الفدرالية حتى 15 يناير (كانون الثاني).
إذن هذه التسوية ليست نهائية فإنها تبقى مؤقتة لأنها تتيح بضعة أشهر فقط أمام الحزبين للتوفيق بين مواقفهما لتضعا قبل 13 ديسمبر (كانون الأول) أطر الميزانية الجديدة لعام 2014م.
المعركة أظهرت أوباما فائزاً ولكن إلى حين، كما أنها أضرت كثيراً بالحزب الجمهوري الذي سيفقد تأييد الكثير من الذين أستفادوا من نظام التأمينات الصحية، وأظهرهم كجماعة متعصبة تفضل مصالح حزبها على مصلحة أمريكا.