عاماً بعد عام، وجائزة بعد أخرى تؤكد اللجنة التي تختار الفائزين بجائزة نوبل عدم حياديتها وبعدها عن النزاهة. ليس فقط جائزة نوبل للسلام التي تثير عملية الاختيار الشكوك وربطها بالسياسة، وبالتحديد بالمنظمات والجهات الصهيونية والدوائر الغربية، فتمنح الجائزة للشخص أو المنظمة المرضي عنها والتي لا تُغضب هذه الدوائر. وهذا لا ينحصر على جائزة نوبل للسلام، بل يشمل أيضاً اختيارات جائزة نوبل للآداب، ومع أن الجوائز الأخرى ذات الفروع العملية لا يشكك أحد في أحقية من حصلوا عليها لصعوبة «الغش» وربط الاختيار بالتوجهات السياسية، لأن الفائزين بالأفرع العلمية، والطب، والفيزياء لا يمكن أن تتجاوز لجنة الاختيار إنجازاتهم العلمية، إلا أن فرعي السلام والأدب، يظل الاختيار تقديرياً إلى حدٍ ما، كما أن الجهات التي ترشح الأشخاص أو المنظمات للفوز بالجائزة لها ارتباطاتها السياسية، عكس الجهات العلمية التي ترشح الأشخاص المؤهلين للفوز بالجائزة لفرع الفيزياء والطب، بحسب ما قاموا به من إنجازات ومن اختراعات تنفع البشرية. عكس جائزتي السلام والأدب، فالأخيرة تترك لتقديرات ومصوغات لجنة الاختيار التي تعتمد على اعتبارات ليست علمية بل هي اعتبارية، بل وحتى عاطفية نتيجة ميل الفائز لفكر معين أو فلسفة معينة أكثر ما تكون قريبة من الفكر والقيم الغربية.
في الآداب حصل الكاتب الروسي ساخروف على جائزة نوبل للآداب لأنه كاتب معارض للفكر الماركسي، ورغم تفوقه الأدبي والروائي إلا أن هناك الكثير من الأدباء الذين يفوقونه إبداعاً، وهو نفس ما حصل للأديب العربي نجيب محفوظ الذي لا يشك أحد بجدارته للفوز بالجائزة وتعد إبداعاته وقدرته على صيغ المجتمع المصري وتقديمه للعالم، إلا أن كل ذلك لم يكن الدافع الحقيقي لمنح أديبنا الكبير الجائزة التي يستحقها عن جدارة مثلما كان يوسف إدريس يستحقها هو الآخر، إلا أن نجيب محفوظ أرضى الغربيين ببعض الروايات التي يرون فيها اقتراباً من القيم الغربية.
أما جوائز نوبل للسلام فحدث ولا حرج، فكثير ممن حصلوا على هذه الجائزة لم يكونوا من أنصار السلام ولا يشرف الجائزة أن يقترن اسمها بأسمائهم ومنهم السيء الذكر بيجن.
في الآونة الأخيرة بدأت لجنة اختيار الجائزة تمنحها لمنظمات عالمية وهذه المنظمات ورغم أنها أنشئت لخدمة الأمن والسلام العالميين إلا أنها كانت ولا تزال أدوات بيد الدول الغربية، كما أن تلك المنظمات لم تقم بعمل كبير يشفع لها الحصول على الجائزة، كالذي حصل هذا العام بمنح جائزة نوبل للسلام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وهي التي لم يعرف أحد عن نشاطها إلا بعد تكليفها بالإشراف على تدمير الأسلحة الكيماوية لنظام بشار الأسد، وهو نفس الاختيار المشبوه الذي تمثل في منح الجائزة العام الماضي للاتحاد الأوروبي، وقبلها بأعوام لوكالة الطاقة الذرية، رغم أن الأسلحة النووية تحيط بكل أركان الكرة الأرضية وتتكاثر كالفطر.