وحوش الطائفية

مثلما أثار نشر مقاطع ممن انتقم من إنسان لوّث شرفه، كما تدعي العبارات المرافقة للصورة، وجاء الانتقام بالتهام كبد الضحية، مما ألصق تهمة أكلة الأكباد بإحدى كتائب الثوار السوريين، ومثلما روجت مقاطع تلفزيونية لحالات إعدام الأسرى من قبل جبهة النصرة، والقاعدة والتنظيمات المتشابهة للأسرى والجنود العلويين في حلب والرقة، فجعلنا كمتلقين مسلمين أولاً وكبشر ننتمي للإنسانية المقطع الجديد للفظائع الإنسانية التي انحصرت في المرحلة الراهنة بالمسلمين حتى أصبحنا نتيجة هذه الأفعال، أمةٌ متوحشة ترتكب أفعالاً لا يمكن تصورها.

الفيلم التلفزيوني الذي انتشر على وسائل الاتصال الاجتماعي، والذي أطلقه في البداية «موقع لبنان الجديد الإخباري» يظهر جنود من مليشيات حسن نصر الله وهم يطلقون الرصاص على جرحى سوريين من مدينة القصير السورية.. وقد أظهر الفيلم الذي استمر قرابة الدقيقتين كيف كان مطلقو الرصاص من مليشيات حسن نصر الله، يحتفلون ويبتهجون وهم يرددون الشتائم والإهانات لهؤلاء الجرحى من مدينة سورية احتلتها مليشيات هذا الدعي الذي ملأ الفضاء العربي ضجيجا بأنه يقاتل من أجل مقاومة إسرائيل، وأن مليشياته تشكل حائط الصد الأول للممانعة العربية، وأن مقاتليه هم من يسطرون أروع صور الصمود، وأنهم أشرف الناس...!!

هؤلاء الشرفاء أزاحوا في أقل من دقيقتين زيف الممانعة والمقاومة والصمود، وأن الحقد الطائفي كان الدافع الأبلغ في الوصول إلى أحط وأقذر مستويات السلوك غير الإنساني.

ماذا يشعر من يشاهد هذه المقاطع لأناس متوحشين يحتفلون بإطلاف الرصاص على جرحى وأسرى عزل لا حول ولا قوة لهم، وكبيرهم الذي قاد عملية إعدام الأسرى يطلب منهم الهدوء وأن يكفوا عن الصخب وعدم إطلاق الشتائم، لأنهم يؤدون واجبهم بالتخلص من الجرحى...!!

بماذا يمكن أن نصف هذه الجريمة، وكيف نقارنها بجرائم سابقة رويت عن أفعال قساة ومجرمين احتلوا الصفحات السود من تاريخ البشرية...؟!!

هؤلاء القتلة الذين احتلوا مدينة القصير السورية، والتي قدموا إليها من الجارة الشقيقة لبنان، وليس من العدو إسرائيل كيف نصنفهم..؟!! هل لا يزال من ينخدع بهم بأنهم من رجال المقاومة والصمود..؟!! بماذا يختلفون عن جنود هتلر وعن النازيين أولئكم أحرقوا البشر وهم أحياء، وهؤلاء قتلوا الأسرى وهم جرحى، ومع هذا لا يزال من يهلل لهم ويضعهم بأنهم أشرف الناس وبأنهم الصامدون الذين يقامون الاحتلال الإسرائيلي رغم أن الإسرائيليين لم يقتلوا الجرحى... ولم يتلذذوا بأكل أكباد من يحاربونهم...!!

لماذا كل هذا الإجرام وكل هذه القساوة التي يقوم بها من ينتمون للمسلمين، هل التمترس في خانة الطائفية ينزع الإنسانية من قلب الإنسان ويجرد المسلم من الرحمة التي أوصى بها الدين...؟!! ويحول هؤلاء الطائفيون إلى وحوش لا أثر للرحمة في قلوبهم.

jaser@al-jazirah.com.sa