تناثرت الإشادات وعبارات الثناء والتشجيع لنظام بشار الأسد لحثِّه على إبداء المزيد من التعاون لتدمير الأسلحة الكيماوية، التي استعملها النظام ضد الشعب السوري.
والثناء لم يقتصر على حلفاء بشار من الروس، بل شمل هذه المرة الأمريكيين وأمين عام الأمم المتحدة الذين سرّهم تعاون نظام بشار الأسد لإنجاز هذه المهمة، إِذْ شكَّل التعاون الذي أبداه نظام دمشق «مفاجأة سارة» بالنسبة للأمم المتحدة وأمريكا على حدٍّ سواء، لأنهما لم يلمسا طوال أكثر من عامين ونصف العام من هذا النظام سوى المماطلة، إلا أن هذه المرة كانت الاستجابة «طيبة» وسريعة وهو ما جعل كيري وبان يشيدان بهذا التعاون بالرغم من أن العارفين والدَّارسين لسلوك النظام السوري بما فيهم المعارضة السورية يعزون ذلك إلى طبيعة هذا النظام، الذي ينطبق عليه المثل المصري «يخاف ما يختشيش»..! فبشار الأسد ونظامه لم يبد هذه المرونة إلا بعد أن وجد البوارج الأمريكية عند سواحل سوريا وهي تصوب صواريخ توموهوك وكروز مما جعله يتلقف وبلهفة اقتراح تدمير الأسلحة الكيماوية، فالبديل وعدم القبول بهذا الاقتراح الذي جاء من حلفاء النظام، وعدم تنفيذ بنوده مثلما وضعت من قبل واشنطن وموسكو معًا يعني إزاحة النظام عن سدة الحكم، وهو ما لا يريده بشار وعائلته وطائفته، ولذلك فقد تَمَّ كل شيء بسلاسة وتَمَّ تجاوز الادعاءات التي روَّج لها النظام والجوقة الإعلاميَّة المرتبطة به في لبنان والإعلام المحلي وما يسمى بإعلام المقاومة، من أن السلاح الكيماوي حرصت سورية على اقتنائه وتصنيعه لإيجاد توازن إستراتيجي مع الكيان الصهيوني، الذي يمتلك سلاحًا نوويًّا يرهب به العرب وسورية كدولة مجاورة مُحتلَّة أراضيها من هذا العدو الإستراتيجي، ومع هذا وبالرغم من ترسانة هذه الأسلحة الرهيبة إلا أنّه لم يستعملها ضد إسرائيل، بل ولم يتجرأ حتَّى على التهديد بها، بالرغم من أن أراضيه مُحتلَّة من قبل هذا العدو، إلا أنّه استعملها ولأكثر من 14 مرة ضد الشعب السوري وكانت فضيحة مجزرة الغوطتين «الغوطة الشرقية والغوطة الغربية» التي سقط فيها 1425 مواطنًا سوريًّا أكثرهم من الأطفال والنساء، وهو ما فرض على المجتمع الدولي التحرُّك للجم هذا النظام.
وبالرغم من أن تدمير مثل هذه الأسلحة المحرَّمة دوليًّا يُعدُّ خدمة للإنسانيَّة جميعًا، وفائدة تنعكس إيجابيًّا على نضال الشعب السوري في مواجهة هذا النظام الظالم، الذي لن يتوانى في استعمال مثل هذه الأسلحة ضد شعبه، إلا أن القوى الدوليَّة التي تعاملت مع سلاح الجريمة وليس مع المجرم الذي استعملها، والهدف هو ليس حماية الشعب السوري التي استعملت هذه الأسلحة ضده، بل حماية الكيان الإسرائيلي الذي سيتخلص مما كان يُهدّد به، وهو ما سينعكس إيجابيًّا على التفوق الإسرائيلي الذي يمتلك ترسانة من الأسلحة النووية دون أن يجد أيّ سلاح آخر يواجه به ليحدّ من صلافته، والفائدة ستكون أكثر ببقاء نظام ظلَّ طوال أربعة عقود ونصف وهو متخاذل وغير صادق في إعادة أراضيه المُحتلَّة وكرامته المهدورة.