نحن نعيش في قرية صغيرة، ولا يمكن لأي حدث مثير في أي مكان أن يمر مرور الكرام، ولا يراودني شك بأننا نتصدر الأمم بهذا الخصوص، فلدينا كم كبير من «المهووسين» بالشهرة، ولا يمانع أحدهم في أن يتحدث عن أي شيء، وفي كل فن، طالما أنه سيكون حديث الناس، وأحياناً يكون الحدث المثير غريباً، وخارج إطار قدرات العقل البشري، وجنونياً للدرجة التي تجعله يتصدر وسائل الإعلام العالمية، ووسائل التواصل الاجتماعي في كل ركن من أركان المعمورة، وهذا ما حدث مع الإعلان العظيم بأن قيادة المرأة للسيارة تؤثر على المبايض، وبالتالي تسبب العقم، فقد كان هذا الاكتشاف العلمي مثيراً، حتى في المجتمعات المحافظة في العالم الثالث، فما بالك في مجتمعات العالمين، الأول، والثاني، وقد تندر الصحفيون الغربيون، خصوصاً، على هذا الخبر الطريف والمثير، حتى استفزوا السخرية ذاتها، وماذا بعد؟!.
شخصياً، تساءلت مع نفسي، وذلك بعد سماع المعلومة المثيرة، عما إن كان عطب مبايض السيدة عندما تقود السيارة يشمل كذلك ركوبها في مقعد الراكب، أو في المقعد الخلفي للسيارة متعددة المقاعد، ثم هل يشمل ذلك ركوبها في باص، أو طائرة، أو باخرة، أو قطار؟ ويظل السؤال المحير يتمحور حول إمكانية تأثر المبايض من جراء ركوب السيدة مع سائق ليموزين، خصوصاً إذا كان سائقاً متهوراً، وبما أننا نعلم أن هناك حالات اضطرارية قادت خلالها السيدات السعوديات سيارات أوليائهن، فهل يا ترى يتوجب عليهن إجراء فحص للتأكد من سلامة المبايض؟!، والغريب هو كيف أن أمراً مهماً مثل هذا فات على كل علماء الكون، وأطبائه المتخصصين، وعلينا أن نتحسب للمعلومة القادمة، ونحبس أنفاسنا، فقد تكون أكثر إثارة، وأكبر انتشاراً، أو إن شئت الدقة، أكثر تشويهاً لسمعة هذا الوطن.
المعلومة المثيرة بخصوص المبايض، والتي طارت بها الركبان، تحدث عنها بعض الأطباء المتخصصين، وهذا بحد ذاته مثير، إذ يفترض أن تمر كنكتة عابرة، يكتفي الناس بالتندر عليها، وقد كان من أفضل من تناول الموضوع زميلنا بهذه الجريدة، الدكتور جاسر الحربش، وهو طبيب متخصص، فقد قال - ساخراً- إننا في حال بحثنا عن امكانية تأثر مبايض المرأة بقيادة السيارة، فإننا يجب أن نولي أهمية أكبر لإمكانية تأثر الخصيتين، والبروستات لأنهما أولى بالتأثر من المبايض، ومع أن مثل هذه الأطروحات المثيرة تبقى في ذهن المتلقي، وتؤثر سلباً على نظرته للمجتمعات التي صدرت منها، إلا أنها مفيدة، فمجتمعنا يمر بمرحلة مخاض عسيرة، وهذه الأطروحة، ومثيلاتها إفرازات طبيعية لها.
وختاماً، نؤكد أنه يصعب التنبؤ بما يفكر به بعض مريدي الشهرة، ولذا فعلينا أن ننتظر القنبلة العلمية القادمة!.