| |
بعد أن انتظم عقدهم على صعيد عرفة في يوم جمعة الحجاج أدوا صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا في عرفات
|
|
* عرفات - بعثة (الجزيرة) - محمد العيدروس: أدى جموع حجاج بيت الله الحرام ظهر أمس صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد نمرة بعرفات اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد أن انتظم عقدهم على صعيد عرفات الطاهر. وامتلأ مسجد نمرة والساحات المحيطة به بجموع المصلين الذين توافدوا منذ وقت مبكر على المسجد لأداء الصلاة والاستماع للخطبة. وقد أم المصلين سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وألقى خطبة قبل الصلاة استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر. ودعا الناس إلى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده وإقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالهم وأقوالهم. وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: إن الله جعلنا خير أمة أخرجت للناس هدانا لدينه الذي ليس فيه التباس، أرسل لنا أفضل رسله وأنزل علينا خير كتبه كتاب محكم البيان واضح البرهان فيه الوعد والوعيد. فيه النهى عن الشرك والأمر بالتوحيد وكل خلق كريم كتاب الله معجزة نبيكم صلى الله عليه وسلم.. يقول صلى الله عليه وسلم: (ما بعث الله من نبي إلا أتاه من الآيات ما على مثله أمن البشر. وأن الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا). وحمد سماحته الله تعالى الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجا.. وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا.. {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.. {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. فيه البيان والتبيين فيه الأمر والنهي فيه الخبر والأخبار. {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} (38)سورة الأنعام {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} (89) سورة النحل، كتاب انزله الله لنتدبره ونتعقل معانيه ليكون وسيلة إلى إصلاح قلوبنا وأعمالنا {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}. أنزله الله ليعبد وحده لا شريك له {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ}... محفوظ بحفظ الله من أيدي العابثين زيادة أو نقصانا. {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. وأضاف سماحة المفتى في خطبته: أن الله أنزل القرآن ليكون شرفا لهذه الأمة قال تعالى:{لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أنزله الله ليخرج به العباد من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهدى.. {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}.. أنزله الله هدى ورحمه.. {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. إنه الهداية العظمى والبشارة الكبرى.. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}. أجل لقد هدانا إلى أقرب السبل في كل أمورنا في ديننا ودنيانا. وقال سماحته: إن الله بين لنا في عقيدتنا عظيم مخلوقاته لنستدل بها على عظيم كبريائه وجلاله وقدرته على كل شيء، خلق السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم..{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}. وبين أن تعاقب الليل والنهار آيات من آيات الله الدالة على عظيم شأنه.. يقول عز وجل {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً}.. خلق من كل شيء زوجين لبقاء ذلك المخلوق.. {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} وهدانا لأقوم السبل في التبصر في أنفسنا ومعرفة أطوار خلقنا لنعرف ربنا وخالقنا فنعبده وحده لا شريك له.. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}. وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: إن الله هدانا لمعرفة الرازق فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له.. هدانا جل وعلا لنستدل بآياته الكونية وعظيم مخلوقاته أنه هو المستحق للعبادة دونما سواه.. {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.. هدانا للغاية التي لأجلها خلقنا.. {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.. بالتوحيد أمر الله.. {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} بالتوحيد بعثت الرسل.. {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}. وأكد أن الشرك هو أعظم الظلم وظلم عظيم ونقص في العقل، يقول جل جلاله {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ }. وأضاف سماحته: إن الله لا يغفر للمشرك ذنبه إن لم يتب قبل لقاء الله.. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} مشددا على أن دعاء غير الله شرك أكبر وذنب لا يغفر.. مستشهدا بقوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}... وقال سماحة المفتي: إن المعبود يتبرأ من عابده يوم القيامة.. {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}، {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ}. وتابع قائلا: إن الله هدانا للإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فبينها لنا في كتابه بيانا واضحا.. {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.. نثبتها بلا تمثيل وننزه الله تنزيها بلا تعطيل.. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} هدانا للإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.. {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}.. {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.. هدانا للإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ}.. هدانا لاتباعه ومحبته.. {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}.. هدانا لنصره وتأييده.. {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. وتابع سماحة المفتى العام ذكر هدى القرآن الكريم للمسلمين وما اشتمل عليه من توجيه رباني فيه كمال الدين وتمامه وهو وحي الله عز وجل على نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام فهدى إلى تحكيم شريعة الله والتحاكم إليها والرضى بها. وأبان أن الله العلي القدير شرع لعباده عبادات مالية وبدنية وقلبية ولسانية راعت طبيعة البشر رحمة بهم فهدى القرآن إلى إقامة الصلاة والمحافظة عليها والزكاة لما لها من طهرة للمال، وزكاة لقلب وخلق المزكي وصيام رمضان والحج وبالدعوة لله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطرق الشرعية. وأضاف: إن الأصل في التعامل الحل إلا ما دل الدليل على منعه وأمرنا بالاكتساب من الطيبات وأباح لنا البيع والشراء الذي فيه تبادل المنافع وحرم علينا الربا الذي فيه الظلم والعدوان، كما أمر بالأمانة في التعامل وحرم على عباده الرشوة والتعدي على الأموال العامة والإسراف والتبذير والإنفاق في الباطل. وتحدث سماحته عن هدي الكتاب الكريم تجاه نظام الأسرة فأمر بالنكاح الشرعي وحرم الزنا وجعل القوامة للرجل لما يبذله من مال ولما فضل به من خلقة ونفقة مستشهدا بقوله جل وعلا:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وقال سماحته: وفي الروابط الاجتماعية بين المسلمين نرى القرآن يهدينا الى أقوم السبل فأمرنا ببر الوالدين وإكرام الجار وصلة الرحم وأمر المسلمين بالتعاون والتناصح فيما بينهم وهدى الرعية إلى التعاون في الخير والاحسان فأوجب على الرعية طاعة ولي أمرهم بالمعروف، وأوجب على الراعي العدل وأن ترد الرعية المسائل إلى ولاة أمورها. وأبان أن مسائل الحدود في الشريعة الإسلامية التي هدانا إليها القرآن الكريم جاءت بنظام عادل لتأمين العزة واستتباب الأمن. وأكد سماحة المفتي العام أن القرآن الكريم له شأنه الكبير في حياة المسلم فهو يهدي إلى أحسن الأخلاق والصفات والأعمال. وقال: أخبر أن الخلق الكريم خلق محمد صلى الله عليه وسلم {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} هدانا للصدق فأمرنا به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} وهدانا للإخلاص في الأقوال والأعمال {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} وهدانا للتوبة إليه {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} هدانا للاستغفار والذكر هدانا لبذل المعروف وهدانا لكل خلق كريم وأمرنا بالوفاء بالعهود والتزام المواثيق قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}. وأضاف سماحته: إن الله أمرنا بالعدل مع العدو والصديق { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ونهانا عن الأخلاق السيئة فحرم علينا الكذب وحرم علينا الخيانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } وحرم علينا الفساد في الأرض {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} وحرم علينا السحر فحذرنا منه وأخبرنا أنه يوازي الكفر قال جل وعلا: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} محذراً من السحرة والمشعوذين. وعرج سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إلى ما مني به العالم من البلاء نتيجة صنوف الأفكار التي جربها في منهجه سواء السياسية أو الفلسفية تتمحور مجملها ما بين سياسة الانتقاء والنفعية وما بين اشتراكية شيوعية وما بين ليبرالية متحررة وقال: قلبوا النظر هل تجدون إلا نزاعا وقتالا ودماء وأشلاء وإرهابا وفسادا كل ذلك نتيجة للصراعات الفكرية الخاطئة ماذا استفاد العالم اليوم من هذه الأفكار، بل ماذا استفادوا من عزل الإسلام عن واقع الحياة. وأضاف مخاطبا صناع القرار: إن العالم لا استقرار له ولا انتظام لحياته إلا إذا ثبت عليه منهج رباني منهج خالق الخلق رب العالمين الذي خلق الخلق ويعلم ما يصلحههم {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} كل صانع أدرى بما يصلح صنعته فلا بد من عود إلى هذا القرآن الكريم. وبين سماحة المفتي أن العالم يسير نحو الهاوية بسبب مادة طاغية وأخلاق منهارة وحروب متأججه وأوضاع متأزمة. وقال: إن السياسات المالية قامت على مناهج بائدة صنعتهاعقول حائرة لم تعد على الأمة إلا بالدمار والبلاء، مؤكداً أن الحل لهذا العالم نظام الإسلام الذي خاطب الروح بعقيدة راسخة وتعاليم عادلة تراعي مصالح الجميع باعتدال واتزان بديع وتراعي مصالح العمل وتعطي كل ذي حق حقه وتشجع العمل والإنتاج وحدد علاقة المسلم بالمسلم وعلاقته بربه وعلاقته الاجتماعية والسياسية والأخلاقية .. لأن مصدره من رب العالمين لم تصنعه أيد البشر وإنما هو تنزيل من حكيم عليم. وأوضح أن كل الشعارات التي ترفع والنداءات التي تعلن خالية عن الإسلام هي باطلة وأضاف: إن عالمنا يزخر اليوم بألوان من الشعارات الحزبية والعصبية القومية البغيضة.. وإننا أمة أعزنا الله بالإسلام جمع الله به شتاتنا ووحد به صفوفنا وألف به بين قلوبنا فمتى ابتغينا الهدى من غيره أذلنا الله. وذكر سماحته المسلمين بأن من نعمة الله على عباده المسلمين الوحدة التي من الله بهاعلينا وأمرنا بها {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}. وأشار سماحة مفتي عام المملكة إلى أن المسلمين أصيبوا في دينهم وبلادهم وخيراتهم وانتهاك حرماتهم وتكالب الأعداء عليهم والأشد من ذلك خروج بعض المسلمين يتاجرون بمصالح أمتهم لأطماع إقليمية أو لأغراض مادية. ونبه سماحته على خطورة ذلك وقال: إن قضايا الأمة المصيرية تباع بأرخص الأثمان في سوق الخيانة والغدر.. أفيقوا فالمنافقون قد ظهر سوقهم، هذا يبيع أعداء الإسلام قلمه بما يخط ويكتب، وذاك يبيعهم نفوذه وذا يبيع فصاحته وخطابته سلع تباع بأرخص الأثمان. وبين أن أساس نجاح كل دعوة قيامها على قواعد راسخة ثابتة مشيرا إلى أن دعوة الإسلام تميزت بوضوح معانيها وسلامة منهجها ومعالمها وصدق دعاتها. وقال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق فدعا الى الله وإلى توحيده وحذر من الشرك به، فهذا أساس دعوته ومحور رسالته كما عليه الأنبياء السابقون فبدأ بالأقربين من قومه فدعا عشيرته والأقربين إليه امتثالا لقوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}. وأضاف: لقد ظهر في العالم دعوات ضالة سارت على غير هدى دعوات قائمة على السرية التامة دعوات غامضة في معالمها وأهدافها ومقاصدها غير واضحة يقتنص دعاتها فرائسهم بالتدرج بهم شيئا فشيئا والارتقاء بهم في درك الظلال ليمسخوا انتماءهم للدين الإسلامي والوطني والقبلي وإلى كل دعوة سوى هذه الدعوة الباطلة، قصدهم بهذا زعزعة العالم وتفكيكه وإيجاد الفوضى في صفوفه وتحريض المؤامرات. وحذر سماحته من الدعوات الضالة وأنديتها وقال: إن المسلم الذي كرمه الله بالإسلام وشرفه بهذا الدين الواضح في معالمه وأهدافه وغاياته قائده محمد صلى الله عليه وسلم سيرته واضحة هديه محفوظ لا غش فيه ولا خداع الداعي إليه مأجور والطريق إليه الصراط المستقيم والرفقة الصالحة. ودعا سماحته قادة الدول الإسلامية إلى المحافظة على الهوية الإسلامية والكيان التشريعي وتحصين الأجيال دينا وثقافة وسد الثغور واعداد القوة وموقف شجاع يحل قضايا الأمة في داخلها فلا يكون للعدو مجالا. كما طالب سماحته من علماء الإسلام بالبحث عن حلول شرعية لقضايا الأمة مشيرا الى أن الأمة بحاجة إلى موقف شرعي واضح في القضايا وفيما دخل عليها من ثقافات واراء من غلو وتكفير وتطرف وانحلال. وخصص سماحته جزءا من الخطبة لنصح الشباب بالاهتمام بالدين والأمة والوعي مما يراد بهم، وقال: إن العدو يريد شبابا لا هوية له حتى يسهل اقتياده وينفذ ما أرادوه من مخططات الفساد والدمار. وأوصى سماحته رجال التربية والتعليم بتقوى الله تعالى والعمل على توسيع مدارك الطلاب بمناهج تقوم على الأخلاق الكريمة وربط الحاضر بالماضي وتقوي الأمل والثقة بالحاضر واليقين بأن مستقبل هذا الدين خير كله ولا يزال باقيا. وعد سماحته الإعلام اللسان المعبر على الأمة حاثا رجاله على الصدق في الكلمة وقال: إن بلدكم قلب العالم ومنبع الخيرات فليكن هذا الإعلام على مستوى يخدم العقيدة والدين ويرسم الخطط النافعة للأمة في حاضرها ومستقبلها. وخاطب سماحته الفتاة المسلمة موصيها بتقوى الله عز وجل والتزام العفة والحجاب محذرها في الوقت نفسه من سهام ومؤمرات الأعداء. ودعا سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبته رجال الأعمال إلى عمل خطة اقتصادية تكفل استغلال خيرات الأمة في بلادها وخاطبهم قائلا: يا رجال الأعمال الربا قد طغى وأصبح أمرا عاما وشرا وبلاء فهلا تشمروا عن ساعد الجد لايجاد مركز مالي إسلامي يخلص الناس من وبال الربا. وناشد المسلمين في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان وفي كل مكان إلى وقف الاقتتال فيما بينهم. وأضاف: من هذا المقام العظيم ومن هذا المنبر العظيم في هذا اليوم العظيم والشهر العظيم أناشدكم لأبين لكم كلام رسول الله في هذا اليوم؛ إذ قال في خطبته المشهورة.. إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا.. وأنا أقدتي برسول الله وامتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأقول إخوتي الدماء الدماء.. الله الله في أنفسكم عودوا إلى رشدكم نظموا شؤونكم ارتفعوا عن الشخصيات والذوات ارتفعوا عن هذه الترهات اجعلوا الغاية المصلحة العليا العامة فقدموها على كل شيء العدو في ساحتكم وأنتم مشغولون في أنفسكم جمع الله شملكم ووحد كلمتكم وأذل أعداءكم إنه على كل شئ قدير. وأشار سماحته إلى أن من أبرز نعم الله على المسلمين وجود قيادة صالحة مصلحة متوالية بالحق وبالخير في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن ابتدأ من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن غفر الله له وأسكنه فسيح جنته وتعاقب بعده أبناؤه الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جنته- حتى جاء عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليكمل المسيرة بالنمو والخير والبذل والعطاء لتهيئة الحرمين وتوسعتهما ولكل أمر فيه خدمة للحجيج. وأضاف سماحته إن قادة هذه البلاد خططوا ونظموا واقاموا المراكز المختصة لخدمة الحجيج فشقوا الطرق بين المشاعر وهيأوها لكل قادم فجزاهم الله عما بذلوا خيرا ووفقهم لما يحبه ويرضاه. ودعا سماحه المفتي العام المسلمين إلى تدبر كتاب الله عز وجل والإكثار من تلاوته لما فيه من الهدى والخشوع وحضور القلب. كما ذكر المسلمين بالموت وساعة الاحتضار وأهوال يوم القيامة مستشهدا بقول الله تعالى في كتابه الكريم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} وقال تعالى:{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}، كما قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} وقال جل وعلا -{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}. ودعا سماحة المفتي حجاج بيت الله الحرام إلى تقوى الله والإخلاص له واحترام الأنظمة الموضوعة، كما حثهم على الإكثار من ذكر الله عز وجل والتضرع له وسؤاله في هذا اليوم المبارك علَّ الله عز وجل أن يمن على الجميع بالإجابة والقبول. وبين سماحته لحجاج بيت الله الحرام أن مناسك الحج ليست مكانا للمزايدات أو الشعارات أو القيل والقال، وإنما هي لذكر الله والتقرب إليه بصالح الأعمال. وخاطب سماحته الحجاج مبينا فضل يوم عرفة وفضل يوم الجمعة مشيرا إلى أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حج حجته السنة العاشرة ووقف بعرفة في مثل هذا اليوم يوم الجمعة. وشرح لهم هدى المصطفى في أداء مناسك الحج والمواقف التي يقفون فيها والأعمال التي من الواجب أن يؤديها الحاج. وحث الحجاج على الصبر والاحتساب اقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وسأل سماحته في ختام خطبته الله عز وجل أن يغفر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ويرحمه وأن يسكنه فسيح جنانه لما بذله من خدمة للإسلام والمسلمين. كما سأل الله عز وجل ان يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا لكل خير وأن يبارك فيهم الذين طالما عملوا وبذلوا واجتهدوا وأن ينصر بهم الإسلام والمسلمين.
|
|
|
| |
|