ضيوف الرحمن في أقدس مكان
بندر بن ملفي النفيعي

في مثل هذا الوقت من كل عام تتشرف المملكة العربية السعودية بخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام الذين يأتون إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج - الركن الخامس من أركان الإسلام قال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }(28).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم ورمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً).
في مثل هذا الوقت من كل عام تشهد المشاعر المقدسة نشاطاً كثيفاً واستعداداً لاستقبال نحو مليوني حاج والذين يتوافدون مهللين مكبرين متجهين إلى ربهم يدعونه ويرجون رحمته بقلوب عامرة بالإيمان وبحناجر تلهج بذكر الله وبلباس موحد جميعهم في منظر مهيب يندر وجوده في مكان آخر.
فالحاج إنسان مسلم قدم لغرض ديني بحت أتى يرجو مثوبة الله وعفوه تاركاً خلفه الدنيا بكل زخرفها وقد يكون هذا الحاج كبيراً في السن أو سيدة كبيرة السن إضافة إلى أن حجاج بيت الله من كل بقاع العالم ومختلفو الثقافة والعادات واللغة فيجب الرفق والتلطف معهم ومساعدتهم بقدر الإمكان والتيسير عليهم وهذا واجبنا جميعاً الذي خصنا به الله سبحانه تبارك وتعالى بصفتنا خداما لبيته الحرام، وهو واجب يشرفنا ونعتز به ونرجو من خلاله أن يتقبل الله أعمالنا وتكون جميعها خالصة لوجهه عزّ وجلّ.
ولمن أراد أداء فريضة الحج أو عقد النية للحج أن يكون أمره لله وأن يكون اشتغاله بأعمال البر في هذه الأيام المعدودة. قال نبينا الكريم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
ومن ذلك التوجه الكامل لله تعالى وحده لا شريك له وأداء العبادات والمناسك كما أمرنا الله والإحسان والالتزام بالخلق الحسن.
كذلك يجب على الحاج أن يكون ملماً بأنظمة البلد قبل قدومه ومنها سرعة المغادرة بعد انتهاء الحج، حيث إن تخلفه يعتبر مخالفة للأنظمة، أيضاً يجب عليه المحافظة على جميع تصاريحه وأوراقه الثبوتية التي تثبت شخصيته، كذلك الفحص الطبي الذي يؤكد خلوه من الأمراض المعدية وأخذ اللقاحات اللازمة ومعرفة فصيلة الدم ومكان إقامته واسم المجموعة أو الحملة التي يسافر معها ووجود أداة اتصال جيدة معه، فهذه أمور بدهية ولكنها مهمة للحاج.
ولوجود العشرات من الآلاف من الخيام تنتشر في المشاعر المقدسة سواء في عرفات أو منى الخيام المصنوعة من أقمشة عادية أو المعالجة كيميائياً لمقاومة الحريق التي غالباً ما تكون ممتلئة بالأمتعة والحقائب وبحسب تعليمات المسؤولين عن الدفاع المدني يمنع استعمال مواد الكيروسين والدوافير، كذلك التنبيه لأخطاء الغاز في حالة عدم إغلاقه وهناك طرق الوقاية بإذن الله من الحريق وإرشادات للسلامة ولا يتوانى رجال الدفاع المدني من إيضاحها، فالكل ولله الحمد مهيأ للعمل على خدمة حجاج بيت الله الحرام بنفس راضية وبمعنويات عالية.
فالاستعداد لموسم الحج يكون على مستوى كافة قطاعات الدولة ويتماشى مع الاهتمام والمتابعة والحرص من قبل قيادة هذه البلاد التي اتخذت خدمة ضيوف الرحمن ضمن أولوياتها. ولا شك أن القطاعات الأمنية في مقدمة هذه القطاعات بدعم من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه وسمو مساعده للشؤون الأمنية الذين يسعون جاهدين لتسخير كافة الإمكانات من أجل تحقيق الهدف السامي والنبيل ألا وهو المحافظة على أمن وسلامة ضيوف بيت الله الحرام.
وفي الختام نرجو من الله عزّ وجلّ أن يكلل الجهود بالنجاح والتوفيق وأن يمنّ على حجاج بيته الحرام بأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وأن يجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً والله الهادي إلى سواء السبيل.