| |
ومتى.. تفيق الإدارة الأمريكية من غفوتها؟؟ ندى الفايز
|
|
من منا لا يذكر حلقات مسلسل الأطفال العربي (عدنان ولينا) الذي كنا نتابع مجريات أحداثه ونحن أطفال صغار، ونطرح على والدينا أسئلة تبدو طفولية وربما ساذجة عن حقيقة أسلحة الدمار الشامل والقنابل النووية، تلك الأحداث التي ما زالت عالقة بذاكرتي خاصة عندما أتذكر مقدمة المسلسل التي تشير بالنص إلى أنه في عام 2008م سوف تعم الفوضى بالعالم وسيحل الدمار الخراب بكوكب الأرض.. ويصور المسلسل الدمار الشامل الذي سيحدث للأرض وسيل القنابل التي سوف تنطلق وكأنها حروب نووية، وكان ذلك بالنسبة لي ولبقية الأطفال وقتها أمرا مستغربا يجعلنا نحدق النظر بشاشة التلفزيون غير مصدقين على الإطلاق ما يعرض أمامنا من خراب ودمار، كل ذلك وأكثر منه جعلني اليوم أعيد وبعد هذه السنوات مشاهدة مسلسل الأطفال من جديد بعين فاحصة بعدما كنت أشاهده وأنا طفلة صغيرة بعين ناقدة وبدون وعي لعملية البرمجة وغسيل الدماغ الذي حاول المسلسل برمجة الكثير من أطفال الأمس عليها، خاصة دور المدعو علام الذي اتصف بالأعمال الشريرة وكان صاحب القلعة ولديه جنود كثيرون، وكذلك دور البطلة لينا وصديقيها عدنان وعبسي وترديد مصطلحات قوى الخير والشر في مجريات الأحداث حتى وصلت لينا إلى أرض الأمل والأحلام مع عدنان وصعدا إلى المنارة وعندها تفتح نافذة كبيرة من السماء. وتبع ذلك بعد سنوات طويلة ظهور الفيلم الأمريكي الشهير هيرمجدون (نسبة إلى المعركة المذكورة في كتب أهل الكتاب) الفيلم يصور أن هناك نيزكا كبيرا سوف يضرب كوكب الأرض ويؤدي إلى فناء الأرض، وعليه جاء الحل في تدمير ذلك النيزك بواسطة قنابل ذرية تزرع في جسم النيزك عبر حفارين مهرة كانوا عمالا في منطقة حفر آبار النفط، والملاحظ أن الفيلم يصورهم على أنهم رواد فضاء أو طيارين عسكريين!! وليس من المبالغة في شيء طرح سؤال في غاية الأهمية: هل حاولت قوى خارجية خفية منذ تلك السنوات برمجة غالبية الأطفال العرب بأنه في عام 2008م سوف يشهد دمارا شاملا؟ وهل التوظيف السياسي ومجريات السياسة الأمريكية الخارجية تمهد لإشعال المنطقة العربية تمهيدا للدمار الشامل بالسنة المذكورة والمحددة بـ2008م؟ استنادا إلى نبوءات الكتاب المقدسة بالعهدين القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل)؛ حتى تتحقق نبوءة معركة هرمجدون التي ذكرت في سفر حزقيال، وتفسيرها أن تقوم الولايات المتحدة بمنع روسيا من مساعدة سورية، وعندها سوف تقوم المعركة وينزل المسيح - عليه السلام - إلى الأرض كما يدعون، الأمر الذي يفسر استهداف سورية بعد استهداف العراق، هذه غير نبوءة دانيال المذكورة بسفر دانيال التي تحققت عبر التمركز في العراق بعد الادعاء بأن العراق يملك أسلحة الدمار الشامل التي اتضح عدم صحتها، في الوقت الذي يرى فيه العديد من المراقبين والمحللين أن الولايات المتحدة تملك أسلحة الكذب والخداع الشامل.. الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان كان من أشد المؤمنين بهذه النبوءات السياسية، بل اشتهر بأنه كان يتخذ غالبية قراراته السياسية على أساس النبوءات التوراتية، ولقد أشار في أكثر من تصريح بأن الاتحاد الروسي يمثل قوى الشر بالعالم وبأن الولايات المتحدة تمثل قوى الخير. وفي هذا السياق أوضحت المؤلفة والكاتبة الأمريكية المعروفة (جريس هالسل) التي عملت محررة لخطابات الرئيس الأمريكي الأسبق (ليندون جونسون) في كتاب صدر لها تحت عنوان (النبوءة والسياسة) أن هناك اقتصاديات ضخمة تقوم بتمويل ونشر مثل تلك النبوءة التي تدر مليارات الدولارات سنوياً على رجال الديانة اليهودية والمسيحية، مثل (بات روبرتسون) الذي يطلق عليه لقب الرجل الأخطر في أمريكا لأنه سوف يقود أمريكا نحو نهاية العالم التي يتحدث عنها، خاصة بعد أن أسس وحدة شبكة البث المسيحية CBN، كما أسس التحالف المسيحي الذي يعد الأكثر نفوذا وتأثيرا في السياسة الأمريكية، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في ترشيح نفسه بالانتخابات الأمريكية نتيجة القاعدة الجماهيرية وملايين الدولارات التي يحصل عليها كتبرعات من مشاهدي نبوءاته التلفزيونية، وكذلك الحال بالنسبة إلى (بات بيوكاتن) الذي كان يريد أن يترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية أيضا، كما أن هناك برامج تلفزيونية شهيرة وأشرطة سمعية لكل من المنصرين التوراتيين من أمثال: هالويلن وجيري فالويل، وتشارلز تايلور، وبول كراوسي، وتشال سميث، وروبرتسون، وبيوكاتن.. وغيرهم الكثير في الولايات المتحدة. وعليه أرى من وجهة نظري الشخصية أن كل ذلك وأكثر منه كان سببا في ظهور أحزاب سياسية أمريكية متطرفة للغاية، تحاول إشعال المنطقة العربية بدون مراعاة حتى للمسؤولية الأخلاقية أو الفاصل الزمني لدورة ومقادير تلك النبوءة التي يدعونها، حتى بلغ الأمر كما وصف بالكتاب المذكور أن بعض الجماعات المتأثرة بتلك الخطب والأقوال قامت بالانتحار الجماعي من أجل التعجيل بعودة المسيح المخلص وقيام القيامة، خاصة بعد انقضاء الألفية الأولى مثل جماعة كورش بمدينة (أكوا) بولاية (تكساس)، وكذلك القس (جونز) الذي قاد انتحارا جماعيا لأتباعه أيضاً في (جواينا) للسبب نفسه وهو الوهم بعودة المسيح ونهاية العالم، مع العلم بأن (ماك تيموثي) الذي دبر انفجار (أوكلاهوما) الشهير كان من ضمن المنتمين للجماعات نفسها المتأثرة بخطب القساوسة والرهبان. ومن مصلحة الولايات المتحدة ودول العالم تفريغ المناهج والكتب الأمريكية من ذلك التطرف المسيحي وإيقاف تلك البرامج التلفزيونية بالولايات المتحدة، والحد من الصلاحيات وخاصة في خطب وتصريحات القساوسة والأحبار لأنها تذكي ثقافة الكراهية بالعالم حتى أنها جعلت المنطقة العربية مستهدفة وعلى فوهة بركان، في الوقت الذي ما زالت الإدارة الأمريكية ومراكز الأبحاث الاستراتيجية مصرة على رمي الاتهامات الزائفة على رجال الديانة الإسلامية والقول زورا وبهتانا أنهم من يقومون بتغذية الإرهاب وروح الكراهية!! ومعروف أن هناك من يحاول في الغرب استخدام تلك النبوءات وتفصيل المواقف السياسية على أساسها بغض النظر عن حتمية الفواصل الزمنية بين الأحداث، كل ذلك وأكثر بهدف تكوين شعبية جماهيرية تضمن الدعم المادي والبشري والسياسي والفكري للمتاجرين بذلك الإرث العقائدي المزعوم لدى الشعوب الغربية التي تؤمن أن حتمية تحقيق النبوءة تكون بالعادة (بحسب مزاعمهم) عند نهاية الفواصل الزمنية مثل نهاية الألفية أو قرن أو عند نهاية مرحلة تاريخية أو سياسية مثل سقوط أو انهيار نظام اقتصادي أو سياسي. وتدريجيا ارتبطت تلك النبوءات عند الغرب بالمخططات السياسية التي نجحت منذ القدم في توظيف النبوءة بشكل خارق خاصة بعد نجاح استخدام الرئيس الأمريكي بوش تلك الدلالات الدينية في بداية حملته الانتخابية عندما أشار إلى أن الرب دعاه إلى ترشيح نفسه بالانتخابات، كما تم عند انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري لاختيار جورج بوش مرشحا عن الحزب في الحملة الانتخابية حيث افتتحت الجلسة بتلاوة نشيد عن المسيح، وقام القس جراهام بيل وبارك بوش والحضور بصلاة أنجولية أصولية، وتولت بعد ذلك تصريحات بوش عندما فاز بالرئاسة الأمريكية حتى أوضح أنه يبدأ يومه بقراءة الكتاب المقدس (الإنجيل والتوراة)، ولم يخف إعجابه بكتاب القسيس أوزوالد شامبرز الذي اشتهر بوعظ الجنود البريطانيين والأستراليين نحو مدينة القدس لتحريرها من المسلمين. كما أطلق بوش تصريحات دينية متعددة من أبرزها اعتبار رئاسته للولايات المتحدة في هذا الوقت أمرا إلهيا واختيارا ربانيا، الأمر الذي لا يتناسب مع الدستور الأمريكي الذي ينص على أن الولايات المتحدة دولة علمانية. كل ذلك وأكثر منه جعل معظم البرامج الإعلامية تسخر من تصريحات رئيسها وتسأل عن أي أمريكا يتحدث، خاصة وأن الدستور الأمريكي علماني ولم يطرأ عليه أية تغيرات ولو قيد أنملة ومع ذلك ما زال بوش ماضياً في الحديث عن قوى الخير والشر، وبداية الحروب الصليبية بصورة تجعل العالم العربي والإسلامي يسأل السؤال تلو السؤال ماذا بقي بعد كل ذلك الدمار والفتن التي أوصلت العالم إلى وضع غير مسبوق بالتاريخ العالمي ويجعلنا نسأل بعد ذلك متى تفيق الإدارة الأمريكية الحالية من غفوتها؟ ولعل مجريات الأمور بالعاصمة الأمريكية واشنطن تشير إلى أن الولايات المتحدة بدأت تفيق نوعا ما وتدرك أن عدوها من بينهم ومنهم وليس صحيحا أنه ذلك العربي المسلم الجالس في دياره ومحاولا ضبط أعصابه قدر الإمكان على الرغم من كل تلك التحرشات والمؤامرات عليه، ومع تعالي الأصوات المسموعة ذات الخبرات المتراكمة والعقليات الواعية داخل الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى أن دولتهم دولة علمانية لا يجوز لها على الإطلاق الحديث بصورة دينية أصولية، خاصة وأن الرئيس الأمريكي لا يتحدث بصورة مسيحية متسامحة كما كان يدعو إلى ذلك المسيح - عليه السلام - بأن يتم نشر السلام والتسامح بالعالم، بل إن الرئيس بوش يتحدث بصورة مسيحية أصولية تعيد للأذهان الحروب المسيحية ومحاكم التفتيش وغيرها من الأحداث التي تم فيها في العصور الماضية استخدام الديانة المسيحية بصورة بعيدة كل البعد عن حقيقة دعوة المسيح إلى التسامح والسلام. وقطعا لم يبق للتذكير سوى أن مجريات الأمور تسير بمقادير وسنن خلقها الله - عز وجل - ولا يمكن لكائن من كان تغييرها أو عمل فعل التعجيل أو التأخير حتى بالأحداث اليومية وكذا الحال بالأحداث الكبرى التي لا يمكن توظيفها سياسيا أو حتى القيام بالتخطيط بادعاء نبوءة أو استخدام نبوءة بهدف خدمة مخططات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، بينما هي لن تخدم الاستقرار ولا السلام بالعالم وسوف تضر في النهاية بالمخططين لها والماكرين مهما طال بهم الزمن. تنويه بالمقالة السابقة والمنشورة لي تحت عنوان (ظاهرة التحرش بين الوقاية والعلاج) بصحيفة الجزيرة الصادرة بيوم الجمعة 9 من ذي الحجة 1427هـ لم يتم استكمال الجملة الواردة بالفقرة الأخيرة بشكل صحيح، ونشرت منقوصة؛ مما أخل بسياق المقال المشار إليه، وعليه يجدر التنويه بأن الفقرة الكاملة تشير إلى: غالبا ما تكون الأماكن العامة بالنسبة لبعض من الفئات النسائية وليس للرجال بيئة تحرش مفتوحة مثل النوادي الرياضية والمسابح العامة المخصصة للنساء وصالات الأفراح والأعراس لأنها -وحسب اعتقاد تلك الفئة- أماكن معزولة ومفصولة تعطي تصوراً أو اعتقاداً بعدم وجود أفراد من الأجهزة الأمنية، يراقبون أو يتدخلون على الفور، مثلما يحدث في الأماكن المفتوحة، التي يشاهد فيها أفراد الأجهزة الأمنية.
nada@journalist.com |
|
|
| |
|