| |
البنك الأهلي يطرح رؤيته في ميزانية 2007: الميزانية تتسم بأنها توسعية.. ولكن بانضباط!
|
|
* الرياض - (الجزيرة): في يوم 18 ديسمبر 2006 أعلنت وزارة المالية السعودية النتائج النهائية للعمليات المالية لعام 2006 وملاحظات عامة على الأداء الاقتصادي الكلي في عام 2006 وميزانية عام 2007م، وفي عام 2006 بلغ الفائض المالي الفعلي 265 مليار ريال، مشكلاً نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي وأعلى بنسبة 3.5% فقط من تقديرنا في بداية العام، والذي كان 257 مليار ريال. من ناحية أخرى أدى تخفيض الكميات المنتجة من النفط إلى التأثير سلباً في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث تباطأ إلى 4.2% في عام 2006 منخفضاً من 6.6% في عام 2005م. وجاءت تقديرات الميزانية للإنفاق الحكومي لعام 2007 مرتفعة بنحو 13.4% عن مستوى الإنفاق المقدر لعام 2006، في حين قُدرت إيرادات عام 2007 بمبلغ 400 مليار ريال؛ أي دون تغيير يذكر بالقيمة الجارية مقارنة بتقديراتها في ميزانية عام 2006 بيد أن الوضع يختلف بالقيمة الفعلية، إذا أخذنا في الاعتبار ارتفاع أسعار مواد البناء وكذلك انخفاض معدل سعر الصرف الأسمي؛ إذ يرجح أن يكون النمو الحقيقي في النفقات أدنى قليلاً من ما ورد في الميزانية. وعلى الرغم مما ورد أعلاه إلا أنه من المتوقع أن تكون الآثار التوسعية غير المباشرة في ميزانية عام 2007 أهم بكثير من الآثار المباشرة، وقد كشفت وزارة المالية السعودية مؤخراً عن عزمها على التفاوض حول استرداد أوراق الخزينة المالية، كما قررت تخصيص 20 مليار ريال لزيادة رأسمال صندوق الاستثمارات العامة، وتعني هاتان الخطوتان، من حيث المردود الفعلي، عمليات ضخ لسيولة إضافية في النظام النقدي. إن التركيز الأكبر للميزانية على الإنفاق الرأسمالي، وتقليص الدين العام، وبناء الاحتياطي، وفي ذات الوقت تجديد موارد التمويل الرئيسة للقطاع الخاص (أساساً البنوك وصندوق الاستثمارات العامة)، أمر جدير بالثناء في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية، ولا تزال استثمارات القطاع الخاص غير النفطي متوانية كثيراً عن الاستثمار الحكومي، وفي تقديرنا أنه من المرجح أن يشهد هذا الوضع توجهاً عكسياً في المدى المتوسط. أداء الاقتصاد الكلي والأداء المالي في عام 2006 مصداقاً للتوقعات، قفزت نسبة الفائض المالي للمملكة العربية السعودية إلى الناتج المحلي الإجمالي مسجلة رقماً قياسياً في عام 2006، حيث بلغت 20.5%، ووفقاً لما ورد ببيان الميزانية، ارتفعت الإيرادات والنفقات بمعدلي 40% و14% إلى 655 مليار ريال و390 مليار ريال على التوالي، ويعكس فائض الحساب الجاري جزئياً المدخرات العامة، إذ بلغ 356 مليار ريال (95 مليار دولار) في عام 2006، مشكلاً نحو 27.5% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام. وكان لارتفاع متوسط أسعار النفط الخام في عام 2006 أثر بالغ الفعالية في رفع الميزانين الماليين المترافقين، ورغم التراجع التصحيحي الذي حدث مؤخراً في أسعار النفط الخام وتخفيض مستويات إنتاجه، إلا أن متوسط الأسعار الفورية لخام النفط السعودي خلال عام 2006 حتى اليوم كان أعلى بنسبة 22% من المتوسط لأسعار عام 2005؛ وعلى ذلك ارتفعت الإيرادات المالية إلى مستوى قياسي بلغ 655 مليار ريال، أو ما يبلغ نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2006م. ومما يثير الانتباه أن النمو في الإنفاق الفعلي ظل مستقراً تقريباً عند مستوى 14% للسنة الثالثة على التوالي. وفي عام 2006 بلغ إجمالي الإنفاق الفعلي 390 مليار ريال، مقارنة بإجمالي النفقات المقدرة بالميزانية التي بلغت 335 مليار ريال، وبالنفقات الفعلية لعام 2005 التي بلغت 341 مليار ريال. ومن اللافت للنظر أن الحكومة حافظت على معدل نمو شبه ثابت يتراوح بين 14% و15% في الإنفاق الفعلي منذ بداية الدورة الاقتصادية الحالية، على النقيض من التقلبات الحادة خلال التسعينات من القرن الماضي. وفي تقديرنا أن هذا مؤشر على تحول هيكلي في السياسة المالية من حزم المحفزات محدودة الأجل إلى إطار عام طويل الأجل ومستدام، يتم إنفاق تدفقات البترودولارات إلى الداخل بانضباط. وتبدو الحصافة المالية جزئياً في الزيادة المتصلة في رصيد ودائع الحكومة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي؛ فقد ارتفعت هذه الودائع منذ شهر يناير 2003 حتى شهر أكتوبر 2006 من 43 مليار ريال إلى 383 مليار ريال. ومن الجدير بالذكر أن الحكمة في السياسة المالية، مصحوبة بتراكم الودائع الحكومية - معظمها في شكل صافي أصول خارجية تحت إدارة مؤسسة النقد العربي السعودي - شكلت أساساً لقرارات وكالتي التصنيف (ستاندردز آند بورز) S AND P و(فيتش) Fitch برفع درجة تصنيف ائتمان الدولة بالمملكة العربية السعودية إلى الدرجة أ+ ( A+) في عام 2006م. ورغم هذا التطور إلا أن الحكومة السعودية ما زالت تتحمل العبء الأكبر في تلبية الطلب على الاستثمار، آملة أن يتحرك الاستثمار الخاص في المدى المتوسط، كما أن النمو السنوي في إنفاق الحكومة الاستثماري فاق بقدر كبير نمو استثمارات القطاع الخاص منذ بداية دورة النفط الحالية حتى عام 2005م، وسنوضح لاحقاً في سياق هذا التقرير كيف أن هذا النمو المتباين في الطلب على الاستثمار يفسر بصورة تامة الديناميكيات الخفية في ميزانية عام 2007م. ميزانية 2007: الحافز المالي غير المباشر يكتسب أهمية بالغة النفقات المقدرة بميزانية عام 2007 أعلى بنسبة 13% عنها في ميزانية عام 2006 فلقد رصدت الحكومة، من حيث القيم الاسمية، 380 مليار ريال لنفقات عام 2007، منها 140 مليار ريال (37%) أفردت للإنفاق الرأسمالي. وتراجع النمو في النفقات الاسمية المقدرة بالميزانية في عام 2007 مقارنة مع معدل النمو في عام 2005 (22%) وعام 2006 (20%)، وتجاوز الميزانية يمثل ممارسة تاريخية؛ وبالتالي فإن تأثيره يظل ثابتاً على أساس سنوي، وفي اعتقادنا أن الإنفاق الفعلي سيتجاوز الإنفاق المقدر بالميزانية بنحو 15% إلى 20%، كما درج عليه الحال في الميزانيات السابقة، ونظراً لأن الإنفاق الفعلي لعام 2006 جاء متجاوزاً لتقديرات ميزانية 2006 بنحو 17%، فإن تأثير تجاوز الميزانية سيبقى ثابتاً على أساس سنوي. وإضافة إلى ذلك فإن الضغوط التضخمية المحلية وتراجع معدل سعر الصرف الأسمي يشيران إلى أن نمو الميزانية الفعلي أدنى من الأرقام المعلنة، وفي ضوء حقيقة أن ما يقارب ثلث الميزانية سيخصص للإنفاق الرأسمالي (يشمل النشاطات الإنشائية والواردات)، ففي تقديرنا أن الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء والانخفاض الاسمي في قيمة الريال السعودي قد يمثلان مؤشراً إلى أن النمو في نفقات الميزانية الحقيقية أدنى بقليل من الرقم المعلن وهو 13%. وقد تراجع سعر صرف الريال السعودي بمعدل 9.5% و12% مقابل اليورو والجنيه البريطاني على التوالي في عام 2006 عاكساً ضعف الدولار الأمريكي مقابل العملتين المذكورتين، وتشير تقديراتنا إلى أن أسعار السلع ستظل مرتفعة في عام 2007 وأن الدولار الأمريكي قد يواصل ضعفه في مقابل العملات الرئيسة. ومن الواضح تبني الحكومة سياسات مالية توسعية غير مباشرة من خلال خطتها لاسترداد أوراق الخزينة المالية المتداولة وضخ 20 مليار ريال في صندوق الاستثمارات العامة. إن ما يجعلنا ميالين إلى الاعتقاد بأن الحكومة تتبنى هذا النهج في سياستها المالية هو القرار الأخير لوزارة المالية بالتفاوض على سحب كامل لأوراق الخزينة المالية قبل أن يحين أجل سدادها. ويمثل هذا السداد المسبق للدين المحلي شكلاً آخر لضخ البترودولار في الاقتصاد المحلي، بعيداً عن أسلوب الإنفاق الحكومي المباشر، وإضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة المالية أنها ستدعم رأسمال صندوق الاستثمارات العامة بمبلغ 20 مليار ريال، وهذا دليل آخر على التوجه المتزايد نحو التحفيز المالي غير المباشر. التحولات الأخيرة في السياسات المالية تؤكد فرضية الضخ النقدي؛ فعقب انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية في شهر ديسمبر من عام 2005 واصلت الحكومة السعودية برنامج هيكلة مؤسسات القطاع العام إلى شركات حيث حولت هيئة السكك الحديدية السعودية إلى شركة السكك الحديدية السعودية ووافقت على إنشاء شركة المياه الوطنية، وفقاً لما ورد بالميزانية. وإضافة إلى ذلك أعلنت الحكومة عزمها على تخصيص الناقل الوطني (الخطوط الجوية السعودية)، هذا فضلاً عن الزيادة الكبيرة في التدفقات الرأسمالية في قطاع البتروكيماويات والقطاع المصرفي وقطاع التأمين. ملاحظات ختامية أولاً: تتسم ميزانية عام 2007 بأنها توسعية ولكن بانضباط، من حيث القيم الاسمية والحقيقية، بيد أنها أكثر توسعاً عند وضع اعتبار أثر تسوية الدين العام وزيادة رأسمال صندوق الاستثمارات العامة. وإذا تم تنفيذ المشاريع العملاقة التي أُعلن عنها مؤخراً وفقاً للجداول الزمنية المعلنة، فإن هذه الأموال ستكون ذات أثر فعال في تمويل المتطلبات المستقبلية لرأس المال ورأس المال العامل. ثانياً: من منظور النمو الاقتصادي فإن التوجه المتزايد نحو حزم الحوافز المالية غير المباشرة يتواءم تماماً مع سياسة تحرير السوق الجارية حالياً، ومن الملاحظ أن الاستثمارات الخاصة غير النفطية ما زالت متباطئة عن الاستثمار الحكومي في تلبية الطلب المحلي. وتسعى ميزانية عام 2007 في إحداث توجه عكسي لهذا النمط السائد، حيث إن الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية والمرافق العامة ستضع الأساس وتمهد الطريق أمام ازدهار الاستثمار الذي يتصدى لقيادته القطاع الخاص.
وأخيراً، ومن منظور مالي، نعتقد أيضاً أن الميزانية التوسعية الحكيمة لعام 2007 جاءت ملائمة لهذه المرحلة من دورة الأعمال وفي هذه النقطة المفصلية بمسيرة التنمية بالمملكة العربية السعودية، وقد شهدت أسعار النفط في الربع الرابع من عام 2006 ضغوطاً هبوطية نتيجة لتباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وتزايد تراكم المخزون، في الوقت الذي تم فيه إقرار تخفيضات في حصص الإنتاج في معظم دول (أوبك). وبالنظر إلى أن الحكومة قد عانت من عجز مالي مستمر وعبء الدين العام طيلة عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، فإننا نرى أن السياسة المالية المنضبطة المتبعة حالياً أمر جدير بالإطراء. تطورات الاقتصاد الكلي: 1- رغم انخفاض متوسط مستويات إنتاج النفط الخام بمعدل 3% حتى اليوم من عام 2006 فأن متوسط أسعار الخام السعودي الخفيف كان أعلى بمعدل 23% عن متوسط أسعار عام 2005م. 2- كان لتراجع مستويات إنتاج النفط الخام تأثير سلبي على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية. ووفقاً لوزارة المالية فقد تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية إلى 4.2% في عام 2006 منخفضاً من 6.6% في عام 2005م. 3- ظل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص قوياً مرتكزاً على الطفرة واسعة النطاق في قطاعات غير نفطية مثل الصناعة والإنشاء والنقل. 4- نتيجة لعدد من العوامل تضمنت الطلب المحلي النشط وانخفاض معدل سعر الصرف الاسمي وسلسلة من صدمات على جانب العرض (إنفلونزا الطيور وحظر استيراد اللحوم الأسترالية)، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى أعلى من مستوى 2% للمرة الأولى منذ أعوام عدة. 5- أسهمت أسعار النفط الخام المرتفعة على نحو قياسي والسياسة المالية الحكيمة في دفع الميزانين الماليين المترافقين، وبلغت نسبة فائض الحساب الجاري والفائض المالي إلى الناتج المحلي الإجمالي 27.5% و20.0% على التوالي في عام 2006م. 6- بناءً على المعطيات السابقة حقق صافي الأصول الأجنبية قفزة هائلة فبلغ 228 مليار دولار في شهر أكتوبر من عام 2006 موفراً أداة حماية قوية في مجابهة صدمات التبادل التجاري. ميزانية عام 2007 ومخصصات القطاعات - المؤسسات بالميزانية تقدر ميزانية عام 2007 إجمالي الإيرادات بمبلغ 400 مليار ريال، وإجمالي النفقات بمبلغ 380 مليار ريال، وتحقيق فائض يبلغ 20 مليار ريال، ومن جملة المبلغ المرصود للنفقات 380 مليار ريال يمثل إجمالي الإنفاق الرأسمالي نحو الثلث (36.8%)، ويشمل ذلك استثمارات في مشاريع جديدة وكذلك توسعة الطاقات. ونقدم فيما يلي موجزاً لمخصصات الميزانية الرئيسية كما وردت في بيان وزارة المالية: المبلغ المخصص للقطاع - المؤسسة قدر إجمالي النفقات بمبلغ 967 مليار ريال، رصد منها 29 مليار ريال لمشاريع الإنفاق الرأسمالي. ووفقاً لوزارة المالية تشمل المشاريع الجديدة التي سيتم تنفيذها في عام 2007 إنشاء ما يزيد على 2000 مجمع ومدرسة، إضافة إلى 4800 مدرسة يجري إنشاؤها حالياً، وأربع جامعات جديدة في تبوك والباحة ونجران وجامعة للبنات في الرياض، و56 كلية، و7 كليات تقنية جديدة، و12 مركز تدريب فني ومهني. التعليم والقوى العاملة قدر إجمالي النفقات بمبلغ 39.5 مليار ريال، رصد منها 5.6 مليار ريال لمشاريع الإنفاق الرأسمالي، وتشمل المشاريع الجديدة 380 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، وإنشاء 13 مستشفى، وعدد من المراكز الاجتماعية ومكاتب العمل والضمان الاجتماعي. الصحة والخدمات الإجتماعية قدر إجمالي النفقات بمبلغ 15.5 مليار ريال، رصد منها 11.1 مليار ريال لمشاريع الإنفاق الرأسمالي، وتشمل المشاريع الجديدة الطرق ما بين المدن، والجسور، وإنارة بعض الطرق، والمشاريع المرتبطة بالنظافة، وتصريف الأمطار وتطوير وتحسين الشواطئ البحرية. خدمات البلديات قدر إجمالي النفقات بمبلغ 13.6 مليار ريال، رصد منها 9.3 مليارات ريال لمشاريع الإنفاق الرأسمالي، وتشمل المشاريع الجديدة إضافة 8000 كيلومتر من الطرق، وتطوير موانئ ومطارات وسكك حديدية، وخدمات بريد جديدة. النقل والاتصالات قدر إجمالي النفقات بمبلغ 24.8 مليار ريال، رصد منها 16.4 مليار ريال لمشاريع الإنفاق الرأسمالي، وتشمل المشاريع الجديدة مشاريع مياه، وصرف صحي، وتحلية مياه، وأيضاً تضمنت الميزانية مخصصات لمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، ومشاريع زراعية، ومشاريع مطاحن غلال. المياه والزراعة والبنية التحتية تعتزم الحكومة ضخ مبلغ 20 مليار ريال في صورة إسهام رأسمالي في صندوق الاستثمارات العامة.
|
|
|
| |
|