| |
التدخين والمسؤولية المشتركة مندل عبد الله القباع
|
|
لا للتدخين وألف لا.. نظراً لاغتصابه للصحة النفسية وتعدّيه على الصحة البدنية للمدخن (الإيجابي) وللمعايش (السلبي). إن الصحة النفسية للفرد تقوم على تهذيب الدافعية وترشيد السلوك الإنساني.. فالتدخين لدينا - مثل كثير من الدول المتقدمة والنامية سواء بسواء - ظاهرة تتسم بالاستمرارية حيث يتحوَّل لعادة (سلوكية لا سوية).. وتتسم أيضاً بالتدميرية لمكونات آلية حركة الإنسان ووعيه وعوامل فهم الإنسان والآخر المشترك (إيجاباً وسلباً)، وقد يُخيّل له شيطانه عدم القدرة على الإقلاع عنها. ويدخل في أتون هذه الممارسة اللا أخلاقية فئات مختلفة صغار، وكبار مسنون، ومراهقون، رجال ونساء.. فمن أسف أن أبلغ عدد النساء اللاتي يُدخِّن نسبة قريبة من الذكور، على الرغم من معرفتهن بأن التدخين يتسبب في سرطان الرئة أو البلعوم، كما يؤدي إلى تلوث البيئة في المحيط، ويمكن ممارسته في وسط كل الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، لا فرق في هذا بين هذه وتلك، وكذلك بين المتعلمين وغير المتعلمين.. وهكذا يتفشى هذا السلوك بين فئات وطبقات المجتمع. ويتعلل الكثير من المدخنين والمدخنات بأنهم يشعرون معه باللذة خصوصاً لدى المراهقين في تقليدهم لقرناء السوء، الذين يُخيِّلون لهم أن التدخين يساعد على تهدئة النفس والحفاظ على اتزان التفكير ويتغاضون عن الحديث عن التغيُّرات الفسيولوجية بما في ذلك ضربات القلب، وضغط الدم وسيولته، ونسبة السكر في الدم، وحالة الأوعية الدموية. ويغيب عنهم أيضاً مدى التغيُّرات السيكولوجية التي يبدونها والشعور بالقلق المصاحب للتدخين الملازم - لا محالة - لممارسة التدخين، وقد يؤثر بدرجة عالية في سلوك الإدمان، حيث يتحوَّل المدمن إلى العدوانية وفقْد الشعور وضياع المسؤولية وضعف التركيز الذهني ومن ثم التحصيل، والتمركُّز حول الذات الأنانية مما يفقده سلوك التذكُّر والاستجابة، والإهمال في أداء الواجب والمهمات وسرعة الانفعال والاستثارة. ومن نتائج البحوث والدراسات التي تجري على المدخنين وُجد أن نسبة النيكوتين في السيجارة تدفع إلى الاعتماد عليها - يعني الإدمان - فقد تعمل بعض وظائف الجسم بفعل تلقي هذه المادة.. وكما يؤثر النيكوتين في الجسم فهو يؤثر أيضاً على الجهاز العصبي المركزي، حيث يبعث على تأثيرات فاعلة على أجهزة نقل التيارات أو الإشارة العصبية. ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن التدخين المستمر وتعاطي كمية كبيرة من النيكوتين يؤديان إلى الكسل والشعور بانسياب الجسم والشعور بالاسترخاء والدعة وضياع الهمة وفقدان العزم، سواء اتخذت هذه الكمية عن طريق تدخينها أو مضغها أو شمها أو استنشاقها. هذا فيما يتعلَّق بتعاطي الكميات، أما في حالة تعاطي كميات محدودة أو قليلة إلى حد ما، فقد تقود المدخن إلى التصرف بفعل الاستثارة مما يطلق عليه سلوك (الاعتمادية) والعياذ بالله.. ومما يجب للمتعاطي أن يعرفه أن التدخين وتعاطي أي نوع آخر من المخدرات يعطي نفس النتائج الفعلية أو السلوكية سواء في حالة كل من التعاطي والانسحاب.. مما يحتاج في الإقلاع عنه إلى التذرُّع بإرادة قوية واللجوء بإيمان إلى إرادة الله.. فإذا كان أحدٌ من السادة القراء مدخناً فعليه بالإقلاع الفوري تجنُّباً من الإصابة بالذبحة الصدرية أو السل الرئوي أو سرطان الرئة أو الحلق، وما يصاحبها من قلق واكتئاب. ويقول لنا الأطباء إن 75% من المدخنين (تقريباً) يموتون بفعل سرطان الرئة، وهو أمر مؤكد حتى عالمياً.. وهذا ما حدا بوزارة الصحة السعودية أن تقرر رفع دعوى قضائية على شركات التبغ بالمملكة مقابل تلك الخسائر التي تتكبَّدها المملكة سنوياً، والتي تُقدر بحوالي خمسة مليارات ريال.. كما طالبت وزارة الصحة بتعويض يُقدم للمرضى الذين تمَّت إصابتهم بأحد أنواع سرطان الرئة المنتشر بين المدخنين، فضلاً عن المبالغ التي تنفقها المملكة استقطاعاً من ميزانية الدولة لمواجهة متطلبات علاج ممن سقطوا صرعى سرطان الرئة أو البلعوم أو أي بلاء نتج عن تعاطي التدخين بأنماطه المتعددة. ومما يجب التنويه إليه أن المرأة المدخنة، وقد كثر عددهن في المملكة تقليداً أو استطلاعاً أو اعتماداً مرضياً أو مشاركة (إيجاباً ذلك أو سلباً) هي عرضة (وبالتأكيد) أن ينتج عنه عقمها والقضاء على خصوبتها مما يجعلها صريعة عدم الإنجاب وحرمانها من الأطفال.. لذا فهي عرضة للمشكلات الأسرية التي تصل إلى الطلاق في كثير من الأحوال وتصبح وبالاً على نفسها وعائلتها.. وحتى لا تقلع بعد فوات الأوان فعليها أن تمتنع فوراً ومن الآن لأنها - يقيناً - حتى لو أنجبت أطفالاً فمن الممكن أن يأتوا للحياة مشوهين وأرباب إعاقات جسدية أو ذهنية. إذن علينا جميعاً مسؤولية مشتركة أن نحمي أبناءنا، ولنقلع عن التدخين من الآن إلى جانب التوصية بعدم بيع الدخان على صغار السن بأي صورة من الصور، وأن نحد من بيعه مع رفع سعر الجمرك الخاص به.. إن المسؤولية مشتركة، وعلى الله قصد السبيل.
|
|
|
| |
|