| |
في أمسية قصصية بمنتدى بودي الثقافي بالأحساء قصص الجشي والعمران تقاوم أوراق النقاد.. وانتقاد لمن يصرون على العبث بالهندسة الوراثية للقصة القصيرة
|
|
* أبها - عبدالله الهاجري: ضمن فعاليات برنامج بودي الثقافي بالأحساء لشهر ذي القعدة أحيا القاصان جعفر الجشي وفاضل العمران أمسية قصصية في منتدى بودي الثقافي بالأحساء، وأشار راعي المنتدى محمد بودي أن القاصين يمثلان الجيل الشاب في كتابة القصة المحلية في نسختها الحديثة، وقد تخللت الأمسية جولتان قرأ فيهما القاص جعفر الجشي قصة (ظمأ الباقيات) ونص (الزبانية)، فيما قرأ القاص فاضل العمران قصة (مساء النشوة) وقصة (صفيح). وقدم الناقد عبدالله الملحم ورقة عن واقع القصة السعودية الحديثة، وانتقد بعض القاصين المولعين بالتغيير لأجل التغيير والمغرمين بمحاكاة الآخر وتلقف تجاربه قبل صيرورتها ووضوح معالمها ووصفهم بأنهم يصرون على العبث بالهندسة الوراثية المعروفة للقصة القصيرة ليفاجؤونا بين الحين والحين بقصص ممسوخة، كما النعجة (دولي)، هي أجدر لتصنيفها ألغازاً أو طلاسم كان يتعين إدراجها في خانة الألغاز الفكرية كما هي الألغاز النحوية، والألغاز الشعرية والألغاز الفقهية، ومن ثم تجيء هذه القصص القصيرة لتأخذ مكانها الحقيق بها تحت مسمى (الألغاز القصصية)، وطالب الملحم كتاب القصة القصيرة بعدم الإصرار على توجيه قصصهم للنخب دون الجماهير ومراعاة الثابت والمتغير والتناغم مع الراهن بكل دقة ووعي، وقال إن قارئ القرن الواحد والعشرين مأخوذ لصالح وسائل ثقافية أكثر تطوراً وجاذبية لعقله وذوقه وثقافته مما تكتبون. وفي ختام ورقته قال الملحم إنه لم يفهم من قصص الضيفين شيئاً ولم يتواصل معهما وبالطبع لم يتذوق هذه القصص، إلا أن القاص جعفر الجشي رد في إجابته بأن هذا الألغاز الذي قالها الملحم لم يجدها لدى الجمهور الذي استمع إلى مشاركته القصصية ومشاركة عدد من شعراء القصيدة العمودية والتفعيلة والنثر بل كانوا متفاعلين على مختلف النصوص الفنية وذلك في الأيام الثقافية السعودية التي استضافتها جمهورية مصر. ووصف الشاعر والناقد إبراهيم منصور لغة جعفر الجشي في قصة الزبانية بأنها لغة متأرجحة بين المقاومة والاستسلام وبين الصمود والتراجع وبين المعايش والمتذكر، وقال إن الجشي لم يكن محايداً في هذه اللغة وانحاز إلى البطل برسم صورته التي اهترأت في النهاية، وأضاف أن الجشي أودع نص الزبانية حوارين أحدهما رئيس وهو المونولوج عند البطل والديلوج الذي أداره الزبانية فيما بينهم، وقال منصور بالفعل استطاع الجشي أن يضغط على الجرح لكن هل داواه أم أماته؟، تساؤل تركنا القاص في حيرة بالإجابة عليه وعن قصة ظمأ الباقيات للجشي قال منصور: تتضح عناصر القص في النص الأول ولم نكد نتبينها وإن كان ثمة رابط بين القصتين فهو المضمون الذي يدور بين المقاومة والاستسلام، ووصف الصراع في نص ظمأ الباقيات بأنه مضموني يتطور حسب كل مشهد ويسبق مشاهد الأربعة بالقصة إعداد نفسي مخافة الفشل، وقد استخدم القاص الجشي تقنية الصورة من خلال ذكره للمشاهد الأربعة وتركنا مع المشهد الخامس نكتب معه، وقال منصور إن توظيف تقنية المشاهد في هذا النص تعني التجدد واستحضار الصورة وليس أقدر من الفعل المضارع على القيام بذلك وهو ما استخدمه الكاتب في صورة غلبت على سائر مفردات النص حيث بلغت الأفعال المضارعة 156 فعلاً في 3 صفحات وهذا يعني أنه لم يمر سطر واحد دون استخدامه مرتين على الأقل، وأضاف أن للقاص الحق في اختيار ألفاظه لكن أن يكون الاستخدام مجانيا هذا ما يثقل النص بخاصة إذا كان النص قصة قصيرة وقال: لقد وفق القاص الجشي إلى حد كبير في رسم حدود المشهد في تقنية المونتاج السينمائي أو ما يسمى بالفن التشكيلي بتقنية (الكولاج) من خلال جمله الاعتراضية وسرد المنساب وفي النهاية يضع الجشي الحل بعد الصراع المتعدد متلاشياً لحظات التنوير لأن زمان القصة لا يسعفه فقد بدء بالعقدة على غير المعتاد في عناصر القصة فاتحاً لنا الطريق لإكمال المشاهد، ثم تناول الناقد إبراهيم منصور قصتي فاضل العمران وأشار إلى أنه من خلال نصين المسافة بينهما في الكتابة 40 يوماً بينهما يرسم صورتين مغايرتين تماماً، الأولى هي اختصار الكون في نصه الأول صفيح والثانية هي التخلص من خلال مساء النشوة، وأضاف أنه يتملكه العجب في الترتيب الزمني للنصين فالثاني يبدو نصاً تقليدياً بشخوصه وزمانه ومكانه وصراعه وعقدته وحله، والأول نص رمزي، يدور في صخب المدينة وترفها، أما الثاني فهو نص به براح من الوصف تقتضيه الأجواء الأسطورية التي عشناها مع القاص. وأضاف أن سمة المقاومة تغلب على نص صفيح وهي سمة يشترك فيها فاضل العمران مع جعفر الجشي والتي تكاد تكون سمة لكل هذا الجيل، بيد أنه استدرك أن نص صفيح يظل مفتوحاً لا يقدم إجابات، وعن نص مساء النشوة وصفه الناقد منصور بأنه نص مراوغ مؤلم يغلب عليه الجو الأسطوري والملاحقة السمعية وهو نص تكاملت فيه عناصر القص لكنه لم يضف جديداً على مستوى التلقي وربما تكرر بصورة أو بأخرى لدى كتاب آخرين. أما الناقد الدكتور بسيم عبدالعظيم أستاذ الأدب في كلية البنات بالأحساء تحدث في ورقته النقدية ملاحظة تأثر القاصين بالبيئة من جهة وبالتراث الثقافي من جهة أخرى من خلال عناوين القصص وصورها ومضامينها، فجعفر الجشي يصف البطل في ظمأ الباقيات بالشامخ الذي لا يركع، ويشبهه بالنخلة التي تتناول آفاق السماء ضاربة بجذورها في الثرى، كما لاحظ الدكتور بسيم اتكاء القاص فاضل العمران على المفارقة المولدة للسخرية في عناوين قصصه، كما يبدو في قصته مساء النشوة فالنشوة تنقلب إلى موت مضرج بدماء العروس لمياء، وقال ان نصوص الجشي والعمران امتازت بعدم الترهل والتكثيف والاتكاء على الموروث وتوظيف الرمز وحضور البيئة في استلهام الصورة والمضمون. فحين طالب الدكتور سليمان البوطي التريث في كتابة القصة القصيرة ووصف كتابتها بالصعبة وقال ان من يريد أن يكتب القصة القصيرة في شكلها الأنموذج لا بد أن يمارس تمريناً كتابياً في كتابة روايتين على الأقل لكن القاص فاضل العمران رفض هذا الشرط وقال ان لحظة الإبداع والدفق الكتابي هي التي تحدد شكل النص قصة قصيرة أو رواية أو حتى نصاً شعرياً.
|
|
|
| |
|