| |
يارا إنه معسل التفاح أيها الرفيق عبدالله عبدالله بن بخيت
|
|
كتبت عن العولمة مرات كثيرة. موضوع العولمة أصبح مثل موضوعي فلسطين والعراق، وهو مليء بكل أنواع الكلام. كل إنسان يستطيع أن يتفلسف فيه ما شاء له التفلسف، أمسك الورقة والقلم، وستنهال عليك الأفكار كالسيل المنهمر. أكتب هذا المقال من مدينة وارسو في بولندا. حتى الآن لا أعرف كيف أصف هذه المدينة الملتبسة بآلام التاريخ الحديث كله.. الانطباع الأكيد الوحيد هو جمال البنات البولنديات. أنصح كل من يريد أن يتزوج كتابية التوجه إلى وارسو دون إبطاء. كنت أظن أن هذا مجرد انطباع شخصي والعياذ بالله. ولكن بعد أن سألت الثقاة من العرب والعجم الذين يعيشون في بولندا، قالوا لي: هذا أمر معروف في أوربا لا جديد فيه. المرأة البولندية لا يعلى عليها. النظر إلى وجهها يمنحك الإحساس أن هناك نماذج دنيوية للتعريف المبدئي بالبنات الحور. شقراء خمرية البشرة تسيطر على ملامحها ابتسامة رضا لا تمنحها المرأة العادية إلا في لحظات الهدوء الناتجة عن نهاية حب صاخب. نظرة من عيونها الزرق تطيح بك من شاهق الرغبة. كثير من القراء في هذه اللحظة عدل جلسته وبولع ريقه وسحب طرف ثوبه حتى لا يتشتت انتباهه. فالموضوع بدأ يأخذ منعطفاً لا يمكن التساهل فيه. مع الأسف لن أمضي قدماً في هذا الاتجاه. في مثل هذه الأمور الخطيرة من الأفضل أن يتأكد الإنسان بنفسه. تشتهر بولندا في أوربا برخص علاج الأسنان وجودة أطبائها. يكفي أن يكون ضرسك يوجعك لتحزم حقائبك وتتجه إلى وارسو للتأكد من سلامة أسنانك، وبولندا تشتهر أيضاً بعمليات التجميل: زراعة شعر، تعديل خشم، شفط دهون، تمطيط بشرة. أنا على ثقة - إن شاء الله - أنك لن تعدم واحدة من هذه العيوب. المهم جاك العلم دبر نفسك. تقع بولندا على مفرق الطريق بين الشرق والغرب، مما جعلها مدعس أقدام القوى الكبرى عندما تريد أن تتصارع. معظم الحروب التي وقعت في أوروبا كان الشعب البولندي وقوداً لها. تريد بولندا أن تتخلص من إرث الماضي القريب. أصبحت الشيوعية كلمة تثير الذكريات الكئيبة لا يتغنى بها سوى كبار السن. نستلجيا زعيق الشباب في الشوارع والمارشات العسكرية والشعارات والأحلام بأن الإنسان أخو الإنسان في كل مكان وزمان. إنها الثورة أيها الرفيق بولونسكي، سيثير اهتمامك - بعد الكتابيات طبعاً - برج شاهق يعكس عظمة الأحلام الشيوعية وأوجاع انهيارها. شبح يخيف الشباب والرأسمالية الوليدة. بناه الروس في الخمسينيات شبيهاً بأخيه المنتصب في قلب موسكو ليكون عربون الصداقة الأبدي. هناك أصوات كثيرة تطالب بهدمه. لا نريد أن نرى روسيا في كل يوم نتجه فيه إلى أعمالنا. لقد أصبحنا رجال أعمال وموظفين في شركات عابرة للجنسية. نوكيا هنا وإي بي إم هنا وإل جي هنا وتويوتا هنا وفولفو هنا. إن هذا البرج الجميل العالي يثير اشمئزازنا. يذكرنا بحذاء خرتشوف الشهير. شعارات الرأسمالية في كل زاوية من وارسو حتى العرب لم يتخلفوا عن انفجار العولمة الذي يجتاح وارسو في كل زاوية. اللوحات التي كنت نراها في لندن السبعينيات: علاء الدين، الليل، مقهى أبو عبده، المازات اللبنانية. يوحدها جميعاً رمز العولمة العربية. إنه معسل التفاح أيها الرفيق عبدالله.
|
|
|
| |
|