| |
بعد رحيل جيل الروَّاد أهمية إنشاء أقسام لتحقيق التراث عبد الله بن حمد الحقيل *
|
|
التحقيق العلمي ناحية حيوية مهمة، وتجب المحافظة على هذا الجانب؛ لأنه من أول واجبات مراكز البحوث والجامعات. ولقد بذل الجيل السابق جهوداً مشكورة في تحقيق الكثير من التراث والكتب المخطوطة، وما زالت كتبهم بين أيدينا يستفيد منها الأدباء والمفكرون والمعلمون، وكانوا يُعنون عنايةً كبرى بتحقيق المخطوطات، وأنجزوا أعمالاً جيدة وبذلوا جهداً وأدوا واجباً، وستظلّ الأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة تذكر صنيعهم وما أمدونا به من فيض علمهم. وفي كل عام يتساقط عدد من جيل الرواد من أولئك المحققين ويذهب إلى رحمة الله، حتى أوشكت الساحة اليوم أن تخلو من هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في نشر رسالة العلم والصبر على تحقيق المخطوطات وكتب التراث، من أمثال عبد السلام هارون وعبد الوهاب عزام ومحمود شاكر ومحمد كامل حسين وإبراهيم الأبياري ومحمد كرد علي ومصطفى الشهابي وجواد علي وحمد الجاسر ومحمود شيت خطاب وبهجت الأثري وإحسان عباس وعادل أكرم زعيتر وعبد الله كنون وعيسى المعلوف وخليل مردم وبهجت البيطار وشكري فيصل والزركلي ومحمود الألوسي والكرملي ومصطفى جواد وعمر فروخ وأسعد داغر والمازني وأحمد أمين والزيات، وغيرهم كثير ممن لا تحضرني أسماؤهم، وكلما قرأ المرء كتب هؤلاء وتحقيقاتهم يدرك عنايتهم واهتمامهم بالعلم واللغة والثقافة والدقة والمسؤولية ومنهجية البحث، وينبغي أن نواصل الجهد ونسير على منهج أولئك الرواد الذين خدموا كتب التراث وذخائر الأدب. إن الواجب يقتضي أن نعدّ جيلاً من المحققين ممن يمتاز بروح العلم والمعرفة والانتماء والرغبة العميقة في خدمة البحث العلمي، وإنشاء أقسام لتحقيق التراث ولتحقيق الغاية المرجوة من ذلك. إن الاشتغال بالتراث ليس عملاً هيِّناً، وإنما هو عمل شاق وجاد؛ لأنه يتعامل مع نصوص تاريخية واجتماعية ومعارف تراثية وممارسة منهجية جادة حين قراءة التراث وتقويمه.وبالله التوفيق..
عضو جمعية التاريخ والتراث والآثار بجامعات دول مجلس التعاون
|
|
|
| |
|