Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/12/2006G Issue 12498وَرّاق الجزيرةالأحد 26 ذو القعدة 1427 هـ  17 ديسمبر2006 م   العدد  12498
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

في ترجمة جديدة للكتاب..مع أبي حنيك في حربه الصحراوية
صالح بن محمد المطيري

(حرب في الصحراء) كتاب وضع فيه الضابط البريطاني جون باجوت غلوب باشا (توفي 1986م) المشهور بأبي حنيك تفاصيل حياة حافلة بالأحداث والمغامرات لمدة ست سنوات (1924-1930م) وذلك بين أفناء من القبائل العراقية في الجنوب وعلى الحدود بين نجد والعراق، كابد فيها ما كانت تلاقيه تلك القبائل من ويلات الغزو والسلب والنهب بينها وبين القبائل النجدية وخاصة خلال ثورة الإخوان في عشرينيات القرن الميلادي المنصرم.
والمؤلف ضابط بريطاني معروف بل ذو صيت بين القبائل والبادية في العراق وبلاد الشام، وبعد انتهاء خدمته في صحراء الجنوب العراقي، تولى قيادة الجيش الأردني لسنوات مديدة، إلى أن نحي عن منصبه في الخمسينيات الميلادية، ورحل هو بعدها إلى بلده ليتفرغ للكتابة والتأليف، فشرع يؤلف الكتب خاصة عن خبرته الطويلة وحياته وأعماله العسكرية في بلاد العرب، وكان هذا الكتاب من أوائل تآليفه تلك، وفيه يقص مراحل خدمته تلك وطبيعة العمل الذي كان يقوم به كضابط عسكري يحاول تخليص قبائل الرعاة العراقيين من مخاطر غارات الغزو القادمة من جموع غزاة الإخوان في الجنوب على حدود نجد، وما قام به في تضاعيف ذلك الصراع من رحلات استكشافية مثيرة في صحراء الحجرة، تلك الصحراء التي تمتد فيما بين النفود في شمال نجد إلى الأرضين المتاخمة لمنخفض الفرات الكبير، كما يسترسل في وصف لقاءاته مع أناس شتى كلقاءاته مع مشايخ القبائل هناك، ورؤساء البدو من رعاة الأغنام ومعاونيه من خدم وأصدقاء ومرافقين، ولا ينسى في أثناء ذلك أن يعطي القارئ وصفاً حياً نابضاً لطبيعة حياة هؤلاء البدو من الرعاة، وما كان فيهم من طباع استحسن هو كثيراً منها كخصلة السخاء والكرم على قلة الموجود، وإنجاد الملهوف وإجارة الخائف، وما تعودوا عليه من أساليب المعيشة اليومية، حيث ظل زماناً وهو يجوس خلال ديارهم ويرافقهم في رحالهم وينام في أخبيتهم، كما شاركهم مخاوفهم وضراءهم، ورحل معهم لمسافات طويلة طلباً للنجعة والمرعى الوفير، أو بحثاً عن مضارب ومراع أكثر أمناً من تلك التي تحولوا عنها، كما استمع إلى حديثهم وأتقن لهجاتهم وثقف منازع القول عندهم، وألِف أساليبهم في الأشعار والأمثال والحكم، حتى أنه أدرك ما كان ينطوي عليه كلامهم فيما بينهم من استعارة وصور وأخيلة لا يدركها في العادة إلا من مكث طويلاً بينهم واستوعب آفاق التفكير لديهم والبيئة التي يعيشون فيها.وكان هذا الكتاب قد ظهر مترجماً للعربية عام 2001م عن دار قرطاس في الكويت، وقد قام بترجمته آنئذ الأستاذ عطية كريم الظفيري، بمراجعة السيد فارس غلوب، الذي هو ابن المؤلف، والمعروف أن غلوب باشا من طول مكثه في بلاد العرب قد تقمص الحياة العربية، وتشرب طباع العرب وأساليبهم، حتى أنه جعل من بيته في إنجلترا بيتاً عربياً وسمى أبناءه بأسماء عرب! وقد تعاون المترجم والمراجع وتضافرت جهودهما ومعارفهما اللغوية والثقافية في إنجاز ترجمة رصينة للكتاب، ولا سيما أن أحدهما عربي بلغته الأم والآخر إنجليزي بلغته الأم، والمعروف لدى اللغويين أن هذا التضافر يزيد من احتمال نجاح الترجمة، أعني عندما يتوافر على الترجمة اثنان مختلفي اللغة والثقافة.
وعمل الأستاذ الظفيري يدل على صلة وثيقة بموضوع الكتاب وعلى دراية وعلم بخلفية الأحداث والأشخاص والأمكنة التي يتحدث عنها المؤلف، حيث اتصل غلوب باشا كضابط للصحراء طوال السنوات الست تلك بقبيلة الظفير وتعامل مع جملة من مشايخها وتعاونوا هم معه في تذليل مسؤولياته في إدارة قبائل الصحراء، وإدارة الصراع هناك والذي كانت غارات الإخوان المحرك الرئيس له، كما استعان الظفيري بالمراجع العربية في تجلية النص وتحرير معالمه وتحري الصواب ونقله على الوجه الصحيح. لكن برغم جودة الترجمة هذه وسبقها الأدبي وأسلوب النشر العلمي فيها من وضع حواشٍ توضيحية تعلق على ما يُحتاج إليه، وكشاف شامل لأعلام الأشخاص والأماكن الواردة في النص، وقائمة بمصادر ومراجع استعين بها للترجمة، إلا أنه مع ذلك لم تلبث أن ظهرت في الأسواق ترجمة أخرى جديدة للكتاب نفسه (حرب في الصحراء) بقلم صادق عبد الركابي عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن سنة 2004، وقد غُير العنوان ليصبح (حرب الصحراء) خلافاً لأصل الكتاب، وفوق ذلك كتب على طرة هذه الترجمة (الطبعة العربية الأولى)، وأنا أتساءل: كيف تكون الطبعة العربية الأولى وقد سبقتها ترجمة الأستاذ الظفيري بسنوات، وانتشرت لدى باعة الكتب وفي قوائم المكتبات وفهارس النشر حتى على شبكة الإنترنت؟
وبعد قراءتي لهذا الترجمة الجديدة التي يفترض أن تضيف أو تحسن من عمل سابقتها (إن وجد شيء من قصور) إلا أنها - ويا للأسف - اختلفت عن سابقتها بالوقوع في أخطاء ترجمية كثيرة، سواء أكانت على مستوى النسيج اللغوي أي السياق العربي الذي صيغت به، أم - وهو الأشد - على صعيد أسماء الوقائع والحوادث وأسماء القبائل وأعلام الأشخاص وأسماء الأمكنة والمواضع التي كانت مسرحاً لحوادث الكتاب، فجاءت هذه الترجمة مفعمة بالأسماء المغلوطة والمحرفة التي يفترض بالمترجم أن يلم بخلفياتها العربية حتى يتسنى له نقلها على الوجه الصحيح. كما أن صنيع المترجم في الكتاب يشي بأنه ليس على اطلاع كاف ومسبق بأطراف الموضوع؛ أي أطراف الصراع بين قبائل رعاة الأغنام وبين غزاة الإخوان، والذي هو مدار البحث في الكتاب، والذي كانت قبائل الرعاة العراقيين الضحية الأكبر له، فلا ينم عمل المترجم على ألفة ودراية بتلك المراجع العربية المتعلقة بالموضوع وما أكثرها، لذا ربما تبدو هذه الترجمة للقارئ - بعد ملاحظة أخطائها وسوء نقل الأسماء فيها - قد تبدو للقارئ الفاحص وكأنها ترجمة تمت بتكليف رسمي صدر من مدير مطبعة ووجه إلى أحد المترجمين ليقوم بالمطلوب دونما كثير عناية أو احتفال بتحقيق المدارك والحوادث والأعلام التي يتحدث عنها الكتاب، وها أنا في هذا المقال أثبت جملة من الملاحظات على عدد من الأخطاء؛ إذ لا يتسع المجال هنا لتقييد كل شارد ووارد من هذه الأخطاء، وحسبي أن أشير إلى الأخطاء المحورية الملحوظة التي يمكن أن يلاحظها أي قارئ لديه إثارة من علم بموضوع الكتاب:
أخطاء في أسماء القبائل
هناك قبائل رئيسية ترد في ثنايا الكتاب بكثرة، ولا يكاد يخلو منها فصل من فصول الكتاب، مثل الظفير وعنزة وشمر ومطير وحرب، إضافة إلى قبائل الرعاة العراقيين مثل الزياد والجاسم واليعاجيب وغيرهم. ونقل المترجم لأسماء هذه القبائل يدل على عدم إلمامه حتى بأسماء هذه القبائل التي تمتد ديار بعضها كقبيلة عنزة وشمر في بلاد الشام والعراق، وهاكم شيئاً من هذه المغالطات في نقل أسماء القبائل:
ضفير: يكتبها المترجم هكذا وتتكرر في معظم صفحات الكتاب، وصوابها (الظفير) بالظاء المشالة مع ال التعريف، والمترجم يتخبط بين إثبات ال التعريف وحذفها في أسماء القبائل فلا يعلم أيها ب(ال) وأيها من دون (ال)، وهكذا نجده يكتب (ضفير، عجمان، المطير، القحطان، الصبي).. وهذه القبيلة الأخيرة صوابها (سبيع) أي قبيلة سبيع، تحرفت أثناء الترجمة، انظر ص 427. كما يذكر قبيلة (عنيزة) وصوابها عنزة (ص 355)، والعمرات وصوابها العمارات، والروالة (بالمد) وصوابها الرولة (ص 337)، وإسلام من شمر وصوابها الأسلم (ص 206)، وغيرها.
أخطاء في
أسماء الأشخاص والأعلام
وقد حدثت أخطاء كثيرة من هذا القبيل، وإليكم بعضها، مع وجه الصواب فيها بين قوسين: الأنجري (العنقري) ص 359، ابن ربيان (ابن ربيعان) ص 361، طريحيب بن شقير (تريحيب) ص 238، ابن مسعد حاكم حائل (ابن مساعد) ص 201، محسن الضجري من حرب (الذكري)، بدح المترقة (بداح المطرقّة، بتشديد القاف) ص 381، زامل بن صبحان (سبهان) ص 381، نهر الشريفي (نهار الشريطي) من شمر ص 380، حزة الدويش (هزاع الدويش) ص 410، حرب بقيادة حجاب بن نحيط (نحيت) ص 427، أبو اثنيان شيخ قبيلة الصبي (ابو اثنين شيخ قبيلة سبيع) ص 421، مناحي الحيظل (الهيظل) ص 427، حايف الفغم (هايف الفغم)، ابن محيلب (ابن مهيلب) ص 407، وغيرها.
أخطاء في
أسماء المواضع والوقائع
ومنها: يوم سبيلا، وهو عنوان الفصل السادس عشر، ص 353، ويقصد به (يوم السبلة)؛ أي المعركة المشهورة التي انكسرت فيها جموع الإخوان أمام جيش الملك عبدالعزيز. وهناك موضع آخر يسميه الجرب ص 357 وصوابه جراب. الجرية وخبرة وضحة وصوابها قرية (أي العليا)، وخباري وضحى ص 358، والأمبيض صوابه (مبايض) ص 361، في البطن فوق الحفر (أي الباطن، وادي الباطن) ص 340، والجلط ص 417 صوابه (القلت).
أخطاء أخرى
ومنها نبات من شجيرات الصحراء يسميه (الأرفج) تارة و(الإرفاج) تارة أخرى، وهو شجيرة معروفة صوابها (العرفج) ص110. وفي ص 113 يذكر ضيافته لدى أحد البادية حيث قدم إليهم طبقاً (صحناً) مليئاً بالرز واللحم (ودلق عليه إناء إثر آخر من الزيت)، والمعروف أن لا ثمة زيت لدى البادية ليسكب على الرز وإنما هو السمن، والخطأ وارد من حيث إن الإنجليز يستعملون كلمة قد تعني الشيئين.
كما يذكر المؤلف أنه كون قوة من الشرطة أسماها حسب هذه الترجمة (فيلق جمال الصحراء)، ولو فتشنا عن عدد هذا الفيلق الصحراوي المغوار لوجدنا أن قوامه تسعون رجلاً فقط، بعضهم هجانة على الإبل وبعضهم على عربات، فكيف يُترجم هذا العدد القليل المحدود بفيلق؟! والشاعر يقول: في فيلقٍ للدجى كاليمِّ ملتطمٍ..، فالمعروف أن الفيلق كما في معاجم اللغة كالتاج للزبيدي مثلاً هو الجيش أو الكتيبة العظيمة ذات العدد، فأنى للتسعين أن يكوّنوا فيلقاً؟ إنما هم قوة أو سرية مثلاً أو سلاح (في ترجمة الظفيري قوة الهجانة).
وعلى ذكر العربات أو السيارات المستخدمة لدى قوة الشرطة الصحراوية نجده يترجمها ب(عجلات) كما في قوله انطلقت في إثرهم أربع عجلات أو ثماني عجلات، أو قوله عجلة فان مجهزة بلاسلكي في ص 282، وهذا الاستخدام يتكرر على نحو مطرد في الكتاب، ويُحدث لدى القارئ العربي تشويشاً ليس باليسير لأن العجلة تختلف حتماً عن العربة أو السيارة.
ومن الأخطاء الأسلوبية أيضاً نجد في ص 369 قوله: (سمعت القحة الصغيرة المكتومة التي يعلن فيها حامد العبد عن مقدمه)، قلت: هذه تسمى في العربية نحنحة، فتأمل طول تلك العبارة، وهي تتكرر كلما قدم حامد العبد هذا. ومنها (جلد ماعز مملوء ماء) ص 145، أو (جلود المياه الفارغة) ص 346 ويقصد بها القربة، قربة الماء.
كما يتحدث المؤلف في ص 169عن دين البدو وصلاتهم التي يرى أنهم يؤدونها (بشكل أتوماتيكي ودون تفكير)، قلت في العربية نقول: صلاة بلا خشوع، وليس بلا تفكير.
وفي ص 95 يتحدث عن الربيع في الصحراء والعشب الأخضر الذي لا يلبث بعد حين أن يصفر (وتذرو الشمس الحارة العشب الذي يصبح قشاً وهو في مكانه) قلت: العشب الصحراوي يستحيلُ ويصبح هشيماً بعد حين لا قشاً، والهشيم هو العشب الجاف، وفي التنزيل العزيز: (فأصبح هشيماً تذروه الرياح) الكهف: 45.كما لا تخلو الترجمة من أخطاء نحوية تجدها هنا وهناك، ومنها مثلاً ص 281 (ثلاثة من العجلات) وصوابها (ثلاث)، وتتكرر مشكلة العدد هذه ك(ثمانية عجلات) و(أربعة عجلات) في الكتاب، ومن الأخطاء النحوية أيضا ص 77 (كان لدى علي اليونس مسدساً) بالنصب وحقها الرفع (مسدسٌ)، وفي ص 373 (عاد مبعوثيه يحملون رسالة) وصوابها (مبعوثوه) بالرفع، ومن هذا القبيل في ص 63 (لم يَظهر الوهابيون من قبل مؤهلون للمطالبة بالهيمنة) ومؤهلون صوابها مؤهلين بالنصب، ومثلها في ص 366 (لم يكونوا القوم الوحيدون الذين..) وحقها النصب (الوحيدين). وينضاف إلى تلك الأخطاء الأسلوبية والنحوية أخطاء أخرى طباعية تلاحظ في السياق ذاته.
وهكذا وبالنظر لهذه النقاط والملاحظات، أرى أن هذه الترجمة الجديدة لم يكن لها لتضارع الترجمة الأولى للكتاب، فهي لم تضف شيئاً ذا فائدة على ما أنجزته سابقتها، هذا فضلاً عن تحريفها لكثير من أعلام الأماكن والأشخاص، فما الداعي يا ترى لنشر ترجمة أخرى ليس فيها ما يبرر تكرار الترجمة، كما لا يوجد لها مراجع يعين في تصحيح متنها أو يُصْلح في الأقل من أخطائها الأسلوبية والنحوية والطباعية؛ لذا فإنه قد لا يكون المرء مبالغاً إذا ما تلمس اعتبارات ربحية غير علمية من وراء هذه الترجمة القاصرة لكتاب مغرق في ثقافة الصحراء ومتعمق في سرد تفاصيل صراعات قبلية فيما بين الحدود، والله الهادي إلى الصواب.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved