Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/12/2006G Issue 12498عزيزتـي الجزيرةالأحد 26 ذو القعدة 1427 هـ  17 ديسمبر2006 م   العدد  12498
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

لماذا يكون إصرار مجتمعنا على النظرة الأحادية فيما نختلف عليه؟!

كتب الأستاذ عبد الملك السناني مقالة تحت عنوان (المرأة بين الإسهام في البناء والجلوس خلف مقود السيارة)، حول قيادة المرأة السيارة في السعودية، حاملا بشدة على من يناصرونها في وسائل الإعلام المختلفة، واصفا إياهم بنعوت كثيرة أقلها أنهم فرضوا أنفسهم أوصياء عليها لإخراجها على تقاليد وأعراف مجتمعها.. وتساءل الكاتب لماذا لا تترك المرأة تدافع عن نفسها ما دام المجال في الإعلام متاحاً لها لتقول كلمتها دون هذه الوصاية.. وعلى هذا القياس نفسه فلماذا لا يترك الكاتب المرأة ترد على من يريد لها السوء في نظره ما دام المجال في الإعلام متاحاً لها كما هو متاح للرجل، وعلينا نحن معشر الرجال ادخار هذا الجهد في الدفاع عن إماء الله في أرضه (كما يوصفن أحياناً) ونتركهن يدافعن عن أنفسهن دون هذه الوصاية من أحد.. وعلى الكاتب ألا يحرِّم على غيره ما يحله لنفسه.
وفي الحقيقة فإن ما يلفت الانتباه في مثل هذا المقال هو إصرارنا الدائم في هذا المجتمع على النظرة الأحادية فيما نختلف عليه. فما نراه هو حقيقة مطلقة وما يراه غيرنا خطأ يقود إلى الفساد.. وقد أدركت الدولة مجانبة هذا المنهج في التفكير الصواب.. فأسست الحوار الوطني توطينا لمفهوم قبول الرأي الآخر أو على الأقل تفهمه.. وعلينا ألا ننسى أن الاختلاف في الرؤى إثراء للحياة. والاختلاف حدث في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما أوصى أصحابه بألا يصلوا العصر إلا في بني قريظة.. فمنهم من صلى العصر في وقتها لأنه أخذ كلام رسول - صلى الله عليه وسلم - على محمل الحث في المسير.. ومنهم من تمسك بنص اللفظ، فصلى العصر بعد المغرب في بني قريظة.. وأقر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الفريقين على فهمهما للنص.
إنني لا أطالب أن تقود المرأة سيارتها.. كما كانت تقود جملها، ولا أن تجلس خلف السائق وحيدة تصدر له الأوامر ليتجول بها في كل مكان.. فهذا شأنها وهي أحرص على نفسها من غيرها ولو حرص الحريصون!. لكني أنظر إلى الأمر من زاوية أوسع.. فما دام الأمر مباحاً شرعا كما أفتى كثير من علمائنا الكرام.. وما دامت الحجة في المنع هي سد لباب الذريعة، فيصبح هذا المنع اجتهاداً يُختلف عليه.. فلماذا نجعل منه قضية خلاف بين الناس.. لماذا لا نتركه لتقديرهم ومن ثم اختيارهم؟.. كما تركنا تعليم المرأة خياراً للناس. فقد عارضه كثير منهم.. قصوراً منهم في إدراك أبعاد تعليم المرأة المستقبلية، لكن الدولة اتخذت القرار الصائب بالمضي في المشروع.. وقال الملك فيصل - رحمه الله - قولته المشهورة عندما تجمهر بعضهم، من مناطق مختلفة، في عتيقة احتجاجا على فتح المدارس. فقال: إننا لن نجبر أحداً على إدخال ابنته المدرسة.. ولن نرسل أحداً لإخراجها من بيته، فمن أراد تعليم ابنته فليفعل ومن لم يرد فلا حرج عليه. واليوم الكل يبحث عن واسطة لإدخال ابنته المدرسة أو الجامعة. ولنا أن نتصور حال المرأة اليوم والبلد لو لم يتخذ ذلك القرار الحكيم.
ثم لماذا ننظر إلى من يدعو إلى أمر لا نتفق معه فيه إلى انه إنسان يريد بالمجتمع شراً ويتربص بالمرأة في شرفها وأخلاقها.
وهناك مقولة كثيراً ما يرددها البعض.. ألا وهي إن لمجتمعنا خصوصية مختلفة عن بني البشر.. وإن المرأة في السعودية محصنة بغلالة من القدسية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، تتكسر النصال على النصال دون اختراقها.. وهذا القول، غير متوازن حتى من المنطق الإنساني، لأن الملائكة ببساطة لا تسكن الأرض.. والناس في السعودية بشر يجري عليهم ما يجري على سواهم. بل لعلنا تعرضنا بسبب الطفرات التي مرت على مجتمعنا إلى هزات أفقدت الكثير منَّا توازنه. وأنا طبيب واستطيع أن أتحدث في هذا المضمار طويلا.. ولكن في فمي ماء!.
إن ما أرجوه ألا نكون كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال لكيلا ترى ما يحيق بها فتطمئن ولو قليلاً. فقد تجاهلنا المخدرات بحجة خصوصية مجتمعنا حتى استفحل الأمر.. ففتحت مستشفيات الأمل وغصت بزوارها.. وفتحت مراكز الأحداث فاكتظت بساكنيها. ولعل ما نشر بالأمس في الصحف المحلية عن هروب الفتيات.. يقض مضاجعنا جميعاً.. علينا التخلي عن دس رؤوسنا في الرمال.. فلم تعد هنالك رمال كافية بعد أن تورمت رؤوسنا بأفكار لا تجدي.
إن أول خطوة لعلاج أي مرض هو اعتراف المريض بمرضه.. ثم على الطبيب بعد ذلك تشخيص المرض ووصف العلاج المناسب.. وعلى المريض أخذه واتباع إرشادات الطبيب بدقة، يحدوه في ذلك معرفته واقتناعه بمرضه.. فهو يعلم أن إنكار المرض لا يشفيه بل سوف يودي به للتهلكة لا محالة.
إن تربية الناشئة تربية تقوم على الثوابت السليمة أهم بكثير من الانشغال بأمور ثانوية كلها قشور.. كالسماح للمرأة بقيادة السيارة أو منعها. إن من تملك مناعة داخلية ضد الانحراف.. لن تشط عن الطريق حتى ولو قادت سيارتها.. ومن لم تملك تلك المناعة قد تشط ولو جلست خلف سائقها تحدق في المرآة تسألها بأي ثوب من الأثواب تلقاه؟!
ولعلنا ندرك المغزى العظيم عندما يصف القرآن الكريم النساء بالمحصنات.. إذ إن الحصانة لا تأتي من الخارج ولكن من داخل الإنسان ذاته عندما يتربى عليها بالأسلوب السليم الذي يزرعها في نفسه ولا يفرضها عليه قهراً، كما يحدث مع الطفل عندما نحصنه بالتطعيم ضد الأمراض.. لأننا ندرك بأنه من المستحيل عدم تعرضه للجراثيم والأوبئة.. فنحن لا نستطيع وضعه في كيس من البلاستيك وختمه، ولكن عند تطعيمه ضد المرض فإننا نحفز جسمه على إنتاج مناعة داخلية ذاتية، فتكون حامية له - بعد الله - وان تعرض لغزو الجراثيم المميتة. من هذا المنطلق علينا إعادة نظرتنا التربوية إلى الأجيال.. وإشعارهم بثقتنا فيهم لنبني بذلك فيهم احترام الذات.. وإلا أي احترام يبقى لأي شاب أو شابة عندما يشعر أن من حوله ينظر إليه متهما - بفتح الهاء - ويعامله على هذه القاعدة. ودائماً أضرب مثلاً على ذلك برجلين أحدهما عاد من المسجد فوجد ابنه في البيت وهو يعلم أنه لم يصل.. وعندما سأله هل أدى الصلاة أجاب نعم.. فقال لابنه بارك الله فيك هذا هو ظني فيك يا بني.. وآخر عندما عاد من المسجد وهو يعلم أن ابنه لم يصل وعندما سأل ابنه هل أدى الصلاة أجاب بنعم فهاج الوالد.. مخاطبا ابنه.. تكذب عليّ وعلى الله.. ألا تعلم أن الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام.. ثم رفع عقاله وبدأ بعقاب ابنه بما تجود به عضلاته.. فأي الشابين أولى بسلوك الطريق القويم.. وأي الأسلوبين أقرب إلى الدعوة لله بالتي هي أحسن! فالأول سيحرص على بقاء ثقة أبيه فيه وبقاء كرامته التي لم تهدر والثاني لن يحرص على شيء فلا ثقة لأبيه فيه ولا كرامة بقيت لم تهشم.
إن ما يتعرض له المجتمع من غزو إعلامي.. ومناهج تعليم قاصرة.. وغياب الأسوة الحسنة في البيت والمدرسة والشارع.. جعل الكل يصاب بدوار أفقده توازنه.. ولعلي أستطيع القول إن ما تمطرنا به بعض المحطات الفضائية من وحل يزكم الأنوف - وبعضها للأسف الشديد منا وفينا مالا ونسبا - أخطر بكثير من قيادة المرأة السيارة.. ونتائجه ستكون وخيمة إن لم نتنبه له فتدركنا رحمة الله.. وإذا لم يزع تلك المحطات الدين أو الضمير.. فلا بد أن يزعها السلطان. إن مسؤولية الكلمة تحتم علينا التنبيه لما هو أخطر وأكثر تأثيراً. وما أتانا من سوء فمن أنفسنا.
وفي الختام لا يسعني إلا الإشادة بقدرة الكاتب الكريم وواسع ثقافته وجميل عبارته وإن اختلفت معه في المضمون.

د. عبد العزيز الشعلان



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved