| |
نظرة تربوية.. نحو بعض الدلالات اللفظية د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل(*)
|
|
تسعى المدرسة إلى تحقيق أهدافها التربوية المرسومة، من خلال إعداد الطالب خلال فترة تعليمه؛ ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه. ومن ضمن الوسائل لتحقيق الأهداف تهيئة المناخ النفسي الملائم للمتعلم، ومن ذلك مخاطبة المتعلمين والتعامل معهم بأسلوب يحقق إيجابيتهم، والنظر في المسميات التي قد تكون سبباً في عدم استجابتهم، إما بسبب تسمية لا يرضاها الطالب عن نفسه، أو مسمى يغفل وضعه الاجتماعي، مع أن الوسيلة والغاية وضعتا من أجل الطالب. ومن أمثلة بعض المسميات ذات الدلالة التي قد تؤثر سلباً في تحقيق الهدف: - الأول: مسمى (الطفل): يستخدم التربويون مصطلح (طفل) الدال على مرحلة عمرية متقدمة تم ربطها بالبرامج الموجهة إلى تلك الفئة، مثل: (مكتبة الطفل)، (معرض الطفل)، (ألعاب الطفل)، (برامج الطفل). والصغير في مجتمعنا لا يرضى بأن نصفه بالطفولة؛ لأنه يعتبر ذلك الوصف، وبناءً على ثقافة مجتمعه، تقليلاً من شأنه؛ ففي المكتبة مثلاً يقوم بعض الصغار بالابتعاد عن قسم (الطفل) إلى قسم آخر؛ هرباً من التسمية، وهنا لن يتحقق الهدف؛ لأنه انتقل إلى مستوى أعلى من مستواه المرحلي؛ فأصبح وجوده في المكتبة صورياً فقط. وحين يسترجع الكبير طفولته يتذكر أن المدح في المجتمع: (ما شاء الله أصبحت رجلاً)، والذم: (ما زلت طفلاً)، والمعلم إذا أراد تحفيز الطالب المجتهد أو المؤدب مدحه بالرجولة، وإذا كان العكس وصفه بالطفولة، والمدرسة تهدف إلى رفع مستوى الطالب تربوياً، واستقلاله واعتزازه بنفسه؛ لذا فالأفضل عدم استخدام كلمة (طفل) في المدرسة، إلا أن تستخدم في المجتمع للدلالة على مرحلة عمرية، لا صفة نقص وقصور، واستبدال مسميات تربوية أخرى بها مثل: (الجيل الصغير)، (البراعم)، (الأشبال)، (الفتيان). والمجال هنا ليس نقاشاً في صحة كلمة (طفل) لغوياً؛ فقد وردت الكلمة في اللغة العربية دالة على مرحلة عمرية معينة. الثاني: مسمى مجلس الآباء والمعلمين (الجمعية العمومية للآباء والمعلمين): يحقق المجلس أهدافاً كثيرة؛ لذلك تحرص وزارة التربية والتعليم على تشكيل المجلس وتفعيله، ولكن هناك سؤالاً حول (مسمى المجلس): هل نُظر إلى الطالب اليتيم، والطالب الذي لا يعيش عند والده؟ حتى ولو كانوا فئة قليلة. ماذا سيكون شعور ذلك الطالب اليتيم، أو الذي وليّه غير والده، وغيرته من زملائه عند استلام بطاقة الدعوة لعقد مجلس الآباء، وما قد يحمله ذلك الموقف من أثر نفسي سلبي لا يزول؛ مما يولد لديه الشعور بالغضب والإهانة، أو كره المدرسة، والمجتمع، لأنه لم يؤخذ بعين الاعتبار؟ لذلك فالأفضل تغيير المسمى إلى (مجلس أولياء الأمور والمعلمين). هذان مثالان، وقد يكون هناك مسميات أخرى لها نفس الأثر السلبي؛ لذلك لابد من البحث عن الطرق المختصرة لتحقيق الهدف، عن طريق إزالة المعوقات؛ توفيراً للجهد والوقت والكلفة. همسة: سابقاً تم تغيير (مصلحة المياه والمجاري) إلى (مصلحة المياه والصرف الصحي)، مع أن كلمة (المجاري) صحيحة، ولكنها ارتبطت بمعنى نفسي سلبي في المجتمع؛ فتم تغييرها إلى (الصرف الصحي).
*وزارة التربية والتعليم
aljndl@hotmail.com |
|
|
| |
|