| |
طلابنا في الميدان وعلى صفيح ساخن لماذا نحتاج إلى قرارات سياسية في إجراءات روتينية.. كمكافآت الطلاب؟ د. علي بن شويل القرني(*)
|
|
لم أفهم - ولن أفهم - تأخر مكافآت الطلاب والطالبات.. ونحن نقرأ دائما وبصفة منتظمة تأخر مكافآت أبنائنا وبناتنا من الطلاب في الجامعات والكليات لشهر وشهرين وثلاثة وأربعة أحيانا.. وهذا مؤسف تماما، فأصبحت هذه المكافآت سيفا مسلطا على رقاب هؤلاء الشباب تشهره الجامعات في كل لحظة تتأخر فيها هذه المكافآت.. الجامعات هي صروح علمية كبيرة ومؤسسات طلابية ضخمة، وجامعة مثل جامعة الملك سعود يصل طلابها إلى أكثر من سبعين ألف طالب وطالبة، ويبلغ عدد طلاب التعليم العالي في المملكة حوالي ستمائة ألف طالب وطالبة.. فهذه الأرقام كبيرة، تستلزم ولا شك جهداً كبيراً من الجامعات والكليات لتلبي هذه المتطلبات المتجددة والمتنامية من مكافآت طلابية شهرية.. ولكن هذه الجامعات والكليات تعرف سلفاً أن هذه الأعداد الطلابية هي جزء لا يتجزأ من عملها وواجبها ومسؤولياتها.. ولم يسقط في يدها أو تفاجأ في الخامس والعشرين من الشهر أن لديها عشرات آلاف الطلاب ولم تتمكن من استكمال إجراءات الصرف لهم فتضطر إلى التأخير أياما أو أسابيع أو أحيانا أشهرا.. ولو حدث مرة واحدة، فقد يكون مقبولا حتى تتأسس إجراءات الصرف مرة واحدة، ولكن أن يصبح هذا التأخير نمطاً مستمراً من الجامعة، وشغلاً شاغلاً للطلاب، وهما ثقيلاً على أولياء كثير من الأمور، ومساحات واسعة من الصحافة اليومية والتلفزة المحلية، فهذا ما لا نريده ولا نطمح إليه.. يتردد الطالب على مكاتب شؤون الطلاب يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، تعشماً في جديد من الجامعة، ولكن الإجابة مستمرة (لا جديد)، ولوحات الإعلانات تشير دائماً إلى ذلك.. ولربما قال قائل للطلاب من باب التطمين إن مكافآتهم ستكون في الأسبوع القادم، فيأتون في اليوم المحدد بأعداد كبيرة، ولكن لا جديد.. فيزيد إحباط هؤلاء الطلاب، وينعكس على أدائهم الأكاديمي، وعلى نفسياتهم.. وبعد مدة تأتي هذه المكافآت، ثم تنتظم فترة، ولكن سرعان ما تعود أجواء الإحباط والضغط المادي على الطلاب عند التأخر مرة أخرى.. ثم مرات ومرات.. وهكذا تستمر المعاناة، ونستمر نقرأ في الصحافة نداءات استرحامية من الطلاب، وترجيات استغاثية من أجل صرف هذه المكافآت.. ثم نقرأ في المنتديات والساحات كثيراً من الألم والسخط.. والعتاب والنداءات والترجي.. وهكذا أصبحنا كل ثلاثة أشهر تقريبا نمر بهذه الجولة من المعاناة والإحباط والغضب.. ونحن نعلم أن الجامعات هي ملزمة بدفع هذه المكافآت بدون نقص ولا حتى هللة واحدة على أي طالب كان.. والجامعات تعلم علم اليقين أنها ملزمة بهذه المسؤولية، وعلى الرغم من ذلك تظل مماطلة الجامعات والكليات في الانتظام في دفع المكافآت في وقتها المحدد.. وكأن مكافآت الطلاب هي آخر متطلبات ومسؤوليات الجامعة.. ونسأل: هل مكافآت الطلاب هي بند غير منتظم من بنود الصرف الجامعي؟ وهل مكافآت الطلاب تذهب إلى بنود صرف أخرى لوقت محدد وبعد استنفادها، يتم التعويض عن ذلك، وتصبح متاحة، ولكن بعد فترة، وبعد تأخير على الطلاب؟.. أسئلة كثيرة، وإجاباتها ليست واضحة تماما.. فنحن نعلم مثلاً أن مرتبات أعضاء هيئة التدريس أو بنود صرف أخرى في الجامعات والكليات لم تتأخر يوماً واحداً، إلا لأسباب فنية بحتة وفي حالات استثنائية، أما مكافآت الطلاب فالاستثناء هو أن تصل في موعدها، والقاعدة هي التأخير.. وفي ظني الشخصي أن هذا الأمر يجب أن تلتفت إليه الدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز؛ فهذه معاناة مستمرة يواجهها طلابنا.. وقد اشتكى لنا هؤلاء الطلاب مراراً وتكراراً، ومسؤوليتنا تتطلب منا أن ننقل هذه المعاناة إلى ولي الأمر.. ونحن نعلم حرص قيادة هذه البلاد على تسهيل أمور المواطنين، وتقديم كل الممكن لتحسين شكل ومضمون الحياة السعودية.. ولهذا فإنني أعتقد أن حل هذه المسألة لا يأتي إلا بقرار سياسي لتحريك هذه الأمور وتوجيهها إلى مسارها الصحيح.. فقد تكون وزارة المالية طرفا في موضوع التأخير.. ولهذا فإن الدولة العليا هي التي تستطيع توجيه كل أطراف المشكلة لوضع حلول هذه المسألة.. كما أن الجامعات يجب أن تستحدث آليات تقنية سهلة وسريعة لتسليم الطلاب مكافآتهم من أكثر من مصرف، ومن أكثر من فرع حتى تتيسر أمور الطلاب.. وحتى ينتظم الصرف في نهاية كل شهر هجري.. هذا ما نتمناه لطلابنا وطالباتنا.. وهذا ما نتمنى أن تقوم به جامعاتنا..
* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa |
|
|
| |
|