| |
من أجل واقع فلسطيني جديد
|
|
لا تحتاج الساحة السياسية الفلسطينية لمزيد من الإرباكات والقلاقل، ففي القضية الفلسطينية من الإشكاليات والمعضلات ما يجعلها بحاجة إلى نوع من التركيز والتفرغ إلى الأهداف المنشودة العليا التي يسعى الإخوة الفلسطينيون للوصول إليها لإنهاء معاناة شعب سجلت ذاكرة التاريخ محنته كإحدى أطول المحن التي عانتها الشعوب تحت نير الاحتلال وبطشه، إلا أن فرقاء الساحة الفلسطينية لا يملون ولا يكلون من اختلاق المشكلات أو اصطيادها لممارسة هواياتهم المعهودة في تبادل التصريحات الإعلامية والاتهامات التخوينية، وكان آخر هذه التصريحات ما رشح في وسائل الإعلام بعد إطلاق النار على موكب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية لدى عودته إلى غزة وما تلاه من اتهامات وتراشق إعلامي بين حركة المقاومة الفلسطينية حماس وحركة فتح، حيث بادرت الحركة الأولى إلى اتهام الثانية بتدبير محاولة اغتيال رئيس الوزراء؛ وهو ما قوبل من قبل فتح بكيل من الاتهامات والتصريحات الحارقة، وكان الفلسطينيون مقبلين على أزمة حكم سياسية جديدة شبيهة بما يحصل في لبنان، فالعالم يقاطع الحكومة، والحكومة باقية بصك انتخابي أتى بها إلى الحكم، وفتح الرئاسة على نقيض منها في المسلمات والقناعات والمبادئ، وفوضى السلاح تعم الشارع، وإسرائيل تتربص وترسم الخطط المستقبلية لاهتضام المزيد من الحقوق الفلسطينية من خلال إنهاك المشروع النضالي الفلسطيني بصراعات الداخل وتفتيت ثباته وقدرته على المقاومة لتركيعه على طاولة المفاوضات النهائية. لقد شابت ذقون الشعب الفلسطيني وملَّ وكلَّ من المزايدات السياسية على مصيره وحقوقه، وأصبح واقعه على شفير الهاوية؛ تلك الهاوية التي ستقوده إليها ثقافة المسلحين وفوضى السلاح والتجذابات السياسية الحادة التي أصبحت إرهاصاتها واضحة على أرض الواقع، وبدأت تتمثل في ظاهرة المسلحين المجهولين الذين يعربدون في أمن المجتمع واستقراره فاتحين الباب لطابور خامس بدا يتغلغل في الواقع الفلسطيني جالباً معه ظواهر وأفعالاً غريبة وبعيدة كل البعد عن المشروع الوطني الفلسطيني وماضيه المشرف.. ان كان قتل الأطفال أولها فسيكون آخرها الدمار والهلاك للفلسطينيين جميعاً. لقد أضحى الواقع الفلسطيني بحاجة ماسة إلى وقفة صادقة مع الذات تنبذ من خلالها كل التناقضات والنزاعات السياسية وتصهر بها جميع القناعات والأيديولوجيات في بوتقة واحدة تمثل الوطن ومشروعه النضالي الشريف ليلتقي أخوة السلاح من جديد على فلسفة المقاومة المجردة من المزايدات والمشاحنات التي باتت أكثر خطراً على المشروع الوطني الفلسطيني من إسرائيل وآلة حربها الفتاكة.
|
|
|
| |
|