| |
في ندوة (بدائل السجن) بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان د.اليوسف: أكثر من 9 ملايين سجين حول العالم لعام 2006م
|
|
* متابعة - حسين فقيه: أكد المشاركون في ندوة (بدائل السجن) التي نظمتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان على وجوه الآثار النفسية والاجتماعية على السجين، مشيرين أن هذه الآثار السلبية لا تقتصر على السجين وحده بل تمتد إلى أسرته ومجتمعه فيما يتفق بعض المشاركين أنه مهما كانت الظروف التي أدت إلى السجن فإن السجن (مدرسة لتعلم الأساليب الإجرامية). وهذا ما يؤكده د.خالد العمير رئيس قسم القانون بجامعة الملك سعود والدكتور عبدالله اليوسف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام، وشهدت الندوة مناقشة العديد من البدائل التي يمكن توفيرها بدلاً من السجن تجنباً للآثار السلبية التي قد تلحق بالسجين وأسرته ومجتمعه، وكانت أبرز هذه البدائل الخدمة الاجتماعية والغرامة المالية والأسورة الإلكترونية ووقف التنفيذ وحضور الندوات. فيما تطرقت الندوة إلى ضرورة زيارة القضاة للسجون للاطلاع على أوضاع المساجين خاصة وأنهم هم من يرسلون الأشخاص للسجن بعد الحكم القضائي. وأشار المشاركون إلى أن عقوبة السجن لابد أن تكون آخر العقاب وإعطاء فرصة للسجين بتحسين سلوكه قبل إيداعه للسجن. وتطرقت الندوة إلى أسباب ارتفاع حالات الجريمة، وأشار أحد المشاركين (أن العنف داخل السجون ظاهرة إجرامية قادمة) لزيادة أعداد المساجين، وظاهرة ازدحام السجون تعتبر ظاهرة كونية في جميع أرجاء العالم، ولا تقتصر على المملكة، كما تطرق المشاركون في الندوة إلى تجارب الدول لبدائل السجن حيث بلغ عدد المساجين أكثر من 9 ملايين حول العالم لعام 2006 م إضافة إلى الأصول الشرعية التي تقوم عليها العقوبة في الفقه الإسلامي. وقد بدأت ندوة (بدائل السجن) بمشاركة محمد عايض الزهراني الأمين العام للجنة الوطنية تحدث فيها عن الآثار النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها السجين والمترتبة على وجود داخل السجن من قلق وعزلة توصل إلى الاكتئاب وقد تؤدي للانتحار إضافة إلى العدوانية لدى السجن، وبالتالي يكون ناقماً على من حوله والقائمين على أمره، هذه العدوانية نتيجة لشعور السجين بأنه مظلوم وخاصة في القضايا التي يرتكبها العديد كالاختلاء وتعاطي المخدرات والمسكرات.. حيث يبدي السجين أن هناك الكثير ممن يرتكبونها ولم يصبهم شيء ولكن حظه العاثر هو الذي أوقعه، إضافة إلى محكوميته التي بدا أنها أكثر من الآخرين خاصة إذا تشابهت القضايا. وتحدث الزهراني إلى ضرورة الدعم الأسري وقوة الشخصية للسجين، مؤكداً تأثير السجن على الأسرة بأكملها خاصة إذا تعرضت الأسرة للتحقيق، ويؤكد الزهراني أن أكثر ما يواجه السجين هو الرفض المجتمعي والأسري ومنها رفض بعض الأهالي في استلام بناتهم في بعض القضايا وبالتالي تتحول إلى عدوانية وتكون الانتكاسة قوية بعد الخروج من السجن، مشيراً إلى غياب السلطة الأبوية (الأب) في هذا الجانب. ويوضح الزهراني تأثر المجتمع نتيجة الرفض الأسري خاصة عندما تكثر الحالات. والآثار الاقتصادية على السجين وأسرته مشيراًً إلى مراجعة قرار الحصول على وظيفة دون سابقة ولخص الزهراني أن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء تعمل مع الإنسان كإنسان والرعاية يستفيد منها كل سجين، كما تقوم برعاية الأسرة الأجنبية حتى خروج عائلها، ثم قدم الدكتور خالد بن عثمان العميد رئيس قسم القانون بجامعة الملك سعود مقترح حول بدائل عقوبة السجن أشار فيها أنه قبل الحديث عن تقديم مقترح لبدائل عقوبة السجن هناك مجموعة من الأسئلة لابد من طرحها والإجابة عليها، وهي: لماذا يذهب الناس للسجن؟ وهل واقع عقوبة السجن في المملكة يجبرنا على البحث عن بدائل عقابية حتى نستغني عنها؟ أو بمعنى آخر هل عقوبة السجن من السوء حتى يجب أن يكون لها بدائل؟ ولماذا لا نصلح أحوال السجون وإذا لم نستطع حينها علينا أن نبحث عن بدائل؟ وأخيراً السؤال المحوري لهذه الندوة ما هي البدائل وهل ممكن تفعيلها على أرض الواقع؟ فتلك البدائل بلاشك مثل عقوبة السجن تحتاج أيضاً إلى إمكانات بشرية ومادية ضخمة؟ السؤال الأول: لماذا يذهب الناس للسجن؟ الإجابة بكل بساطة لأنهم يرتكبون الجرائم!!! ولأن معدلات ارتكابهم للجرائم تزداد؟ ولهذا نعاني من ظاهرة ازدحام السجون التي تعتبر ظاهرة كونية بالفعل؟ ارتفعت معدلات الجريمة في المملكة في تصورنا في هذه الأيام للأسباب التالية: 1) ضعف الوازع الديني، 2) ضعف الردع العقابي بالنسبة لبعض الجرائم وخاصة غير الجسيمة على سبيل المثال المخالفات المرورية، لماذا مثلاً لا يحرم من القيادة المستهتر بالضوء الأحمر (ولو لفترة معينة)، أيضاً المحسوبية موجودة وقائمة في إعفاء فلان من العقوبة. 3) تفشي ظاهرة الجرائم (التي لا يطارد مرتكبوها) بحجة تفاهة الجرم وعدم خطورته: كسرقة الجوالات، اسطوانات الغاز. 4) غياب القدوة الحسنة. 5) الإعلام الفاسد: الذي يهدف إلى تدمير الأخلاق والقيم وخاصة عبر ما يبث في القنوات الفضائية (على سبيل المثال تفشي أفلام الجنس بين الشباب كأحد نتائج البث الفضائي لقنوات الرذيلة رغم أنها مشفرة!) 6) جهل الناس بالقواعد الشرعية في معاملاتهم المالية وطغيان المادة على حياتهم والرغبة الجامحة في الربح المالي بغض النظر عن مصدره. 7) أسباب اقتصادية: ازدياد معدلات الفقر، الطبقة الوسطى تتجه لكي تصبح طبقة فقيرة بسبب ارتفاع تكاليف الحياة، بطالة متفشية وتزداد يوما بعد يوم وخطط السعودة غير فعالة، وهي كمن تسمع عنه ولا تراه، وعدم زواج الشباب في وقت مبكر مما يؤدي إلى التفكير في إشباع حاجته الجنسية بطريق محرم. 8) نوعية العمالة السيئة التي ترد للمملكة؛ ويكفي للدلالة على ذلك الإحصاءات الجنائية والتي تشير أن نسبة إجرام النساء الأجنبيات تقريباً 95% من جرائم النساء، نسبة إجرام الرجال الأجانب تقريباً 33% من جرائم الرجال، بينما الوضع الطبيعي أن تكون نسبة إجرام الأجنبي أقل من نسبة إجرام الوطني لأن نحن من نختار الأجانب ونحضرهم للبلاد. 9) ضعف برامج الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم وعدم فعاليتها رغم الجهود المبذولة والزخم الإعلامي التي يصاحبها تحتاج لإمكانيات مالية وبشرية ضخمة، إذن عودته للجريمة قائمة وواردة بنسبة كبيرة، ولهذه الأسباب لدينا ظاهرة عودة للجريمة غير معقولة. 10) أسرة السجين مرتع خصب للانحراف والجريمة: العقاب الذي طال عائلهم يجب أن يطال أفراد أسرته أيضاً؟ أين مبدأ شخصية العقوبة؟. ويشير الدكتور العميد إلى واقع عقوبة السجن في المملكة موضحاً أن هذا الواقع من الممكن أن يدركه أيّ منا لو تفضل بزيارة السجون، فالسجون تعاني من الازدحام، وهذه ظاهرة كونية مثل ما ذكرنا سابقا،ً ويشير العميد من خلال اطلاعه على أوضاع السجون: 1- أن أنظمة السجون في المملكة تعتبر من الأنظمة الأكثر تطوراً وإنسانية في العالم أجمع حيث نجد أنها تقترب في مضمونها من نسبة 86% فما فوق من قواعد الحد الأدنى الدولية الخاصة بالمعاملة العقابية في السجون، وهذه النسبة تعتبر من أعلى النسب في العالم. 2 - السجن في زماننا المعاصر تحول إلى مدرسة لتبادل الخبرات الإجرامية وليس مكانا للإصلاح وإعادة التأهيل، ولعل دراسة علمية متفحصة لظاهرة العودة إلى الجريمة في المملكة من الممكن أن تثبت ذلك. 3 - ضعف الإمكانيات المادية والبشرية في السجون. 4 - سوء نوعية العاملين في السجن من إداريين وحراس ومشرفين. 5 - القضاء: القضاة لا يزورون السجن ولا يتفقدون أحوال السجناء: أين دورهم في مراقبة الأوضاع في السجون؟ دور غائب، رغم أن القاضي هو من يرسل الناس للسجون (على الأقل ليتعرف على نتائج العقوبة التي ينطق بها وخاصة وأن العقوبة التعزيرية تقديرها يعود له ويملك صلاحيات واسعة في استبدالها) وفي تصورنا لو زار القضاة السجون لحكموا بعقوبات أخرى غير السجن أو على الأقل لقلصوا مدد السجن لحدها الأدنى. 6 - دور هيئة التحقيق والادعاء العام في الرقابة على السجون: دور ضعيف، أين الهيئة؟ المحققون لا يفتشون السجن!!! رغم أن نظام الهيئة كلفهم بمراقبة أوضاع السجون والاستماع إلى شكاوى المحكومين والموقوفين. 7 - ضعف الإرشاد الديني في داخل السجن ويشير الدكتور العميد أن هناك عددا كبيرا للبدائل العقابية والتي إذا طبقت فسوف يتقلص عدد المساجين في المملكة على الأقل إلى النصف بإذن الله بالإضافة إلى أن تلك البدائل تعيد الثقة للمحكوم عليه في المجتمع من خلال إعانتها في إصلاحه وإبعاده عن الوسط الإجرامي، وكذلك أن أغلب البدائل العقابية لا تحمل وصمة العار التي يظل يحملها السجين بعد الإفراج عنه من خلال تعبيره أنه كان سجيناً سابقاً، ومن تلك البدائل المقترحة: 1 - الغرامة النقدية وقد نصت بالفعل بعض الأنظمة التعزيرية المقننة في المملكة على عقوبة الغرامة، الملاحظ أن القضاء الشرعي لا يأخذ بعقوبة الغرامة ويفضل غالباً عقوبة السجن. 2 - الأسورة الالكترونية: وهي عقوبة بديلة للسجن بحيث تقيد حرية المحكوم في إطار مكان معين لا يتجاوز عدة كيلومترات لكي يستطيع الذهاب إلى عمله وقضاء حاجياته بنفسه فإذا تجاوز المسافة المحددة لحركته فإن الإسورة الالكترونية ترسل لأقرب قسم شرطة يقع فيها دائرة سكن المحكوم إشارة فيتم إلقاء القبض عليه ووضعه في السجن، حيث إن السجين يكلف الدولة في اليوم الواحد 500 ريال سعودي. 3 - عقوبة الخدمات الاجتماعية: فتح طريق، خدمة في الجيش، خدمة عامة في أماكن نائية، تكليفه بتنظيف مسجد الحي لفترة، نظافة المدرسة للحدث، نظافة الشارع. 4 - عقوبة الخضوع للمراقبة الاجتماعية. 5 - تقييد الحرية بالعمل في مكان مقفل فترة معينة: تشغيله في مزرعة مقفلة، أو مصنع، أو معمل، أو معسكر للجيش، أو العمل في المناطق النائية. 6 - الحرمان من بعض الحقوق: المنع من دخول النوادي لفترة، حرمان الحدث من النجاح في آخر مرحلة دراسية أو إلزامه بإعادة دراسة آخر سنة دراسية. 7 - ترحيل الأجانب. 8 - عقوبة الإبعاد عن مكان الجريمة: وهي عقوبة تطبق على المواطن ومثالها أن يبعد مرتكب الجرم لفترة زمنية معينة عن مكان ارتكاب الجريمة، مثلاً لو كان المكان مدينة الرياض يبعد المحكوم عليه إلى الخرج مثلاً. 9 - نظام الاختبار القضائي: القاضي لا يقرر عقوبة السجن إلا في حالة فشل الاختبار القضائي وبمقتضاه يظل الجاني تحت المراقبة القضائية بإشراف القاضي نفسه وبمتابعة رقابية من الأجهزة الأمنية، فإذا حسن الجاني سلوكه سقطت عنه العقوبة وإذا لم يحسن سلوكه يصدر القاضي عقوبة بسجنه كحل أخير. 10 - التعليم والتثقيف كعقوبة بديلة للسجن. 11 - مصادرة الأموال. 12 - دفع تعويضات للضحية أو ذويه. 13 - حضور محاضرات واجتماعات توجيهية. ثم تحدث الدكتور عبدالله اليوسف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود وعضو لجنة رعاية السجناء عن تجارب الدول لبدائل السجن مؤكداً خلال حديثه أن بدائل السجون أصبحت خيارا مطروحا على مستوى العالم لمجموعة من الاعتبارات المنهجية والعملية من أبرزها استحالة تغير إصلاح وتهذيب المجرمين الخارجين عن القانون بالعقوبة السلبية وحدها لأسباب كثيرة منها الاعتمادات المالية المقدمة للسجون على مستوى العالم ضئيلة والوسائل البشرية والتجهيزات الفنية ضعيفة والأبنية غير كافية لاستيعاب كل السجناء والأبحاث العلمية تشير إلى فشل السجون في أداء رسالتها الإصلاحية (نسب العود) 50% من الرجال 40% من النساء في بريطانيا يعودون للجريمة، وباقي الدول لا تخرج عن هذا النمط. وأجاب د. اليوسف خلال الندوة عن لماذا نناقش موضوع البدائل؟ قائلاً: إن المهتمين في مجال الإصلاح والتأهيل يجب أن لا يقفوا متفرجين بعيدين عن المستجدات والمتغيرات في عالم الإصلاح والتأهيل خاصة في ظل فشل السجون عن أداء دورها الإصلاحي والآثار السلبية للسجن على الفرد والأسرة والمجتمع بحيث يتعدى أي جهد للإصلاح وضرورة الاهتمام بشريحة الخارجين عن القانون، ووجوب مساعدتهم في الانخراط في المجتمع ودور العقوبة الإصلاحي يجب أن لا يتجاوز الدور التأهيلي وحق المتهم بالاندماج الاجتماعي، وأشار إلى أن من سلبيات الأخذ بالسجون كبديل وحيد هو إرهاق ميزانية الدولة، وتكدس السجون، والذي ينتج عنه مجموعة من المشاكل منها انتشار الأمراض والضغط على البرامج التأهيلية وبالتالي فشلها وفشل عملية التصنيف داخل السجون، والضغط على مرافق السجون وتأخر خروج السجين ومعاناة النزيل وعدم قدرته على النوم والراحة (اشتراك أكثر من نزيل في غرفة)، والضغط على العاملين وبالتالي عدم العمل بشكل احترافي وفقدان السيطرة (الشغب والعنف داخل السجون)، وقال: إن الاهتمام ببدائل السجون على مستوى العالم حيث شغلت قضية بدائل السجون العديد من مؤتمرات الأمم المتحدة، حيث اهتم مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، والذي عقد في كاركاس (فنزويلا) في الفترة من (25) أغسطس إلى (5) سبتمبر (1980م) بموضوع بدائل السجون، وتجلى هذا الاهتمام في تخصيص قراره رقم (8) لبدائل السجن، وكذلك مؤتمر الأمم المتحدة السابع الذي عقد في ميلانو (إيطاليا) في الفترة من (26) أغسطس إلى (6) سبتمبر (1985م) والذي طلب في قراره رقم (4) من لجنة الجريمة ومكافحتها أن تقوم بدراسة مسألة الجزاءات التي لا تشترط الحبس والتدابير الرامية إلى الإدماج الاجتماعي للمجرمين. ويشير حجاب بن عايض الذيابي، القاضي بديوان المظالم، في مشاركته إلى الأصول التي تقوم عليها العقوبة في القمة الإعلامية مبيناً بأنها تأصيل إجمالي يبين موقف الشريعة الإسلامية من العقوبات المنصوص عليها في الكتاب والسنة وغير المنصوص عليها مما يستحدث من عقوبات لا نخالف أصول الشريعة وقواعدها العامة. ويشير الذيابي إلى الأصول المحققة للغرض من العقوبة هي: أولاً: أن تكون العقوبة بحيث تمنع الجريمة قبل وقوعها، فإذا ما وقعت الجريمة كانت العقوبة بحيث تؤدب الجاني على جنايته وتزجر غيره عن التشبه به وسلوك طريقه. ثانياً: إن مقدار العقوبة بحسب حاجة الجماعة ومصلحتها، وبحسب زجر الجاني، فإذا اقتضت مصلحة الجماعة التشديد شددت العقوبة، وإذا اقتضت مصلحة الجماعة التخفيف خففت العقوبة، فلا يصح أن تزيد العقوبة أو تقل عن حاجة الجماعة. فالقاضي لابد أن ينظر في أمرين؛ أحدهما: جسامة الجريمة، ثانيهما: خطورة المجرم. ثالثاً: إذا اقتضت حماية الجماعة من شر المجرم استئصاله من المجتمع، أو حبسه عنه، وجب أن تكون العقوبة قتله أو حبسه عن المجتمع حتى يموت ما لم يصلح حاله. رابعاً: إن كل عقوبة تؤدي لصلاح الأفراد وحماية الجماعة فهي عقوبة مشروعة، فلا ينبغي الاقتصار على عقوبات معينة دون غيرها، فالعقوبات تستجد بتجدد الجرائم في المجتمع، وهذه الخاصية للعقوبات التعزيرية تعود إلى تنوعها واختلافها باختلاف الزمان والمكان، واختلاف الفعل والفاعل. خامساً: إن تأديب المجرم، المراد منه استصلاحه، وليس الانتقام منه، وفي هذا المعنى يقول الماوردي - رحمه الله -: (إنها تأديب استصلاح وزجر يختلف بحسب اختلاف الذنب). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : (فإن العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله بعباده، فهي صادرة عن رحمة الله وإرادة الإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على الذنوب أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض. ويشير الذيابي إلى أن هذه الأصول التي ذكرناها نلاحظ أنها معتبرة في الفقه الإسلامي لما فيها من تحقيق للمصالح ودرء للمفاسد، وفهم هذه الأصول جيداً يعين القضاة على إصابة الحق في الحكم، كما يعين فهم هذه الأصول المختصين بوضع الأنظمة على وضعها على النهج السليم المحقق للهدف من العقوبة.
|
|
|
| |
|