| |
بعد أن شارفت ثقافة (الوسطاء يمتنعون) على الانحسار عام 2007 سيكون عاماً استثنائياً لسوق الأسهم
|
|
* د. حسن الشقطي * شهد أداء السوق هذا الأسبوع تحسناً ملحوظاً على مدى ثلاثة أيام تداول.. لدرجة أنه أغلق خلالها على صعود متتال بنسب ما بين 0.5% إلى 1.5%. وقد جاء هذا التحسن على أثر حالة الاستقرار التي شهدها المؤشر عند مستوى 7800 وحتى 7950 نقطة، تلك المنطقة التي ظهرت عندها معظم الأسهم وبخاصة أسهم العوائد منها عند مستويات سعرية مقبولة للغاية، بل إن المؤشرات المالية لعدد من هذه الأسهم الأخيرة تظهر أوضاعاً استثنائية في درجة قبولها المالي ليس على مستوى السوق السعودي فحسب، ولكن على مستوى بورصات الدول المجاورة على الأقل. ومن أبرز ما يثبت ذلك هو التقرير اليومي الجديد لهيئة السوق المالية عن المؤشرات المالية للشركات. اليوم وفي ظل استثنائية السوق أصبح مقبولاً عرض المؤشرات المالية للشركات على الجميع في الداخل والخارج لإبراز مدى استثمارية السوق الجديد. وهو ما يثير التساؤل: كيف يمتلك السوق مثل هذه المؤشرات الاستثنائية ولا يزال يقبع حتى الآن في سباته العميق؟ وهل سيستمر هذا الوضع طويلاً؟ وإذا استجاب السوق بالفعل لهذه الأوضاع الفريدة، فمن هم الفائزون بطفرته المرتقبة؟ تحسن ملحوظ في أداء المؤشر! على الرغم من بدء حركة التداول الأسبوعية على هبوط في يومي السبت والأحد الماضيين، فقد تمكن المؤشر من إحراز صعود على مدى ثلاثة أيام متتالية من الاثنين إلى الأربعاء حقق خلالها صعوداً بنسب 1.37%، و0.47%، و1.45% على التوالي، ليغلق يوم الأربعاء عند 7950 نقطة. أي أنه ربح ما يعادل 44.4 نقطة بنسبة 0.6% على مدى الأسبوع. ويعد هذا الأسبوع بداية للتحسن النسبي بعد فترة ليست قصيرة من النزول المتواصل على مدى شهري أكتوبر ونوفمبر. وإن تمكن المؤشر من اختراق مستويات المقاومة الصعبة عند 8036 ثم 8121 نقطة ربما نشهد أوضاعاً أكثر إيجابية خلال الأسبوع المقبل. السوق في صورته الاستثنائية!! أصبح السوق اليوم يمتلك مزايا فريدة ليس على مستوى بورصات المنطقة العربية ولكن على مستوى البورصات العالمية، من أهمها: 1- تذويب تركز القيمة السوقية من بضعة أسهم قليلة إلى عدد أكبر من الأسهم، فحالة الاحتكار بدأت تتقلص حدتها تدريجياً. 2- مكررات ربحية السوق انخفضت من 47.3 مكرر في فبراير الماضي إلى 16.3 مكرر الآن. فضلاً عن أن عدد 29 شركة بالسوق يقل مكررها الآن عن 16 مرة، ونحو 14 شركة يقل مكرر ربحيتها عن 14 مرة، وهذا وضع استثنائي متميز مالياً. 3- مكررات السعر السوقي إلى القيمة الدفترية للسوق انخفضت من مستوى أعلى من 11 مكرر في فبراير الماضي إلى 3.8 مكرر الآن. 4- خفة الأسعار السوقية.. فبعد أن كان المتوسط المطلق للأسعار السوقية لغالبية الأسهم يبلغ 223 ريالاً للسهم، انخفض هذا المتوسط إلى نحو 58 ريالاً الآن. 5- أن عدد 41 سهماً بالسوق (نصف السوق) لا تزيد أسعارها السوقية عن 3 مرات قيمتها الدفترية، أي أن هذه الشركات مقبولة مالياً، بل إن عدد 23 شركة بالسوق تعتبر متميزة مالياً لأن مكرر سعر لقيمتها الدفترية يقل عن 2 مرة. عام 2007م.. طفرة جديدة ولكن؟ تشير كافة الدلائل والمؤشرات المالية لعام 2007م أنه سيكون عاماً استثنائياً لسوق الأسهم، وربما تتميز إيجابيته عن طفرة عام 2006م في أنه غير محتمل أن يشهد السوق فيه سقوطاً مدوياً بعد الانتعاش المحتمل. نعم عام 2006م شهد طفرة غير اعتيادية صعدت بالمؤشر إلى مستوى 20635 نقطة ولكنه في ذات الوقت شهد سقوطاً كبيراً إلى مستوى 7600 نقطة، بالتحديد، فإن عدداً من الإيجابيات بالاقتصاد الوطني محتمل أن تلعب دور الحقن للسوق والشركات المدرجة به، من أهمها: 1- فائض ميزانية كبير واستثنائي. 2- انخفاض في حجم الدين الداخلي بشكل غير متوقع. 3- لا تزال التكهنات تشير إلى توقع بلوغ أسعار النفط إلى مستويات تفوق الـ80 دولارا للبرميل في ضوء الازدياد الدراماتيكي لحدة الأزمات السياسية في المنطقة. 4- نتائج أعمال الشركات أظهرت تحسناً ملحوظاً خلال عام 2006م، ولكن هذا التحسن قد يكون أكثر استثنائية خلال عام 2007م، لأسباب من أهمها ازدياد حجم الإنفاق الحكومي، وبدء التنفيذ الفعلي للمشروعات الوطنية العملاقة مثل المدن الاقتصادية الجديدة وغيرها. 5- الطفرة المرتقبة في الطلب على قطاعات الأسمنت والتشييد والبناء ومرافق الخدمات في ضوء البدء الفعلي للعمل في المدن الاقتصادية الجديدة والمشروعات الوطنية العملاقة. ورغم الطفرة الجديدة المرتقبة خلال عام 2007م، إلا إن هذه الطفرة قد تكون طفرة حكيمة ومدروسة تعطي لكل ذي حق حقه، لن تتمكن أطراف قليلة من السيطرة والاستحواذ عليها كصناع السوق السابقين.. أي أنها ليست طفرة سعرية في حقيقتها بقدر ما هي طفرة في نتائج أعمال الشركات نتيجة ازدياد قوي في الطلب على منتجات عدد من الشركات. الوسطاء مطلوبون.. والممتنعون هم الخاسرون!!! كثيراً ما يشير بعض أصحاب العروض أو الطلبات على منتجات معينة بعبارة (الوسطاء يمتنعون)، هذه العبارة بالفعل سادت لدى غالبية المساهمين في السوق خلال السنوات الماضية، واعتمد معظم المساهمين على ثقافتهم الذاتية وما لديهم من خبرات بالسوق، وحقق الكثيرون منهم بالفعل أرباحاً غير عادية. إلا أن الطبيعة الجديدة للسوق (استثمارية السوق) ستغير كثيراً من جوانب هذه المعادلة، حيث سيصبح من الضروري الاعتماد على الوسطاء الذين ستزداد الحاجة ليس إلي جميعهم، ولكن إلى المحترفين منهم، فالوسيط أو السمسار أو المحلل أو المستشار المالي جميعها مصطلحات ستسود ساحة السوق خلال الفترة القريبة المقبلة، فببساطة، تكلفة مستشار مالي قد تكلفك 1% من ربحك، ولكنها هي التي ستحقق وتضمن لكن الربح كله. لذلك فالعملة النادرة بالسوق قريباً ستصبح هي المحلل المالي الكفء وبيت الخبرة الموثوق به. ومن المهم جداً توضيح أنه إذا كان المساهمون سيصبحون في حاجة ماسة لمساعدة الوسطاء والماليين في المستقبل القريب، فإن هذه الحاجة تعتبر اشتراطا رئيسيا للدخول أو الشراء أو البقاء في السوق خلال الأيام الحالية. السوق.. من صفر الطلبات إلى سيولة المتنافسين!! رغم كافة هذه المزايا والإيجابيات التي برزت في الجدول (1)، إلا أن السلبية الوحيدة في السوق تمثلت في تدني حجم السيولة المتداولة، فبعد أن مستويات وصلت إلى 239 مليار ريال أسبوعياً في فبراير الماضي تراجعت إلى 37.5 مليار هذا الأسبوع. ولكن هل سيستمر ذلك؟ إن تدني السيولة ليس إلا ترجمة لحالة الخوف والقلق وعدم الثقة التي تبلورت في توقع استمرار المسار الهبوطي، فهل اختفت هذه السيولة؟ أم هل هربت من السوق؟ أم أن محافظ المساهمين أصبحت خاوية؟ أم أنه لا يوجد سيولة فائضة لدى الأفراد مواطنين ومقيمين في السوق المحلي؟ بالطبع الإجابة على كافة هذه التساؤلات هي بالنفي، لأن السيولة لا تزال تتضخم من آن لآخر، والمعروض النقدي في تزايد، بل إنه اتسم مؤخراً بحالة فيضان نتيجة عدم وجود سهول مصب مقبولة، فالسيولة هي مشكلة السوق الآن وستكون قريباً مشكلته أيضاً، ولكن على منوال عكسي، فالمساهمون الحاليون بسيولة تتجاوز التريليون ريال، والمواطنون الجدد بسيولة حاضرة يتوقع أن تصل إلى 200 مليار، والمقيمون بسيولة متراكمة ومتجددة بنحو 150 مليار، والخليجيون بسيولة تتجاوز أكثر من 180 ملياراً، والصناديق الجديدة محلياً وخليجياً بسيولة تفوق 100 مليار، جميعها ستتناحر على امتلاك أسهم إن وزعت حينها لن تكفي سوى نسبة تعادل ربع أو خمس المطلوب.. هنا سيتندم الحاضرون على جلوس محافظهم تتنكر لأسهم ستصبح ليس ذات قيمة ولكنها القيمة نفسها. قريباً.. امتلاك سهم في شركات معينة قد يكلف أياماً طويلة؟ طفرة المستقبل تحديداً قد لا تكون عامة، ولكن خاصة.. إلا أن هذه الخصوصية ستنال غالبية الأسهم مع اختلاف نسب الربحية بها، إن التوصل إلى أسهم الطفرة يتطلب ليس فقط دراسة عميقة وجدية للأوضاع المالية الحالية لشركات هذه الأسهم، ولكن يحتاج لتحليل واستكشاف واقع هذه الشركات في ضوء الواقع المرتقب للاقتصاد الوطني خلال عام 2007م، بالتحديد مطلوب التعرف على مواطن إيجابيات الاقتصاد الوطني والطفرات الانتقالية الواسعة المحتملة. فالمدن الاقتصادية الجديدة (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ومدينة المعرفة في المدينة المنورة ومدينة جازان الاقتصادية) والمشروعات العديدة التي ستنبثق عنها والتي قد يصل عددها إلى أكثر من 300 مشروع، وكذلك المشروع الكبير لإنشاء خط السكك الحديدية الذي سيربط الدمام بمكة -المدينة وغيرها، ستعزز الطلب على منتجات كثيرة ومتنوعة ستعزز أداء الشركات السعودية بشكل أكبر.. أي أن تلك المشروعات الجديدة ستحرك كافة أوجه النشاط، إلا أن الطلب على أنشطة ومنتجات معينة سيفوق غيرها؛ لذا، فالحاجة ماسة للدراسة والتحليل القائم على التنبؤ المالي. متى تحين ساعة صفر إطلاق السوق الجديد؟ إن آوان ذلك يتحدد برغبة الصناع، برغبتهم في المستوى الاستثماري الذي يبدءون عنده العهد الجديد للسوق وللشركات والأسهم، فهل يكون ذلك متزامنا مع بداية العام الجديد، عام الطفرة الاقتصادية الأقوى؟!
(*) محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com |
|
|
| |
|