| |
الركن الهادئ فايقة محمد مران
|
|
وتمر الأيام والشهور والزمن لا يقف والساعات لا تنتظر والدقائق تسابق الثواني وتمر الفصول الأربعة: صيف خريف شتاء ربيع، وكل فصل يتمنى أن يسبق الآخر والكل مشغول وأنا في انتظار، انتظار ربما يطول وأعرف أنه سوف يطول ولكنني في انتظار، غائب لن يعود ومسافر لن تطأ أقدامه أرض المطار ليستغل طائرة تحلق به حتى يصل إلي.. أفتح شباك غرفتي الحزينة وتسللت إلي أشعة الشمس منكسرة وكأنها تذكرني بألمي وحزني، تداعب دموعي المنهمرة التي أضحت كشلال يصب من فوق منحدر شديد الانحدار وتمسح بطرف عباءتها بعضاً منها وتترك الباقي يسيل فوق وجنتي الشاحبتين.. أغلق الشباك ببطء وخوف شديد لربما كنت بانتظاري على طرف الشباك الآخر، ولا أريد أن يفزعك فرحي بانتظارك لي أو ربما كنت نائماً في حجرتك المتواضعة، ولا أريد أن يزعجك صوت ارتطام الشباك.. أعود إلى سريري متعبة متهالكة منزعجة من غيابك الذي طال، فكل شيء في غيابك أصبح يدق على أوتار قلبي مثل الناقوس حتى ساعة الحائط التي وضعتها في غرفتك لتراقب الوقت البطيء بالنسبة إليك، وكان سريعاً بالنسبة إليّ، أضحت عقاربها تمر مثل سيوف الحرب اللامعة وتترك كل شيء يختفي بعدها.. لم أتعود على غيابك كل هذه المدة، لقد طال غيابك وكل شيء خلفته بعد رحيلك ما زال ينتظرك.. حتى الشتاء الذي كنت تخافه أتى ولكنك لم تأتِ.. تلبدت السماء بالغيوم وأخذت تبكيك معي، نعم لقد بكتك هذه المرة السماء بغزارة لم نشهدها منذ سنوات طويلة، وتساءلت يا ترى هل لغيابك علامة ببكاء السماء المتواصل..؟! أرى الجميع يفرحون ويستمتعون بهطل الأمطار، وأنا وحدي التي كنت أبكي مع السماء من أجلك.. أرى الجميع يشعلون المدافئ والحطب والنار آخر الليل وأنا وحدي التي كنت أحترق مع الحطب والنار لفراقك وغيابك الذي ملني انتظاره.. حاولت أن أبحث عن الدفء في كل الأمكنة وفي زوايا الشتاء الباردة، ولكن لن يدفئني شيء بعدك، وهناك حيث لا موت لك يدغدغ مسامعي ولا أحد يعود فيطربني بهمسك.. كنت أنت هناك في الركن الهادئ.. البعيد.. البعيد.. البعيد.
|
|
|
| |
|