* مدارات - خاص:
(كان ختمها مسك).. هذه الكلمات الثلاث يمكن استخدامها لوصف الأمسية الشعرية التي أحياها الشعراء مساعد الرشيدي وفهد المساعد وفيصل اليامي ضمن فعاليات أسبوع كلية اليمامة الثقافي الأول وأدارها تركي العجمه المذيع بقناة الإخبارية السعودية.. وامتدت لساعة كاملة كانت عامرة بالشعر الجميل والإبداع المدهش والسخي.
وفور صعود الشعراء الثلاثة على خشبة المسرح الذي ضم قرابة الـ(700) متفرج أمسك مساعد الرشيدي بيدي المساعد واليامي وحيوا الحضور في ترحيب مشترك يحدث لأول مرة في أمسية شعرية ليبرهن مساعد الرشيدي صاحب الفكرة والخبير أن في الشعر مساحة كبيرة للجمال والتعاطي مع الآخرين بحب بعيدا عن حُمى المنافسة التي يعمل البعض على تأجيجها بمناسبة وبدون مناسبة.
كان مساعد الرشيدي في أمسية اليمامة متصالحا مع نفسه واثقا من جماهيريته وأضفى عليها كثيرا من المتعة بقفشاته وتعليقاته الضاحكة وبروحه المرحة وبشعره الأخاذ.
وفور أن جلس فرسان الأمسية على مقاعدهم قرأ المذيع تركي العجمة -الذي يخوض تجربته الأولى في تقديم أمسية شعرية- كلمة كتبها في الشعر وشعرائه.. تطرق خلالها إلى (عمليات التزييف والتشويه والعبث التي تجرح بأظافرها الطويلة وجه القصيدة.. وتقلل من احترامها عند المتلقي من خلال صفقات بيع الشعر التي أصبحت متوفرة وسهلة المنال على أيدي تجار لا يحملون من الموهبة ذرة واحدة ولا يتحرك الحب في قلوبهم قيد أنمله).. مشيرا إلى (أن العزاء يكمن في وجود شعراء بحجم الرشيدي والمساعد واليامي).. حينها ضجت القاعة بتصفيق حار.. تأييدا لما ذكره العجمه وإعجابا بما كتبه وبالشعراء.
لينتقل المايكروفون بعدها إلى مساعد الرشيدي الذي قص الشريط بتحية لكلية اليمامة ومنسوبيها وطلابها الذين أولوا الثقافة والمثقفين باختلاف مشاربهم وأنماطهم وتوجهاتهم هذا القدر من الاهتمام والرعاية.. ثم قرأ:
تدرين ليه المطر يشتاق لك يا الرياض |
من بين كل الفيافي والقرى والمدن |
يبغى يبلل شعرك ويفترضك افتراض |
وإلا يسمّي عليك ويا خذك بالحضن |
يبغى يفضفض لصدرك عن حنين الفياض |
عن لهفة الشوق عن لحظة حنين وشجن |
تاركا لمطر قصائده يُسرَ الانهمار... وسلاسة الهطول.. وسط تفاعل جماهيري يمد قلبه بالرضا ويمنحه طاقة أشد للإمتاع والتمتع في آن.
ليأتي الدور تاليا على فيصل اليامي.. الذي كان في أتم حالاته الشعرية والنفسية توهجا وألذها أداء.. فسلّم على الحضور.. ثم شكر وأثنى على الدعوة والتنظيم.. ثم استرسل شعراً:
خلاص أنا ناوي على تغيير فكري السقيم |
عزمت أغير منهجي مادام عندي الاختيار |
بفصل الثوب الجديد وبرمي الثوب القديم |
وأغير أصحابي إذا ما طاوعوني في الخيار |
قرار جدا منطقي وجاي فالوقت السليم |
عصر انفتاح وفرصة الواحد يغير فالمسار |
وأردفها بقصائد متنوعة في طرحها وشكلها ومضمونها.. لكنه لم يقرأ أيا من قصائده التي كتبها للأغنية واستمع إليها الناس بأصوات حسين الجسمي وعبدالمجيد عبدالله ورابح صقر وأصيل أبو بكر.
وبدا الحضور متآلفا مع فيصل اليامي متجاوبا معه مسافرا على أجنحة قصيدته التي كانت تخوض بشكل مباشر في هموم حياتهم اليومية ومشاكلهم الخاصة.. وكان فيصل في تمام ألقه وتألقه.. وعرف كيف يسخر الوقت المتاح له في لفت انتباه المستمعين.. مختطا له خطا خاصا عن قرينيه.. وهو ذكاء إعلامي يحسب له خصوصا وهو يعرف جيدا كيفية التعامل مع الإعلام لكونه صحفيا فوق أنه شاعر.
بعده حان الوقت لفهد المساعد الذي حضر بكامل بهائه (شعريا).. ليثبت أنه الأهم والأكثر قدرة والأميز بين قرنائه في السن وفي التجربة.. اعتذر عن المشاركة في إقامة أمسيات كثيرة قبل أمسية اليمامة.. وحين اعتلى خشبة مسرحها كان يدرك جيدا أن ساعة حضوره يجب أن تتفوق على سنين غيابه.. وأن تعوض جمهوره عما فاتهم من السحر الحلال.. وهو ما نجح فيه فعلا.. فقد كان بحق نجما فوق العادة وحاز على الإعجاب والثناء ليس من جمهور المتفرجين وحسب وإنما من زميله على المنصة نفسها مساعد الرشيدي الذي اعتبر فهد في كلمة ارتجلها على المنبر من الشعراء المدهشين.. واعترف أنه واحد من معجبي شعره.. مؤكدا أنه مختلف في كل شيء.. ثم ختم حديثه القصير بتصفيقة حب قلده فيها جمهور الحاضرين الذين كان بينهم عدد من الأدباء والمثقفين والصحفيين والممثلين والشعراء (أحمد أبو دهمان ومحمد العيسى حبيب الحبيب وإبراهيم الحساوي وصالح الشادي وهاني الشحيتان وعبدالله قينان وعبدالله الكعيد وغيرهم).. يتقدمهم الأستاذ خالد الخضير رئيس مجلس أمناء كلية اليمامة والدكتور أحمد العيسى عميد الكلية.. ليقرأ بعدها المساعد:
يا رفيف الماء وفجر العيد وأحزان المواني |
يا أكثر أهل الأرض طيبة قلب وأسرار دفينة |
المكان اللي هنا مليان ضحكات وأغاني |
والكلام اللي بغيت أقول محتاج لسكينة |
شوفي الركن البعيد هناك كنه صدر حاني |
هذا هو اللي يليق بشاعر وبنت حزينة |
هذه البداية (المساعدية) فتحت النوافذ على البحر.. وغرست جناحين عريضين في أطراف الأرض.. ليعود المايكرفون لمساعد الذي حوّل المسرح إلى كتلة فرح غامر وقنديل بهجة لا يكف عن مد المكان بالضوء الذي يريد.. يتقاسمه متعة الشعر فيصل اليامي وفهد المساعد في تناغم رائق لم يعكر صفوه شيء سوى انقضاء الساعة المخصصة لهم وللشعر وللناس.. التي مرت كومضة برق.. ومثل شهقة برد تصب الرعشة في الأجساد.
مشاهد من الأمسية
* سلم الأستاذ إبراهيم المالك مدير التسويق والعلاقات العامة في كلية اليمامة شعراء الأمسية هدايا تذكارية بعد نهايتها والتقط معهم مجموعة من الصور.
* حظي مقدم الأمسية تركي العجمه بإشادة جماعية على تقديمه للأمسية وكان ممتنا كثير لكلية اليمامة التي منحته فرصة خوض هذه التجربة.
* عبدالرحمن الأبنودي غادر الأمسية أثناء إلقاء مساعد الرشيدي إحدى قصائده.. فحياه الأخير على مغادرته بطريقة ذكية (فيها كثير من الازدراء المبطن لتصرف الشاعر المصري).
* تحلق عدد من الجمهور حول شعراء الأمسية الثلاثة داخل المسرح وخارجة بغية التقاط صور تذركاية معهم.
* مساعد الرشيدي حضر برفقة ابنيه فيصل وطلال وبعض أشقائه وعدد من أصدقائه المقربين يتقدمهم عبدالله وخلف وفيصل وبكر الرشيدي.
* فيصل اليامي هو الآخر حضر برفقة شقيقه بندر وثلة من أصدقائه.
* فهد المساعد حضر برفقته كذلك شقيقه فواز وصديقه الأقرب إلى نفسه فهد نهار وعيد العتيبي.. وقبله بساعة كاملة حضر فريق من موقعه على الإنترنت لتغطية فعاليات الأمسية يتقدمهم فهد الزغيبي وعبدالكريم اللحيدان.
* قام الشعراء بجولة في معارض الكتاب والفنون التشكيلية والصور التاريخية المصاحبة للأسبوع الثقافي الأول لكلية اليمامة.
* عدد من القنوات الفضائية والتلفزيونية صورت مقاطع من الأمسية لبثها ضمن تقارير متنوعة في عدد من البرامج.
|