| |
مَنْ يتحمل فاتورة علاج مرض سوق الأسهم؟ د. محمد اليماني
|
|
مثلما كان سوق الأسهم شاغل الناس في الأيام الخوالي، فهو لا يزال كذلك في هذه الأيام، لكن مع بعض التغيير، إذ أصبح الهم الآن هو البحث عن أفضل السبل المؤدية إلى تقليل الخسائر قدر المستطاع، وإلى ضرورة علاج الآثار السلبية لاندفاع الناس للمضاربة في سوق الأسهم.. إن على السوق نفسها أو على المتغيرات الاقتصادية المختلفة. وتبعاً لذلك انهالت الاقتراحات والخطط والبرامج (لتصحيح) وضع السوق ومعالجة أوضاع من تأثروا سلباً بما آل إليه حاله، وتركز الحل في كثير من الحالات على مطالبة الجهات المختصة بالتدخل لوقف النزيف في محافظ المتعاملين وإنقاذ ما بقي من ثرواتهم ومدخراتهم وربما دخولهم الحالية والمستقبلية، وذلك عن طريق دعم السوق والعمل على زيادة الأسعار. وعلى الرغم من الإقرار بأن ما كان حاصلاً قبل 25 فبراير 2006م لم يكن أمراً طبيعياً البتة، وكان حينها تدخل الجهات المختصة مبرراً لوقف المسرحية التي نسي كثيرون أنفسهم خلالها، ونسوا أن النهاية قادمة ولا شك. إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر حجم الخسارة التي لحقت بكثير من المتعاملين. وبقراءة سريعة لبعض الأرقام نجد أن خسائر صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية تجاوزت خلال التسعة أشهر الأخيرة 55% في المجمل وقاربت 60% في بعض الحالات، وفقد السوق قريباً من هذه النسبة من قيمته. وعلى المستوى الشخصي وصلت الخسائر في القيمة الكلية للمحافظ الاستثمارية في بعض الأحيان إلى 80%. ولا شك، أن وضعاً كهذا ينبغي التعامل معه بجدية وذلك لعمق اتساع آثاره السلبية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها. لكن السؤال هو: ما السبيل إلى الحل؟ تبدأ الإجابة عن السؤال من إدراك حقيقة أننا نتعامل الآن مع أمرين: أولها علاج الآثار السلبية المترتبة على هذه الخسائر، خصوصاً بالنسبة إلى صغار المضاربين، والثاني تصحيح حالة السوق الذي لا يعني بالضرورة العمل على زيادة الأسعار مرة أخرى. ويستلزم الأول تحمل جميع الأطراف المسؤولة عما حدث لحصتها في الإصلاح. ويستأثر المضاربون أنفسهم بنصيب الأسد، إذ إنهم كانوا هم الباعث والمحرك لما حصل في السوق عندما كانت تحلق عالياً، وكان كثير منهم يدرك أن ما يجري لم يكن أمراً طبيعياً، لكن ما دامت الأمور تسير في صالحه فلا داعي للتوقف طويلاً. وتأتي في مرتبة تالية البنوك التي وفرت كل أشكال التسهيلات للمضاربين المقترضين، وشجعت التوسع في الصناديق الاستثمارية التي تكالبت على سوق صغيرة لا تتحمل كل هذا القدر من السيولة. وكان همها هو كيفية الحصول على العمولات من المضاربين والمشاركين في الصناديق الاستثمارية، وعلى الفوائد أو الأرباح من المقترضين. وكانت تعمد في أحيان عدة إلى تسبيل أصول بعض المحافظ أو الصناديق غير عابئة بما يحدث للسوق أو للمتعاملين فيها.. مع ضرورة التوقف - ولو مؤقتاً - عن الضغط على المقترضين ومطالبتهم بالسداد، وبخاصة المعسرون منهم، إلى جانب اتخاذ خطوات متقدمة على طريق المشاركة في الحل يدفعها في ذلك الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي تعمل فيه والإحساس بأنها كانت مشاركة فيما حدث. وبالإجمال، فإن المفترض أن يتحمل كل من له ضلع في ما حدث نصيبه من فاتورة العلاج.
|
|
|
| |
|