| |
الضويان ..ذاك المدير القائد الإنسان
|
|
يقولون إن اللغة بريد القلوب والأذهان ، وإنها أداة البيان ، ولكنها - مع هذا - لطالما قصرت دون العبارة عن الدلالة لبعض الألفاظ ، وعجزت عن التبيين والإفصاح . لذا ترى كلمات - مثل التربية والإدارة والقيادة - لايقنعك ما في القواميس والمراجع من معان ومدلولات لها ، ومن ثم ، ترى الناس حولها - كثيراً - ما تفرقوا ، ولم يجمعوا على مدلول واحد جامع لها ، فالتربية - مثلاً - كلمة ما تفتأ تقلب في المراجع لتبحث عن مدلولها أو تقع على معنى من المعاني الذي تقنع به نفسك ، فلا يترشح لك منها معنى ترتضيه ، على كثرة مظانها ، هذا شأن التربية وهو شأن جميع العلوم المسماة بالعلوم الإنسانية فقد تفرق الناس حولها أشتاتاً حيث لكل فيها مشرب . إلا أنك - ربما - تجد رجلا يريحك من هذا العناء ، ومن مؤونة البحث والتقليب فيكون - هذا الرجل - أبلغ من قاموس في الدلالة ، وأفصح من مرجع في الدقة ، لتجسيد تلك الكلمة - كلمة التربية - فتشير ببنانك إلى قامته السامقة .. هذا ، هذا .. هذا هو التربية التي اختلف حول مدلولها الناس - تمشي على قدمين - نعم - هو أبو سعد الضويان ، انه ذاك الرجل الذي تجمعت فيه معاني التربية المتفرقة في الآخرين ، وتجسد فيه ما اختلف حوله المفكرون والباحثون عن مدلولات التربية ، فهو الرجل الانسان الذي أوقف جهده ووقته ، بل أوقف عمره - أطاله الله - في خدمة الميدان التربوي ، معلماً مخلصاً ، ومديراً محنكاً ، ثم قائداً فذاً ، ذاك الميدان الذي كان يعتبره - وما زال - أن من يلجه لابد له أن يصير شمعة محترقة لتضيء الدرب للآخرين ومصباحاً متقداً تسير على سناه الأجيال ، كان أستاذنا الضويان يمثل هذه العبارة ، تجسيدًا في واقع سلوكه ، وأداءً في صميم عمله وخلقاً في تعامله لمرؤوسيه ، فهو حقاً مفخرة- كما ذكر زميل لي في الميدان - وأن من حق جيلنا من التربويين الذين كان لهم الشرف بالعمل تحت إدارة الضويان ، أن يفتخروا بانهم حظوا بالعمل في مؤسسة كان قائدها الضويان ، فكفى بهذه تزكية ، وكفى بها فخراً للجيل . إن هذه المساحة المحدودة لاتتيح لي ولا لغيري ممن حظوا بالعمل تحت ادارة هذا الرجل بسرد قسط - ولو يسير - من مآثر شخص من عيار أستاذنا الجليل الضويان ، فحسبنا في ذلك استنطاق إنجازاته التى لا تخطئها عين الرجل البسيط ، فضلا على أن تكون عيناً تربوية فاحصة ، استنطقوا المدارس لتحدثكم عن الضويان ، عن فضله ومآثره ، سلوها لتجيبكم إجابة صامتة ولكنها أصدق وأبلغ من أي مقال ولو كان كاتبه ممن يملكون ناصية الأدب والبيان والبلاغة ، واستنطقوا - إن شئتم - مبنى التربية والتعليم ذاك القلعة الشامخة التى نالت غاية التطوير والإنجاز في عهد الضويان ، استنطقوها ، واستنطقوا ما فيها من مظاهر التجديد والتحديث وما حظي به من التطوير . إن الزائر العابر لمراكز الإشراف التربوي في نفي والجمش وساجر والبجادية ليحكم على رجاحة عقل ذاك الرجل وبعد رؤيته في الإدارة والتنظيم ، ويرى كم هي تطورت ونمت كماً وكيفاً في ظل إدارة الضويان . كل هذا الذي ذكرناه وغيره ، لايمثل إلا قطرة من فيض همير من إنجازات هذا الرجل ... المدير القائد الإنسان ولا أدعي أنني محصيه الآن ولو أحفيت قلمي ، فمآثر الرجل وفضله علينا - نحن منسوبي التربية في هذه المحافظة - كثير كثير ولا يمكن أن يختزل في مقال مثل هذا . ولكن ، نجم إنجازات الرجل ، والذي نال به الضويان قصب السبق فيه - حسبما أرى - وفاق به على من سواه ، هذا الانجاز هو حسن اختياره لساعده الأيمن وتزكيته له للجهات العليا لينال به من ثم شرف التكليف من معالي وزير التربية والتعليم ، لقيادة الركب التربوي - من بعده - بالمحافظة ، فعجم أعواد منسوبي الإدارة فوجد الأصلب عوداً ، والأكفأ عملاً ، والأعمق خبرة ، والأوسع فهماً لمقتضيات التحديث ومتطلبات التطوير والتجديد ، وكلهم صلب وكلهم ثقة - فكيف لا -فانهم التربويون صفوة المجتمع ، فاختار من بين هؤلاء وأولئك خليفته من بعده الأستاذ مشاري بن عبد المحسن الرومي ، وليأتي أبو عبدالمحسن وكأنه على موعد من التاريخ ، وليكون بذلك خير خلف لخير سلف ، وليأخذ بذاك المشعل الذي تتابع في حمله القامة تلو القامة ، والرمز تلو الرمز ، في نمو وسمو دائمين ، وفي عقد تربوي فريد لا ينفصم البتة ، وفي سلسلة ذهبية محكمة الحلقات ، لا تصدأ أبداً على مر السنين والدهور . فهنيئاً لنا نحن معشر منسوبي الميدان التربوي بهم .
محمد راجح الدماسي مدير مركز الإشراف التربوي بنفي
|
|
|
| |
|