جوانب من شخصية الملك سعود في رسالة خاصة
تركي بن نجران القبلان

قبل أن أقوم بإجراء قراءة حول الرسالة التي بعث بها جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - المؤرخة في 18-6-1368هـ عندما كان ولياً للعهد إلى جدي عيد بن قبلان رحمه الله، فلا بد لي أن أتناول الجانب الإنساني في شخصية الملك سعود. فلقد عرف عن جلالته - رحمه الله - أنه سار على منهج والده الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بالتواصل مع الشخصيات التي كان لها إسهام مع الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في توحيد المملكة العربية السعودية، ولقد أكسبته فترة ولاية العهد خبرة ومعرفة بدقائق الأمور، وكذلك اكتسب أثناء قيادته - رحمه الله - عدداً من الفتوحات أثناء فترة التوحيد، وتشكيل المشهد السياسي السعودي المتزامن مع تأسيس هذا الكيان دراية بالرجال المخلصين من أبناء هذا الشعب، ولا شك أن شخصية جلالة الملك سعود - رحمه الله - اشتملت على جوانب إنسانية تدل على سمو أخلاقه وجوده وكرمه، وهي تترجم الأخلاق الرفيعة والسامية التي تحلى بها حكام هذه البلاد، فجميعهم ينهلون من مدرسة واحدة بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي مدرسة عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه.
وهذه الوثيقة التي تعود إلى جلالة الملك سعود عندما كان ولياً للعهد حسب ما أشرت سلفاً، وكما هو وارد في نص الرسالة يبدؤها جلالته بعبارة من (سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل)، وهذه العبارة تعطينا دلالة على بساطته رحمه الله وتواضعه وعدم حرصه على الألقاب، كما أنها تدل على محبته لمن يبعث لهم برسائله، حيث يستكمل الرسالة بالمرسل إليه، فيقول: (إلى جناب المكرم عيد بن قبلان)، وقد أظهر جلالته السؤال عن أحوال رعيته عندما قال: (على الدوام مع السؤال عنكم وعنا من كرم الله كما تحبون)، وهي العلاقة التي جبل عليها ممن تعاقبوا على الحكم في المملكة العربية السعودية التي تقوم على التواصل المباشر مع رجالهم وكل شعبهم، رغم مشاغل جلالته بمهام ولاية العهد وما يسند إليه من مهام أخرى، إلا أنها لم تثنه تلك المهام عن السؤال عن أحد رجالهم المخلصين والاهتمام بما ورد منه، وكذلك يظهر لنا من خلال الرسالة حرص الملك سعود على تقوية صلته بالرب - عز وجل - فبالشكر تدوم النعم. وجلالته لم يغفل هذا الجانب المهم حتى في مراسلاته، إذ قال: (من كرم الله). ثم يشير جلالته إلى ما وصل إليه وإلى جلالة الملك عبدالعزيز من مكاتبات أرسلها عيد بن قبلان إلى كل منهما، فيقول: (كتبكم المكرمة الذي لنا ولجلالة سيدي الوالد وصلت)، وهنا يبرز لنا جانب من شخصيته - رحمه الله - من خلال استخدام عبارة سيدي الوالد، وهو بره بوالده جلالة الملك عبدالعزيز، وكذلك التأدب في استخدام الألفاظ نحوه. وقد اتضح لي ما يثبت هذا البر والتأدب الرفيع عندما دعيت لحفل افتتاح ندوة الملك سعود على شرف سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس دارة الملك عبدالعزيز، وبعد أن تجول سموه في المعرض المصاحب للندوة ومعه المدعوون، فقد استوقفني عدد من الصور للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ومعه الملك سعود رحمه الله، وكان من بين أبرز تلك الصور التي لفتت نظري صورة ظهر فيها الملك سعود ممسكاً بيده جهاز المايكرفون للملك عبدالعزيز وهو يخطب, فهذا المشهد يترجم أجمل صور البر رغم وجود موظفين حول الملك للقيام بمثل هذا العمل. ومن خلال تلك العبارة سالفة الذكر نستدل أيضاً على دراية الملك سعود - رحمه الله - بالأمور التي تشتمل عليها تلك الرسائل، كذلك حرص جلالته على العلاقات الشخصية التي تربط جلالته وجلالة الملك عبدالعزيز - رحمهما الله - برجالهم المخلصين، حيث يوجه جلالته أمره إلى المالية بعد أن قال: (أبرك الساعة)، وتشير الرسالة بعد ذلك إلى ما يدل على حرص جلالته ومتابعته وليس الأمر ينتهي عند هذا الحد، فيقول: (إن شاء الله تعرفوننا عن وصولها) وهنا ليطمئن بنفسه عن وصول ما وجه بصرفه، والتأكد من وصوله إلى المرسل إليه عيد بن قبلان ثم يختم الرسالة بالسلام.
رحم الله الملك سعود بن عبدالعزيز رحمة واسعة ورحم الله الملك عبدالعزيز وطيب الله ثراه.. فلهم منا الدعاء ولرجالهم المخلصين.